خطة التنمية السعودية السابعة تهدف إلى القضاء على عجز الموازنة وضخ استثمارات واستحداث 817 ألف وظيفة وتقديم 29 مليار ريال قروضا

TT

كشفت السعودية أمس، بموافقة مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، عن خطة التنمية السابعة (2000 ـ 2005)، وعن أولوياتها الاقتصادية المقبلة، وهي المرحلة التي توصف بأنها (المحك) لقدرة الاقتصاد السعودي على التوافق مع ظروف وتحديات هذه المرحلة ومن ابرزها الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ومتطلبات العولمة الاقتصادية والالفية الثالثة.

ورسمت الخطة التي سبق الاعلان عن أهدافها وخطوطها العامة في أغسطس (آب) 1999 وبدأ تنفيذها في يناير (كانون الثاني) الماضي، الخطوط العامة لمسار الاقتصاد السعودي وقطاعاته خلال الاعوام الخمسة المقبلة، وهي عمر الخطط التنموية، إضافة إلى السياسات التنموية والهيكلية والمالية المنتظر تطبيقها. ومن أبرز هذه الخطوط الوصول الى معدلات نمو للناتج المحلي، القضاء على عجز الموازنة، تخفيف عجز الحساب الجاري وتحويله إلى فائض، استمرار برنامج الاستثمارات، استمرار برنامج الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، واستمرار النمو الايجابي للقطاعات الانتاجية، واستحداث 817 ألف وظيفة وتقديم قروض حكومية بما قيمته 29 مليار ريال. وبدا واضحا أن خطة التنمية السابعة بنت توقعاتها على مؤشرات عديدة، من ابرزها: استمرار التحسن في اسعار النفط وضخ القطاع الخاص مزيدا من الاموال في المشاريع والتوسع في قطاع البتروكيماويات وزيادة وتيرة الصادرات واستمرار الهيكلة الاقتصادية.

وأفصح تقرير وزارة التخطيط أن خطة التنمية السابعة تهدف الى تحقيق معدل نمو سنوي متوسط للناتج المحلي الاجمالى قدره 3.16 في المائة بالاسعار الثابتة وذلك بالتركيز على القطاع الخاص، الذي يتوقع له أن ينمو بمعدل سنوي متوسط قدره نحو 5.04 فى المائة. ويعني ذلك، أن خطة التنمية السابعة تعّول على القطاع الخاص بتولي المبادرة في تحقيق النمو. وهنا توقعت الخطة أن يضخ القطاع الخاص استثمارات قيمتها 478.5 مليار ريال، أي ما يعادل 71 في المائة من اجمالي الاستثمارات خلال نفس المدة، وبدروها ستؤدي هذه الاستثمارات إلى تحقيق معدل نمو حقيقي للاستثمار قدره 6.85 في المائة سنويا خلال مدة الخطة، وبما ينعكس على نسبة الاستثمار في الناتج المحلي الاجمالي من 2.77 في المائة من سنة الاساس إلى 25.5 في نهاية الخطة.

والواضح أن توقعات الخطة السابعة هذه بنيت على اساس القوة الرأسمالية التي يتمتع بها القطاع الخاص السعودي الذي تصل نسبة مساهمته حاليا في الناتج المحلي الاجمالي الى ما يزيد عن 47 في المائة، إضافة إلى توقعات جلب المزيد من الاستثمارات الاجنبية، خاصة بعد صدور نظام الاستثمار الاجنبي وقيام الهيئة العامة للاستثمار.

القطاعات الانتاجية وطبقا لتقرير وزارة التخطيط فإن خطة التنمية السابعة تهدف الى نمو الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي بمعدل سنوي قدره 4.01 في المائة في المتوسط، مما سيؤدي الى ارتفاع نسبة اسهام القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الاجمالي من 68.4 في المائة في سنة الاساس الى 71.6 في المائة نهاية الخطة، وهذا يؤكد خطوة أخرى نحو تعزيز تنويع الاقتصاد الوطني. كما توقعت الخطة أيضا نمو القطاعات الخدمية بمعدل سنوي قدره 3.44 في المائة في المتوسط.

وتناول التقرير نسبة النمو المتوقعة للقطاعات الانتاجية بمعدلات يصل متوسطها الى 3.05 فى المائة في الزراعة، و8.34 فى المائة في قطاعات التعدين غير النفطي، و5.14 فى المائة في الصناعة، و4.62 فى المائة في قطاع الكهرباء والغاز والماء، و 6.17 في المائة في البناء والتشييد، كما ستشهد الصناعات البتروكيماوية والتحويلية الاخرى معدل نمو سنوي قدره 8.29 في المائة و7.16 في المائة فى المتوسط على التوالي. وتشير نسب النمو هذه إلى توقعات بتصاعد الحركة الاستثمارية المستندة إلى قاعدة مصرفية ستمكنها من زيادة قدرتها على منح الائتمان لهذه القطاعات.

