الأمير عبد الله: السعودية تبنت سياسة شاملة للإصلاح الاقتصادي والتخصيص خياراً استراتيجياً

في كلمة تناولت عمق الشراكة التجارية بين الرياض وواشنطن

TT

استقبل الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بمقر اقامته في نيويورك، مساء أمس، رئيس وأعضاء الجانب الاميركي في مجلس الاعمال السعودي الاميركي. وجرى خلال المقابلة استعراض نشاطات المجلس واسهاماته في دعم التعاون بين البلدين في مجال الاقتصاد والاستثمار، وحضر اللقاء الوفد الرسمي المرافق لولي العهد. كما حضر الامير عبد الله بن عبد العزيز، بمقر اقامته في نيويورك، مساء أمس، حفل الاستقبال والعشاء الذي أقامه تكريما له مجلس الاعمال السعودي الاميركي بالتعاون مع جمعية السياسة الخارجية، ومجلس الاعمال للتفاهم الدولي.

وخاطب ولي العهد السعودي، المجلس في كلمة هذا نصها: كم أنا سعيد بوجودي اليوم معكم وكم أتمنى أن يسهم هذا اللقاء في تحقيق فهم أفضل لاوضاع ومقومات الاقتصاد السعودي وامكانياته الكبيرة.

لقد سعت السعودية منذ نشأتها الى الانفتاح على العالم، في ميادين التجارة والاستثمار بدءا بالشراكة الناجحة بين بلدينا في اكتشاف النفط السعودي ومرورا بأول اتفاقية تجارية مع بلدكم الصديق قبل أكثر من خمسين عاما، وانتهاء بدعوتنا للشركات العالمية للاستثمار في تطوير قطاع الغاز والصناعات المرتبطة به والتي جاءت استجابة الشركات وعروضها بهذا الشأن جادة ومشجعة وتبشر بالخير ان شاء الله. لقد تبنت السعودية سياسة شاملة للاصلاح الاقتصادي فاختارت سياسة التخصيص كخيار استراتيجي لتعزيز دور القطاع الخاص وزيادة الكفاءة والانتاجية وتم البدء بتخصيص قطاع الاتصالات رغم أنه الاعلى دخلا للدولة. كما اتخذت الحكومة عددا من المبادرات لترسيخ هذا التوجه منها انشاء المجلس الاقتصادي الاعلى والهيئة العامة للاستثمار والهيئة العليا للسياحة. كما تم اقرار أنظمة جديدة هي نظام الاستثمار ونظام تملك العقار لغير السعوديين ونظام لتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل.

وتم اصدار نظام المرافعات الشرعية الذي ينظم اجراءات التقاضي وفض المنازعات ويجري حاليا دراسة نظام ضريبي جديد، وكل هذه المبادرات والاجراءات تستهدف تحفيز النشاط الاقتصادي وايجاد بيئة استثمار مستقرة.

إننا نعلم أن مسيرة الاصلاح الاقتصادي لن تكون سهلة لكننا عازمون بعون الله وتوفيقه على مواصلتها وتخطي جميع العقبات حتى نصل الى هدفنا المتمثل في تطوير اقتصادنا الوطني وتعزيز قدراته وتهيئته للتفاعل الايجابي مع متطلبات العصر وتحدياته ولن نتراجع عن ذلك بحول الله وقوته.

وأضاف، ان السعودية بما تمثله من ثقل اقتصادي وسياسي وبما لديها من رغبة في التعاون والانفتاح على الاخرين والاندماج في النظام التجاري الدولي تسعى للانضمام لمنظمة التجارة العالمية. وقد قطعت شوطا بعيدا في المفاوضات ووقعت عدة اتفاقيات ثنائية مع عدد من شركائها التجاريين. ونتطلع لابرام اتفاق مماثل في أقرب وقت مع بلدكم الصديق، الذي هو الشريك التجاري الاول للسعودية ونأمل من الاجهزة الرسمية الاميركية المختصة ومن مجتمع رجال الاعمال الاميركي دعم جهودنا لاتمام هذا الانضمام الذي نعلم انه يتطلب منا الوفاء بالعديد من الالتزامات، لكن ايضا من حقنا الحرص على ان يكون هذا الانضمام عادلا ومحققا لمصالحنا الاقتصادية.

ان السعودية بما انعم الله عليها به من ثروات بترولية تستشعر مسؤوليتها تجاه الاقتصاد العالمي ولهذا نهجت على الدوام سياسة بترولية متزنة تلبي احتياجات التنمية الوطنية وتضمن استمرار الامدادات النفطية اللازمة للعالم وهي تعي أن الانخفاض الحاد للاسعار كما حدث قبل عامين وكذا الارتفاع الحاد الحاصل الان كليهما مصدر قلق للمنتجين والمستهلكين على حد سواء.

ان انخفاض الاسعار يؤثر سلبا على الدول المنتجة وعلى حجم الاستثمارات البترولية، وارتفاع الاسعار يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي العالمي وبخاصة في الدول النامية ويؤثر على المدى الطويل على نمو الطلب على البترول. وهنا اؤكد أن السعودية تسعى لضمان التوازن في سوق البترول واستقرار أسعاره وتدرك كذلك أن ذلك يتطلب تعاون كل الدول المنتجة الاعضاء وغير الاعضاء في منظمة أوبك التي يجب عليها تحمل مسؤولياتها لضمان تحقيق السعر المتفق عليه والذي يحقق العدالة للمنتج والمستهلك.

