400 مليار دولار غير نظيفة تغسل في أسواق العالم

130 مليار تتداول في البورصات العالمية وسعر خدمة غسيل الأموال وصل إلى 25%

TT

أكدت دراسة صادرة عن بنك مصر تنامي ظاهرة غسيل الأموال في العالم، وارتفاع سعر خدمة القيام بتلك العمليات من 6 في المائة في فترة الثمانينات إلى ما يزيد على 25 في المائة حالياً، كما يبلغ حجم ظاهرة الأموال ما بين 5.2 في المائة من مجموع اجمالي الناتج القومي في العالم، وهناك ما بين 300 ـ 400 مليار دولار من الأموال غير المشروعة يتم غسيلها سنوياً على مستوى العالم، أي ما يعادل 8 في المائة من التجارة العالمية.

وأوضحت الدراسة أن عمليات غسيل الأموال تنتشر في دول بها عدة ظواهر منها ازدهار الجريمة المنظمة مثل تجارة المخدرات والتي وصلت قيمتها إلى 800 مليار دولار سنوياً على مستوى العالم، بالإضافة إلى صناعة الجنس سواء التقليدي منه وهو الدعارة أو جنس الانترنت، ومن المعروف أن الأفلام الاباحية تدر نحو 2.5 مليار دولار أميركي سنوياً بينما تدر صناعة الجنس عامة نحو 20 مليار دولار.

كما ترحب تلك الدول بالأموال الساخنة دون الاستفسار عن مصادرها، وتشير الأرقام في بنك التسويات الدولية عن حركة الأموال التي يجري تداولها في الأسواق العالمية إلى أن هناك 80 مليار دولار يتم تداولها يومياً في أوائل الثمانينات، ثم ارتفع إلى 880 مليار دولار في عام 1992، وقفز إلى نحو 1.25 تريليون دولار (1260 مليار دولار)، وتتمتع بتشريعات مالية ومصرفية متساهلة واستقرار سياسي ومالي ومن أكثر الدول شهرة في هذا الاطار روسيا حيث قدرت وزارة الداخلية بها عام 1994 أن نحو 25 في المائة من الدخل القومي الاجمالي الروسي ينشأ من أعمال الجريمة المنظمة، وتشير التقارير الروسية الأمنية إلى أن نحو 5600 مجموعة اجرامية متورطة مبدئياً في عمليات غسيل الأموال وتجارة المخدرات، وقد اغتالت نحو 12 مصرفياً من رجال البنوك الروسية عام 1993 و18 مصرفياً آخرين و94 من رجال المال الملتزمين.

وقالت الدراسة ان النظام المصرفي يعتبر من أهم الوسائل التي يلجأ إليها غاسلو الأموال كقناة لغسيل الأموال الناتجة عن الأنشطة غير المشروعة، ويرى كثيرون من الخبراء أن قوانين سرية الحسابات المصرفية في البنوك ساعدت على اعطاء الفرصة لهؤلاء المجرمين لاستغلالها في غسيل الأموال غير المشروعة، وقد حدثت أزمة في لبنان عام 1956، بسبب مثل هذا القانون، كما تعد سويسرا من أكبر دول العالم التي تهتم بتحقيق السرية الكاملة للحسابات المصرفية، لذلك أصبحت من أهم البلدان التي تعد ملاذاً آمناً لهؤلاء، لذا تصاعدت حملات في بداية التسعينات لتنظيف سمعة البلاد. وفي عام 1991 قامت سويسرا بالغاء بعض الحسابات السرية، المعروفة بـFrom B، كانت تعتبر شكلا من أشكال الحسابات السرية التي يتم ايداع الأموال بموجبها بواسطة المحامين أو الأوصياء كغطاء لغسيل الأموال غير المشروعة، ويقدر دعم الأموال بهذه الحسابات بترليون دولار أميركي، وصدر قانون سرية الحسابات في مصر عام 1990، وهو رقم 205، لكنه سمح في المادة الثالثة منه للنائب العام أو من يفوض من المحامين العامين الأول على الأقل بالاطلاع أو الحصول على أية بيانات أو معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الأمانات أو الخزائن للعملاء.

وأشارت الدراسة إلى أن أسواق المال الدولية تعد واحدة من أهم آليات غسيل الأموال وتقدر نسبة ما يغسل من خلالها بنحو 25 في المائة من اجمالي حجم عمليات غسيل العالم، بسبب سرية التعاملات في أسواق المال، وهو حق توفره جميع البورصات العالمية. ولا يمكن معرفة تعاملات أي عميل إلا بحكم قضائي يوجه للبورصة، فتقوم باعداد بيان احصائي بتعاملات هذا العميل، وبصورة قانونية ومنظمة لا تخضع للاجتهاد أو التجميد. وان كانت البورصات تغسل 130 مليار دولار سنوياً، يتم غسل الباقي من خلال البنوك، وعمليات الغسيل العيني المتمثلة في شركات خاسرة وصور فنية من المعارض العالمية وغيرها.

ويمكن لغاسلي الأموال من خلال أسواق المال تحويل الأموال النقدية إلى أوراق مالية، ثم اعادتها إلى نقود مرة أخرى في فترة وجيزة، وفي مصر نتيجة لنشاط سوق المال منذ عام 1996، فقد قامت الحكومة باتخاذ العديد من الاجراءات لمنع تسرب غاسلي الأموال من دخول سوق المال، حيث تضع عمليات التداول في سجلات، وأصبح لكل بائع ومشتر رقم كودي، وبالتالي لا يستطيع أي مستثمر مصري أو أجنبي إخفاء استثماراته في البورصة خاصة إذا كان الهدف غسيل أموال غير مشروعة.

ومن الملاحظ أن قانون سوق المال رقم 95 لعام 1992 سمح للشركات باصدار حصة قدرها 25 في المائة من رأس مالها في صورة أسهم كاملة، وتعتبر وسيلة للادخار لا يعرف مصدره مما قد يشجع البعض على اساءة استخدامه في غسيل الأموال، لذلك نص القانون على اقتصار التداول بالبورصة على الأوراق المالية الاسمية دون الأوراق المالية مما يؤكد ايجابية الاجراءات لعدم استخدام البورصة المصرية من قبل غاسلي الأموال.