عجز الميزانية ومما يلفت النظر أن خطة التنمية السابعة اشارت بقوة إلى رغبة السعودية في تحسين رصيد الحساب الجاري في ميزان المدفوعات وتحويله من عجز إلى فائض خلال عمر الخطة، وهو أمر يعكس رغبة الرياض في دعم استقرار الريال السعودي وتكوين رصيد جيد من العملات الاجنبية. وهنا أوضح تقرير وزارة التخطيط أن الخطة تهدف الى تحسين رصيد الحساب الجاري بميزان المدفوعات وتحويله من عجز يمثل 3 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي في سنة الاساس الى فائض يمثل نحو 6.9 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي في نهاية الخطة. كما تهدف الخطة أيضا الى تخفيض نسبة عجز الموازنة العامة الى الناتج المحلي الاجمالي من نحو 10.8 في المائة في سنة الاساس الى ما يقارب الصفر في نهاية الخطة، وذلك من خلال زيادة الايرادات الحكومية، خاصة غير النفطية، وترشيد الانفاق الحكومي. معلوم هنا أن متوسط عجز الموازنة العامة السعودي إلى الناتج المحلي لا يزال في معدلات مقبولة نوعا ما، إذ تقدر بنحو 3 في المائة تقريبا، وهي نفس المعدلات في بعض الدول الاوروبية. استمرار الرفاه ورغم الاشارة هنا إلى الاتجاه في ترشيد الانفاق الحكومي خلال سنوات الخطة، إلا أن الخطة كشفت عن أن هذا الترشيد لن يمس برنامج الرفاه الاجتماعي في قطاعات الصحة والتعليم، اذ سيتم خلال عمر الخطة افتتاح وتشغيل 29 مستشفى بطاقة 4630 سريرا، والبدء في انشاء 71 مستشفى جديدا بطاقة 8300 سرير، وافتتاح وتشغيل 250 مركز رعاية صحية أولية، وانشاء 17 كلية صحية منها 9 للبنين و8 للبنات، وافتتاح وتشغيل 60 مركزا للاسعاف. وفي قطاع التعليم سيتم انشاء 1111 مدرسة ابتدائية، 819 مدرسة متوسطة، و905 مدارس ثانوية، وافتتاح 10 كليات تقنية و17 معهدا فنيا ثانويا متعدد التخصصات ومعهدين للمراقبين الفنيين، وزيادة الطاقة الاستيعابية للتعليم الفني لتصل الى 55 الف طالب في نهاية الخطة، وتخريج 50 الف طالب خلال سنوات الخطة، واستيعاب حوالي 17 الف متدرب بمراكز التدريب المهني في نهاية الخطة، وتخريج حوالي 46 الف متدرب. كما اكدت الخطة أن الدولة ستضطلع بمسؤوليات بعض مشاريع البنية التحتية، مثل تحلية المياه والصرف الصحي والكهرباء، ومن ابرز هذه المشاريع: استكمال انشاء 3 محطات تحلية جار تنفيذها ومجموع طاقتها 826 الف متر مكعب يوميا، والبدء بتنفيذ 12 محطة جديدة منها 6 محطات صغيرة تتراوح طاقاتها بين 6 الاف و 22 الف متر مكعب من المياه يوميا، والباقي محطات ذات أحجام تتراوح طاقاتها الانتاجية بين 106 الاف و 420 الف متر مكعب من المياه يوميا، وبذلك تصل الطاقة الاجمالية لهذه المحطات الى 2.1 مليون متر مكعب من المياه يوميا. أما مشاريع الصرف الصحي فتشمل: تنفيذ 7.3 الف كيلو متر من شبكات مياه الشرب والصرف الصحي ونحو 300 الف توصيلة منزلية للمياه والصرف الصحي، واستكمال شبكات التوزيع الكهربائية لخدمة 793 الف مشترك جديد، وتنفيذ أكثر من 3.3 الف كيلومتر من شبكات الطرق المختلفة.

الإقراض والعمالة وفي اشارة قوية إلى استمرار برامج الاقراض الحكومية من خلال الصناديق، وهي: الصناعي، العقاري، الزراعي، أكدت الخطة استمرارها، إذ أوضحت أن الخطة تهدف الى اقراض نحو 29 مليار ريال للافراد والمؤسسات من قبل مؤسسات الاقراض الحكومية.

وكما هو متوقع فإن خطة التنمية السابعة أكدت أن الحكومة السعودية ستمضي قدما في برنامج التوظيف وزيادة نسب القوى العاملة السعودية في اجمالي العمالة من 44.2 في المائة الى 53.253 في المائة، من خلال توفير 817.3 الف فرصة وظيفية لتشغيل الداخلين الجدد الى سوق العمل منها 488.6 الف وظيفة بالاحلال محل العمالة غير السعودية.

