دبي تواجه الآثار السلبية للدورات الاقتصادية وتقلبات أسعار النفط بتنويع الدخل

TT

قدر تقرير اقتصادي عدد السياح الذين يزورون دبي سنوياً بحوالي 3 ملايين سائح سنوياً. وذكر التقرير ان السياحة تشكل احد المحاور الرئيسية التي تعتمد عليها امارة دبي الى جانب التجارة والصناعة.

وأوضح التقرير ان تنوع البنية الاقتصادية جنب امارة دبي الاثار السلبية للدورات الاقتصادية التي مرت بها دول المنطقة او اثار التراجع في اسعار النفط.

وقال التقرير إن القطاع السياحي ساهم في تعزيز الاداء الاقتصادي للامارة التي يقارب عدد سكانها المليون نسمة، اذ تمتع الاقتصاد بمعدل نمو يتراوح بين 5 و9 سنوياً طيلة السنوات الماضية في الوقت الذي عانت فيه الاقتصادات الاقليمية من تباطؤ في معدلات النمو، كنتيجة لعوامل متباينة من ابرزها تدني الاستثمارات وتقلب اسعار وعائدات النفط.

ويقول مصرفيون ان «المناعة النسبية» التي اكتسبها اقتصاد الامارة ازاء التطورات غير المواتية في اسواق النفط، تعد نتاجاً للسياسة الرامية الى تنويع بنية الاقتصاد بعيداً عن قطاع النفط، وتعظيم مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي.

وقال محمد العبار مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية في دبي «إن ازدهار دبي اعتمد على انتهاج سياسات ترتكز على 3 محاور اساسية، تمثل في الاستثمار الحكومي المكثف في ايجاد بنية اساسية متطورة وتوفير مناخ تشريعي وقانوني ملائم مشجع على جذب الاستثمارات المحلية والاجنبية وبناء علاقة شراكة قوية مع القطاع الخاص».

واضاف انه بفضل هذه المعادلة الاقتصادية اصبحت دبي تتمتع ببنية اساسية حديثة، واصبح اقتصادها اكثر استقراراً وتنوعاً واقل اعتماداً على النفط من اي وقت مضى، بحيث اكتسب مناعة من التذبذبات الحادة في اسعار النفط، مع استئثار القطاعات غير النفطية بالنسبة العظمى من الناتج المحلي الاجمالي.

ويشير مصرفيون الى ان النجاح الذي تمتعت به دبي في مجال تنويع البنية الاقتصادية، دفع دولاً خليجية وعربية الى اقتباس جوانب من تجربة الامارة، ابتداء من انفتاحها التجاري والاقتصادي، وانتهاءً بمهرجاناتها للتسوق والاستعانة بخبراتها في ادارة الموانئ والمطارات.

وقال مصرفي: «حتى السبعينات كانت التجربة الاقتصادية لدول شرق اسيا او ما كان يعرف باسم «النمور الاسيوية» تمثل نموذجاً تسعى العديد من دول الخليج والشرق الاوسط للاحتذاء به، غير ان السنوات الاخيرة اظهرت انه لم تعد هناك حاجة للنظر بعيداً لايجاد معادلة ناجحة للازدهار الاقتصادي، خاصة ان تباين الاوضاع والمعطيات بين منطقة جنوب شرق اسيا والمنطقة العربية يحول دون اقتباس تجربة «النمور» بشكل ناجح، مما يتطلب تطوير معادلة ذات معطيات مختلفة تراعي الخصوصية المحلية والاقليمية، وهو ما يفسر اقبال بعض الدول العربية على الاستفادة من جوانب من تجربة دبي».

ويؤكد مصرفيون ان المبادرات الاستراتيجية التي تطلقها الحكومة بشكل منتظم ساهمت بشكل كبير في تعزيز القدرات التنافسية لدبي، بوجه المنافسة المتصاعدة اقليمياً وعالمياً، وهو ما يفسر اهمية المبادرات الجديدة التي اعلنت عنها الحكومة مؤخراً، ومن ابرزها اقامة المنطقة الحرة للتكنولوجيا والتجارة الالكترونية والاعلام «مدينة دبي للانترنت»، والتي يتوقع ان تتحول الى مركز عالمي بارز لصناعة تكنولوجيا المعلومات والاعلام.

ويؤكد المخططون الاقتصاديون في الامارة بالرغم من انه قد يمضي وقت طويل قبل ان يظهر مركز جديد في المنطقة قادر على تشكيل منافسة للمكانة الاقليمية التي تتمتع بها دبي، الا ان مسيرة ازدهار دبي اعتمدت دوماً على اخذ زمام المبادرة وتبني اهداف طموحة والعمل على تحقيقها.