كما لا يفوتني، أن أنوه باهمية الدور المتوجب على الدول المستهلكة التي تمثل ضرائبها الداخلية على البترول عبئا ثقيلا على كاهل المستهلك ويجب عليها اعادة النظر في مستوى تلك الضرائب. وأشعر أنه قد ان الاوان لفتح حوار مسؤول بين المنتجين والمستهلكين للوصول الى تفاهم يؤدي لاستقرار هذه السلعة الاستراتيجية الهامة بما يحقق مصالح الطرفين. وفي الختام أكرر شكري لكم جميعا وأتمنى أن تستمر مثل هذه اللقاءات لما لها من مردود ايجابي على العلاقات الثنائية بين بلدينا، ونظرا لارتباطي بموعد سابق فسأغادر الحفل بعد العشاء مباشرة وأنا متأكد أن لديكم أسئلة عديدة حول ما ذكرت والاخوة الوزراء مستعدون للاجابة على جميع التساؤلات المطروحة.

وكان رئيس الجانب الاميركي في مجلس الاعمال السعودي الاميركي الدكرين جونير القى كلمة في بداية الحفل، رحب فيها بالأمير عبد الله، وشكره على حضوره هذا الحفل، واشار الى ان المجلس منذ قيامه وهو يعمل على تنمية علاقات التعاون بين رجال الاعمال في السعودية والولايات المتحدة الاميركية، واوضح انه يوجد العديد من الفرص المتاحة لرجال الاعمال في البلدين ويجري العمل على انجازها بالتعاون المثمر البناء. واشار الى ان مجلس الاعمال السعودي الاميركي قد اجتمع اول من أمس الثلاثاء وناقش ما سيتم طرحه في اجتماعه القادم في الرياض مبينا ان المجلس يواصل سعية لتنمية التعاون بين البلدين والتعريف بمختلف فرص الاستثمار.

بعد ذلك القى عبد العزيز القريشي رئيس الجانب السعودي في المجلس، كلمة رحب فيها بالأمير عبد الله، نيابة عن مجلس ادارة مجلس الاعمال السعودي الاميركي، وشكره على تلبية هذه الدعوة. واضاف أن مهمة مجلس الاعمال الرئيسية هي تعميق تلك الصداقة من خلال العمل المشترك لتعريف الشركات السعودية والشركات الاميركية على فرص الاستثمار المتاحة واستغلالها سويا. ففي الولايات المتحدة تتجه نشاطات المجلس الى الشركات الاميركية خصوصا الصغيرة والمتوسطة منها لتعريفها بالاسواق السعودية وفرص العمل فيها. واستعرض القريشي نشاطات المجلس خلال السنوات الماضية، وقال لقد قام المجلس خلال السنوات الثلاث الماضية بالمشاركة في عدد من المعارض الرئيسية في أنحاء كثيرة من الولايات المتحدة، مركزا على المعارض الصناعية ذات الاهمية للسعودية، وأوضح أن المجلس يقدم معلومات وافية عن النشاط الاقتصادي في السعودية، عن طريق النشرات الدورية وعلى صفحات الانترنت، ويسعى عن طريق ذلك الى زيادة التوعية بأهمية السعودية لرجال الاعمال الاميركيين كشريك رئيسي في التجارة والاستثمار، كما اصبح المجلس مصدرا مهما للمعلومات الدقيقة والحديثة عن السعودية للباحثين والدارسين في الجامعات وهم الان يساعدوننا على تقديم السعودية الى رجال الاعمال في ولاياتهم وحثهم على زيارة السعودية، واكتشاف فرص العمل فيها.

وأشار الى أنه نتيجة لهذه العلاقة، فقد قامت مجموعة من رجال الاعمال في ولاية فيرجينيا في شهر فبراير الماضي بزيارة للسعودية، وسوف تتم زيارة أخرى لمجموعة من رجال الاعمال من أربع ولايات أميركية فى شهر أكتوبر المقبل.

واوضح، ان المجلس بدأ برنامجا يهدف الى تشجيع الشركات الاميركية الاعضاء في المجلس بتوظيف الطلبة السعوديين خلال اجازات الصيف وتدريب بعضهم بعد تخرجهم داعيا اعضاء المجلس من الشركات الاميركية الى المساهمة في هذا البرنامج للمنفعة الكبيرة التي ستعود على الطلبة والشركات التي سيعملون بها. وقال القريشي، ان مساعينا فى مجلس رجال الاعمال ما كان لها ان تنجح دون وجود المناخ الملائم لنمو القطاع الخاص والذي كنتم القوة الدافعة لاحداث التغييرات اللازمة في الهيكل الاقتصادي والتي اتمنى ان تجعل السعودية اكثر استجابة لمتطلبات الاستثمار سعودية كانت ام اجنبية. وكان ولي العهد السعودي، استقبل لدى وصوله مقر الحفل رئيسي واعضاء الجانبين في مجلس الاعمال السعودي الاميركي والمدعوين للحفل، وحضر حفل الاستقبال والعشاء الوفد الرسمي المرافق لولي العهد.