ويعني استحداث الوظائف الجديدة رغبة الحكومة الجادة في استيعاب طاقات المواطنين من مدخلات التعليم بمراحله المختلفة بهدف القضاء على البطالة التي ارتفعت نسبتها خلال العامين الماضيين مع زيادة تدفق الداخلين إلى سوق العمل. الخطوط العامة وخلال استعراضها لاهداف خطة التنمية السابعة، اعادت وزارة التخطيط شرح الخطوط العامة للخطة، مؤكدة استمرار النهج التنموي في اتباعها لسياسة الاقتصاد الحر في اطار مبادئ الدين الاسلامي، والحرص على الثوابت الاساسية في الحفاظ على القيم الاسلامية والدفاع عن الدين والوطن، والمحافظة على الامن والاستقرار الاجتماعي الى جانب الاستمرار في تنمية امكانيات الانسان السعودي وقدراته باعتباره محور التنمية، فأعطت اهتماما خاصا بتنمية الموارد البشرية وتوفير الفرص الوظيفية الملائمة لها، انطلاقا من حرصها على زيادة مشاركة القوى العاملة الوطنية ورفع كفاءتها لتلبية متطلبات الاقتصاد الوطني واحلالها محل العمالة غير السعودية. وأضاف التقرير أنه اتساقا مع ذلك فقد اهتمت الخطة بتوفير الخدمات التعليمية والاجتماعية والصحية وتدريب الكوادر السعودية التي تعد روافد أساس تعزز القدرات الانتاجية للعمالة الوطنية، وتمكنها من التعامل بكفاءة مع التطورات التقنية فى المجالات المختلفة. كما حرصت الخطة على تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الانتاجية.

كما أكدت الخطة تحقيق توسع مستمر في التجهيزات الاساسية بشكل يتلاءم مع توسع الطلب عليها نتيجة الزيادة السكانية المطردة والاسهام في تهيئة المناخ الملائم لنمو قطاعات الاقتصاد الوطني كافة. كما وجهت الاهتمام نحو صيانة التجهيزات القائمة بهدف رفع الكفاءة التشغيلية للاصول الانتاجية، وذلك لدور الصيانة بشقيها الوقائي والعادي في اطالة العمر التشغيلي وتحسين كفاءة الاداء وزيادة الانتاج وتعزيز التراكم الرأسمالي.

وركزت الخطة أيضا، طبقا لوزارة التخطيط، على أهمية تطوير التنظيم الاداري والمالي واعادة هيكلة أجهزة الحكومة بهدف التحول من استراتيجية التوسع الافقي الى استراتيجية رفع الكفاءة الانتاجية وحسن الاداء لهذه الاجهزة لتحقيق التوسع المطلوب في الخدمات العامة، بهدف تلبية الطلب المتزايد عليها الناجم عن النمو السكاني المطرد والتوسع الاقتصادي بأقل قدر ممكن من التوسع والنمو في الطلب على الموارد المتاحة.

واضاف التقرير أنه من المتوقع أن تشهد فترة الخطة السابعة نموا اقتصاديا معتدلا يتم فى اطاره تعزيز الوضع المالي، وتحسين ميزان المدفوعات، ودعم القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي وتعزيز التغيرات الهيكلية الهادفة الى تنويع القاعدة الانتاجية ومصادر الدخل والايرادات الحكومية وتفعيل برامج السعودة والتخصيص وزيادة الاستثمارات الخاصة الوطنية والاجنبية.

وأفرد تقرير خطة التنمية شرحا مفصلا بأهمية سياسة التخصيص كجزء مهم لتحقيق أهداف تسهم في تهيئة واقع اقتصادي جديد يعتمد بشكل متزايد على حيوية القطاع الخاص ومبادراته في تلبية احتياجات المجتمع والمساهمة فى تنمية الاقتصاد. وأكد التقرير هنا أن سياسة التخصيص، ستحقق اربعة اهداف اساسية للاقتصاد السعودي، وهي: تشجيع رأس المال الوطني والاجنبي للاستثمار محليا، ورفع كفاءة الاقتصاد وزيادة قدرته التنافسية وزيادة فرص العمل للقوى العاملة الوطنية.

وأشار التقرير الى أنه ادراكا للاهمية المتزايدة والدور الحاسم للعلم والتقنية والمعلوماتية في عالمنا المعاصر فقد أولت الخطة اهتماما خاصا بتعزيز التطور التقني وبناء قاعدة وطنية للعلوم والتقنية قادرة على الابداع والابتكار بمشاركة القطاعين الحكومي والخاص، وتتضمن الخطة فى اطار ذلك السياسات الرامية الى تطويع التقنية وتعزيز أنشطة البحث والتطوير فى مختلف القطاعات.

كما أكدت الخطة على الترشيد كأداة عند استغلال الموارد الاقتصادية فى مجالات الانتاج والاستهلاك المختلفة، فالترشيد يقود الى تحقيق الكفاءة الاستثمارية والانتاجية من خلال تقليص الاشكال المختلفة لهدر الموارد المتاحة والطاقات الانتاجية. واهتمت الخطة بانعكاسات المتغيرات الاقتصادية العالمية ومستجداتها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في السعودية، لذا تضمنت الخطة السياسات والوسائل الرامية الى تهيئة الاقتصاد السعودي للتكيف الفعال والمرن مع الاوضاع الاقتصادية الدولية المستجدة، مثل: الانضمام المرتقب لمنظمة التجارة العالمية وما يعقبه من تزايد التفاعل مع منظمومة الاقتصاد العالمي.