ويقول محمد العبار: «كما لعبت المبادرات الرئيسية التي اطلقت في السبعينات ومنها على سبيل المثال اقامة ميناء جبل علي وتوسعة ميناء راشد واقامة مركز دبي التجاري العالمي، دوراً حيوياً في ازدهار اقتصاد الامارة وتطوير قدراتها التنافسية، فمن المتوقع ان تساهم المبادرات الاستراتيجية الجديدة، ومن ابرزها المنطقة الحرة للتكنولوجيا والتجارة الالكترونية والاعلام «مدينة دبي للانترنت» في وضع دبي في موقع قوي في السنوات الاولى من القرن الحادي والعشرين كمركز اقليمي للاعمال والصناعة والتوزيع».

وكان الفريق اول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع بدولة الامارات العربية المتحدة، قد عبّر لدى اعلانه عن اطلاق مشروع المدينة عن احد جوانب رؤية الحكومة واستراتيجيتها المستقبلية في هذا المجال بقوله: «ان المميزات التنافسية التي نطمح اليها تتجاوز مفهوم اللحاق بالركب، فنحن نطمح لتحقيق الريادة والتحول من مركز اقتصادي اقليمي الى مركز اقتصادي عالمي، حيث ان الازدهار الاقتصادي الذي ننعم به اصبح يحتاج الى زخم جديد يحد من الاعتماد على الموارد الطبيعية لصالح الاعتماد على عنصر الاقتصاد الخدمي او الاقتصاد الذي يعتمد العناصر البشرية في تحقيق معدلات التنمية التي نطمح اليها».

وقال: «تمثل الانترنت الجهاز العصبي للاقتصاد العالمي الجديد، فهي تغير وسائل الاتصالات التي نعرفها ومفاهيم الاسواق التي اعتدنا عليها، ونحن نرى في هذه التطورات الجديدة فرصة لنعمل على تغيير مفهوم اقتصادنا خلال العقد المقبل، معتمدين في ذلك على قاعدة اقتصادية متطورة تؤهلنا لتحديد اساليب جديدة للتجارة والخدمات تنقلنا الى مرحلة التكامل مع الاقتصاد العالمي».

وتمكنت دبي من ان تخرج بمعادلة تمزج بين التسهيلات الترفيهية التي تلبي متطلبات مختلف افراد العائلة والاسواق والمراكز التجارية الزاخرة بالسلع والبضائع التي تباع باسعار متدنية، والفنادق والتسهيلات السياحية المتعددة، لاجتذاب اعداد متزايدة من السياح، والانضمام الى اكثر المقاصد السياحية جاذبية على مستوى منطقة الشرق الاوسط.

وتعد الطفرة الفندقية في الامارة، من ابرز مؤشرات نمو وانتعاش القطاع السياحي، حيث توجد في الامارات 10 في المائة من مجموع الغرف الفندقية ونحو 9 في المائة من عدد الاسرة الفندقية في منطقة الشرق الاوسط.

وبالاضافة الى الفنادق العديدة المقامة وسط المدينة، شهدت الاعوام القليلة الماضية بروز العديد من المنتجعات الفندقية الجديدة المطلة على ساحل الخليج العربي (من ابرزها فندقا برج العرب الفاخر والجميرا بيتش ذي التصميم الهندسي الفريد) لتوفر للسياح خيارات لم يسبق لها مثيل على مستوى المنطقة، سواء من حيث التنوع او التسهيلات وتميز الخدمات والاسعار.

وقد ساهم تزايد عدد المنتجعات الفندقية المطلة على الساحل في تعزيز جاذبية دبي كوجهة سياحية متنامية الاهمية، خاصة ان هذه المنتجعات تمتاز بكونها توفر تشكيلة واسعة الخيارات الترفيهية للنزلاء ومستوى فريدا من الخدمات.

وفي غضون ذلك تضاعف عدد الفنادق من فئات 4 و3 نجوم، لتتوفر بذلك للزوار خيارات عديدة للاقامة تتناسب مع كافة الميزانيات.

وترافق ذلك مع استكمال البنية السياحية التحتية المتطورة مستكملة لجميع المرافق الحيوية اللازمة لها خاصة مراكز التسوق ذات المستويات العالمية، اضافة الى اقامة مراكز ترفيهية متكاملة لفئة رجال الاعمال.

وقد لعبت السياسة الترويجية لدبي دورها في اجتذاب اعداد متزايدة من السياح، الذين يشكل الخليجيون والاوروبيون النسبة الكبرى منهم.