النفط يحدث ربكة لحكومات الغرب وشركات تطرح طاقة الزنك كبديل

صدام يصب الزيت على الأسعار باتهامه الكويت بسرقة النفط العراقي

TT

النفط يعود للاشتعال مرة أخرى ويزيد من ربكة الحكومات الغربية والاقتصاديات الصناعية الكبرى في وقت حسب فيه الاقتصاديون أن العالم حل أغلب مشاكل المال والسياسة ويتجه إلى دورة انتعاش ثابتة في القرن الحادي والعشرين. المفاجأة تأتي هذه المرة مغايرة لكل الحسابات من حيث يرتفع النفط إلى أعلى مستوياته السعرية في وقت تنتج فيه «أوبك» بطاقاتها القصوى ويرتفع انتاجها إلى أعلى مستوياته منذ عشرين عاماً، ولكن في ذات الوقت يرتفع الطلب العالمي على الوقود فوق كل التوقعات. ولم تعد هنالك طاقة فائضة غير طاقة النفط السعودية وإلى حد ما الإماراتية يعول عليها في لجم حصان الأسعار الجامح.

وفي ظل تزايد موجة الاحتجاجات والاضرابات في مدن العالم على غلاء أسعار الوقود والمطالبة بخفض الضرائب يدخل الرئيس العراقي صدام حسين على الخط ويصب زيتاً جديداً على اشتعال الأسعار بإعلانه أن الكويت تسرق النفط العراقي وهي ذات الحجة التي استند إليها قبل عقد من الزمان لغزو الكويت، لتعود أسعار النفط إلى الارتفاع مرة أخرى فوق 33 دولاراً لبرميل برنت وفوق 35 دولاراً لبرميل خام غرب تكساس الأميركي بعد فترة الهدوء النسبية التي شهدتها الأسعار خلال اليومين الماضيين.

أمام هذه الأسعار المرتفعة وما تبعها من ارتباك سياسي واقتصادي بدأت رحلة البحث عن بديل للنفط في توليد الطاقة حيث أعلنت شركة ريفيو لأبحاث الزنك في أميركا ان الزنك قادر على بعث طاقة قد تضيء مدن العالم وتحل محل أنواع الوقود الغالية الملوثة للبيئة.

وقال ساديج فاريس إن شركته توصلت إلى أسلوب رخيص وعملي وغير ملوث للبيئة لاستخراج الطاقة من الزنك، وأعدت سلسلة من العروض لكيفية إمداد السيارات وشبكات الكهرباء وكل شيء من التليفونات المحمولة إلى أجهزة التسجيل بهذه الطاقة الجديدة.

وأضاف فاريس «تخيلنا وقوداً مثالياً وهذا هو أقرب ما تم التوصل إليه».

ورغم أن هذه الجهود قد تبدو بعيدة التحقق إلاّ أنها تأتي في إطار اتجاه متنام للبحث عن مصادر طاقة بديلة بدأ عندما أخذت أسعار النفط في الارتفاع إلى مستويات قياسية جديدة بعد أن خفض منتجو أوبك انتاجهم.

ومنذ أن اتخذت منظمة البلدان المصدرة للبترول مبادرة خفض إنتاج النفط عام 1988 ارتفعت أسعار النفط لأكثر من ثلاثة أمثال مستواها السابق إلى نحو 35 دولاراً للبرميل مما ألقى الضوء على مدى اعتماد العالم على المنظمة ومما زاد من أهمية جدل أنصار البيئة المناهضين لمصادر الوقود الأحفورية.

وتقول ريفيو إنها تلقت أكثر من 70 مليون دولار لمشروعها لاستخراج الطاقة من المعدن من شركات كبرى مثل «نياجرا موهاوك باور» وأن لديها التمويل الكافي لمدة عام آخر على الأقل، وتتوقع الشركة كذلك أن عروضها ستجتذب تمويلاً جديداً.

وقال أشار خان نائب رئيس الشركة «العروض التوضيحية هي أولويتنا الأولى الآن إذ أن هذا هو ما سيحول حلمنا إلى حقيقة.. هذه التكنولوجيا ستتحدث عن نفسها».

وفي مكتب ريفيو قام دوجلاس ويلش مدير التطوير بملامسة سلكين بشريحة معدنية ووصلهما بعجلة فدارت العجلة بسرعة مستمدة طاقتها من الشريحة.

وقال ويلش «عندما يلف الناس طعامهم في هذه الرقائق المعدنية لا يتصورون أنها تحمل طاقة. يمكنك تشغيل تليفون محمول لساعات طويلة بهذا».

ولا تتطلب هذه التكنولوجيا حرارة ولا تنتجها أيضاً ويمكن أن تصمم بحيث تمد الطاقة إلى أي شيء من السيارات إلى المباني الشاهقة.

