بعد 40 عاما أوبك لا تطفئ الظمأ النفطي العالمي

TT

لندن ـ رويترز: قبل 40 عاما وفي عصر الوفرة النفطية أعلنت شركة ستاندارد أويل احدى كبرى شركات البترول الاميركية انها قررت خفض أسعار صادرات الشرق الاوسط من الخام. وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للدول المنتجة التي تتحكم في مواردها شركات كبرى مثل ستاندارد أويل وغيرها.

وفي العاشر من سبتمبر اجتمع في بغداد ممثلون لاربع دول تهيمن على 80 في المائة من النفط العالمي: المملكة العربية السعودية والعراق وايران وفنزويلا لانشاء منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك».

وفي أغلب عقدها الاول كانت أوبك على هامش الساحة النفطية بسبب منافسات داخلية وفائض في الامدادات وحصص الولايات المتحدة الاستيرادية وهيمنة الشركات الكبرى على الانتاج.

وقال وزير النفط السعودي السابق أحمد زكي يماني الذي كان أبرز الوجوه في أوبك «في البداية لم تكن أوبك حتى معترف بها في شركات النفط. ولكن الامور تغيرت وسرعان ما أدركوا من نكون». وبعد مرور 40 عاما وخلال فترات من شح او وفرة النفط تذكر «أوبك» العالم بهدف أساسي.. على الغرب ان يدفع أكثر.

ورغم ان سعر برميل النفط حاليا 30 دولارا فانه لا يزال بعيدا عن ذروة نهاية السبعينات حينما بلغ 70 دولارا للبرميل بعد ثورة ايران الاسلامية عام .1979 ورغم ان أوبك ودعت عهد المواجهات فان البعض لا يزال يتوق لتكرارها.

وفي جو يجمع بين مواقف سياسية تقليدية ومخاوف من هبوط أسعار النفط فانه غير متوقع ان يستطيع الوزراء عند اجتماعهم يوم الاحد أن يفعلوا الكثير لتجنب تذمر المستهلكين في الشتاء المقبل.

وتريد فنزويلا بقيادة الرئيس هوجو شافيز ضابط المظلات السابق اسعارا مرتفعة وهيبة لمكانتها النفطية عند استضافتها لقمة أوبك هذا الشهر. وفي ظل ثورة ضد أسعار الوقود في فرنسا وشكاوى رسمية من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان يكون شافيز قد حقق بغيته.

ورغم ان اقتصاديين يتوجسون خيفة من أن صعود أسعار النفط قد يشعل شرارة كساد عالمي مماثل لما حدث في السبعينات فان العالم الان في وضع أفضل بكثير لمواجهة أي أزمة جديدة.

وبكل تصميم يرفض الغرب ان يقع أسير أزمة اخرى ولذلك يستثمر بكثافة في نفطه. اخترعت الشركات المتعددة الجنسيات التي رحلت بعد تأميمات دول أوبك لصناعاتها النفطية تكنولوجيا جديدة لخفض نفقات استخراج الخام من مناطق مثل بحر الشمال.

كما لجأت دول لا تنتج نفطا الى المفاعلات النووية للحصول على حاجتها من الطاقة وأيضا تنامي استخدام الوقود النظيف مثل الغاز، وبات المستهلكون أكثر كفاءة في الاقتصاد في استهلاك الوقود.

وبينما تهيمن أوبك على الامدادات فان شاشات التعاملات المالية تحدد اتجاهات السوق. وتوجه أوبك اللوم في ارتفاع الاسعار على الضرائب والتكهنات الجامحة.

في أوروبا تشكل الضرائب نحو 80 في المائة من سعر البنزين. في بريطانيا يتكبد المستهلك 190 دولارا ثمن برميل البنزين في محطات الوقود بينما يبلغ سعره 40 دولارا عند بوابة المصفاة.

وسئل الامين العام لاوبك ريلوانو لقمان هل يمكن ان تجفف المنظمة دموع سائقي السيارات فأجاب قائلا «أحرى بهم البكاء عند محطات البنزين وليس بسبب أوبك. يجب عليهم النحيب لان حكوماتهم تفرض ضرائب باهظة على النفط».

وهبوط المخزونات الى مستويات قياسية يعني أن أوبك فقدت السيطرة على السوق في فصل الشتاء المقبل في نصف الكرة الغربي. وسيستمر ارتفاع الاسعار خلال 2001 . وكما سببت وفرة الخام في 1998 وتدني أسعاره الى الازمة الحالية فان تواصل صعود الاسعار سيؤدي الى هبوط جديد.

ويعتقد يماني أن تكتيك أوبك الحالي سيؤدي الى نتائج سلبية، وقال ان ارتفاع أسعار النفط في السبعينات كان خطأ فادحا. كانت أوبك تشكل 70 في المائة من الانتاج العالمي وتدنت الى 30 في المائة. ويتفق أغلب الكبار في صناعة النفط مع هذا. وبينما ستظل اسعار الخام مرتفعة خلال الستة أشهر القادمة فانها ستكون مغنما على المدى القصير وغرما على المدى الطويل. كما يتفق مارك مودي ستيوارت رئيس شل مع يماني. ويعني استخدام تكنولوجيات انتاج جديدة امكانية الحصول على احتياطي بسعر 12 دولارا أو أقل للبرميل وهذا سيؤدي الى هبوط الاسعار عاجلا وليس اجلا.

وقال «عندما بدأت أوبك خفض الاسعار في 1998 كانوا يأملون في 18 دولارا للبرميل وارتفع الهدف الى 21 دولارا ثم 25 ثم 28 والان 30 دولارا. هذا ليس سيئا ولكنه لن يستمر طويلا».