والمنتج الثانوي الوحيد لها هو ثاني أكسيد المعدن المستخدم وهي مادة صلبة غير ضارة يمكن بسهولة تحويلها إلى معدن. وعلى الرغم من أن شركات عديدة منها جنرال موتورز عملت على تطوير هذه التكنولوجيا منذ الثمانينات إلاّ أن المليارات التي أنفقت عليها لم تسفر عن تطويرها بحيث تطرح في الأسواق بسبب انخفاض كثافة الطاقة وقلة كفاءتها.

وقالت الشركة إنها ستختبر سيارة تعمل بطاقة المعدن خلال الأسابيع القليلة المقبلة بقيادتها من ديترويت إلى نيويورك.

عاودت اسعار النفط التحليق امس الجمعة بعد تزايد التوتر بالشرق الاوسط وتحذير الولايات المتحدة للعراق من احتمال لجوئها للقوة العسكرية ان هو هدد الكويت. وفي اوروبا عاد المتظاهرون البريطانيون والبلجيك الى بيوتهم بعد احتجاجات على ارتفاع اسعار البنزين استمرت اياما مما شل الحركة فعليا في كلا البلدين.

غير ان غضب سائقي الشاحنات من ارتفاع الاسعار استمر في المانيا واسبانيا وايرلندا وهولندا، وقالت حكومات في الغرب انها ستسعى لاقناع منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» ببذل المزيد لتهدئة اسعار النفط.

وفي لندن ارتفع سعر تعاقدات برنت الاجلة 71 سنتا الى 33 دولارا للبرميل بينما ارتفعت تعاقدات الخام الاميركي الخفيف 59 سنتا الى 34.66 دولار للبرميل.

وبحلول الساعة 11 بتوقيت جرينتش بلغ سعر برنت في عقود نوفمبر (تشرين الثاني) 32.80 دولار للبرميل بزيادة 51 سنتا عن مستوى الاغلاق اول من أمس. وقفز السولار 6.50 دولار ليصل الى 317.75 دولار للطن.

وفي سنغافورة ارتفعت اسعار النفط الخام فى اسواق اسيا صباح امس الجمعة. وبيع النفط المرجعي عند الساعة 02.20 ت غ بـ34.40 دولار للبرميل اي بارتفاع 33 سنتا عن اقفال اول من امس الخميس. وتتراوح الاسعار بين 34.44 و34.10 دولار للبرميل بعد ان بدأت عند الافتتاح بـ34.18 دولار.

وقال متعاملون ان مما فاقم الزيادة في اسعار النفط خطر اجتياح اعصار لمنطقة خليج المكسيك وهو مصدر 20 في المائة من انتاج النفط الاميركي و25 في المائة من انتاج الغاز الطبيعي بالولايات المتحدة. وأشارت توقعات المركز الوطني للاعاصير بالولايات المتحدة الى ان عاصفة استوائية فوق شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية ستنتقل الى خليج المكسيك ثم تتحول الى اعصار خلال الايام الثلاثة المقبلة.

وعادت الاسعار لتقل بفارق دولار واحد عن مستوى 35.85 دولار للبرميل الذي بلغته الاسبوع الماضي ولم تشهده منذ ازمة الخليج 1990/1991.

وجاء الارتفاع الاخير في الاسعار بعد ان اتهم العراق الكويت امس بالاستيلاء على النفط من حقوله الجنوبية وهدد باتخاذ تدابير مناسبة. ونفت الكويت هذه المزاعم وقال وزير خارجيتها الشيخ صباح الاحمد الصباح لرويترز «لم نسرق شيئا. عندما يأخذ المرء شيئا من أرضه المملوكة له فان ذلك لا يمكن أن يكون سرقة».

واعلن العراق مزاعم مماثلة قبل تحركه لغزو الكويت في الثاني من اغسطس (آب) 1990 مما ادى لنشوب حرب الخليج وفرض عقوبات دولية على العراق. وقالت اوبك اول من امس انها تعرض في الاسواق كميات نفط تزيد عن الاحتياجات العالمية غير انها ربما تزيد الانتاج مرة اخرى اذا استدعى الامر.

واشار محللون الى ان المنظمة تضخ كميات اكبر من اي وقت خلال العشرين عاما الماضية، وان السعودية وحدها بين اعضاء اوبك هي التي تملك فائضا في الطاقة الانتاجية يتيح لها زيادة الانتاج. ومع ارتفاع الاسعار مرة اخرى واصلت البلدان المستهلكة الاصغر حساب تكلفة تصاعد فواتير الطاقة. وبدأت الحكومة المغربية سلسلة اجتماعات لاتخاذ خطوات لتخفيف التأثير السلبي لارتفاع اسعار النفط على اقتصاد البلاد. وقالت كوستاريكا ان فاتورة وارداتها النفطية ربما تقفز 130 مليون دولار مقارنة مع مستويات العام الماضي.

وحذر صندوق النقد الدولي اول من امس من ان ارتفاع اسعار النفط يشكل خطرا على توقعات الاقتصاد العالمي العام المقبل. وقال ان سعر 30 دولارا للبرميل ربما يخفض معدلات النمو بما يتراوح بين 0.3 و0.5 في المائة.