تدهور اليورو يضع الشركات الأميركية في مأزق

تراجع الأسهم العالمية وسط مخاوف التضخم

TT

تراجعت الاسهم العالمية امس متأثرة بمخاوف التضخم بعد عودة اسعار النفط للارتفاع مرة اخرى فوق مستوى 34 دولارا وانعكاسات ذلك على مؤشر الاسعار الرئيسية للسلع الاستهلاكية. جاء ذلك في وقت تواصل فيه تدهور اليورو وبدأت اثار ذلك تنعكس على الشركات العالمية الكبرى التي تتعامل في تجارتها مع دول المجموعة الاوروبية. وتعاني العديد من الشركات الاميركية التي تنشط في القارة القديمة من تداعيات تدهور قيمة اليورو الذي يذهب بارباحها ويجعل منتجاتها اكثر كلفة للاوروبيين.

والضحية الاخيرة هي شركة «كولغيت ـ بالموليف» التي تحقق حوالي خمس مبيعاتها في اوروبا. وقد تدنت قيمة سهمها 14في المائة امس الاول بعد تحذير احد المحللين من الانعكاسات السلبية لانخفاض العملة الاوروبية الموحدة على مبيعات الشركة.

وكانت مجموعة مطاعم ماكدونالدز التي يتركز ربع اعمالها في اوروبا قد اضطرت الاربعاء الى الاعتراف بان ارباحها تتآكل اكثر مما كانت تتوقع نتيجة انخفاض قيمة اليورو والجنيه الاسترليني. وقد قارب سعر سهمها يوم الخميس ادنى مستوى له خلال العامين الاخيرين.

وتوقع تدني الارباح ليس مفاجئا. فاليورو لم يتوقف عن الانخفاض في مقابل الورقة الخضراء. وبعدما بدأ السنة بقيمة مساوية تقريبا (1.0068 دولار) وصل في بداية الاسبوع الى 0.86 دولار.

ويتوجب على اي شركة تريد نقل ارباحها الى الولايات المتحدة ان تحولها الى دولارات، حاصلة على مبالغ اقل في كل مرة وفقا لانخفاض العملة الموحدة. وبعدما كانت تحصل على مائة دولار في مقابل مائة يورو في مطلع العام لم تحصل أول من امس الخميس سوى على 86 دولارا.

وليست «ماكدونالدز» و«كولغيت ـ بالموليف» الشركتين الوحيدتين، فالظاهرة تطال شيئا فشيئا كبريات الشركات الاميركية. فشركة «دوبون» الكيميائية، وكوكا كولا كبرى شركات المشروبات الغازية في العالم، ومجموعة «هانيويل» الصناعية او حتى صانع الكاتشاب «هاينز» جميعها تعاني من هذا الوضع.

اما عملاقة المعلوماتية «اي بي ام» التي حققت جزءا كبيرا من مبيعاتها في اوروبا فستتدنى ارباحها في الفصل الثالث الى 6.7 في المائة بمقابل 10.3 في المائة اذا ما حافظ اليورو على سعره الحالي، حسبما اكد مصرف «غولدمان ساخس».

وهناك لا شك عوامل عديدة في الاسواق المصرفية تسمح بحماية تقلبات اسعار الصرف، لكنها مكلفة في الغالب. وعلى اي حال فان وتيرة انخفاض اليورو السريعة فاجأت من دون شك معظم المديرين الماليين.

واوضح «بيتر هوبر» كبير الاقتصاديين في «دويتشي بنك» في نيويورك ان قدرة الشركات الاميركية التي تصدر منتجات الى اوروبا على المنافسة تدنت كثيرا ايضا لان اسعار سلعها ترتفع اكثر فاكثر.

غير ان التأثير الحاصل على مجمل الاقتصاد الاميركي محدود. واعتبر هوبر انه «قد يحصل هناك تباطؤ في نمو الصادرات الى اوروبا التي تمثل سوقا مهمة بالنسبة الى الولايات المتحدة». لكنه اوضح ان هناك اسواقا اخرى باتت مفتوحة في الوقت نفسه مع انخفاض قيمة الين مثلا.

ورأى ان ارتفاع اسعار النفط كان له تأثير اكبر على مجمل الاقتصاد.

لكن «ديلوس سميث»، الاقتصادي في مؤسسة «كونفرنس بورد» الخاصة، يقلل من اهمية الصدمة الاقتصادية معتبرا انه «من كل النواحي لن يكون هناك فارق كبير».

لكن هناك تاثيراً غير مباشر على الشركات الاوروبية. فضعف اليورو يجعلها رخيصة بالنسبة لاي مؤسسة اميركية ترغب في شرائها.

وذكر هوبر بانه في «الماضي عندما حصلت حركات واسعة في سوق العملات رأينا هذا النوع من الردود».

وفي نيويورك تراجعت اسعار اسهم شركات التكنولوجيا عند الفتح يوم أمس بسبب قلق المستثمرين من احتمال تراجع ارباح الشركات وشعورهم بخيبة امل لمستوى الارباح الذي حققته شركة اوراكل كورب لبرامج الكومبيوتر.

وتراجع مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه اسهم شركات التكنولوجيا 37.68 نقطة او 0.96 في المائة الى 3876.18 نقطة بعد هبوط سهم اوراكل 16/1 4 دولار الى 4/3 80 دولار.

لكن مؤشر داو جونز الصناعي للاسهم الممتازة زاد 4.81 نقطة اي بنسبة 0.04 في المائة الى 11092.28نقطة فيما تراجع مؤشر ستاندرد اند بورز الاوسع نطاقا والمؤلف من 500 سهم 3.73 نقطة او 0.25 في المائة الى 1477.14 نقطة.

وقالت الحكومة الاميركية في تقريرها الصادر يوم أمس الجمعة ان اسعار السلع الاستهلاكية في الولايات المتحدة تراجعت في اغسطس (اب) على غير المتوقع بسبب هبوط اسعار الطاقة.

ويقدم التقرير صورة حميدة للضغوط التضخمية في اكبر اقتصاد في العالم.

وذكرت وزارة العمل الاميركية ان مؤشر اسعار المستهلكين وهو اوسع مقياس للتضخم في البلاد تراجع بنسبة 0.1 في المائة في اغسطس في اعقاب ارتفاعه بنسبة 0.2 في المائة في يوليو (تموز).

لكن مع استبعاد اسعار الطاقة والمواد الغذائية وهما المكونان الاكثر تقلبا في المؤشر يكون المؤشر قد ارتفع بنسبة 0.2 في المائة وهو نفس الارتفاع الذي سجله في الشهر السابق.

وقال التقرير ان اسعار الطاقة تراجعت بنسبة 2.9 في المائة في اغسطس وقاد هذا التراجع هبوط في اسعار البنزين بنسبة ستة في المائة.

ورغم انه من المؤكد ان هذا الامر سيثير بعض الارتياح لدى مجلس الاحتياطي الاتحادي «البنك المركزي الاميركي» الحريص على مكافحة التضخم الا ان هذا الارتياح قد يكون مؤقتا بعد ان قفزت اسعار الطاقة في الاسابيع القليلة الماضية ومازالت عند اعلى مستوياتها في عشر سنوات.

وقال التقرير ان اسعار النقل انخفضت بنسبة 1.1 في المائة في اغسطس رغم زيادة في اسعار الطيران بنسبة 1.5 في المائة.

وأظهرت المكونات الرئيسية الاخرى في التقرير مثل المواد الغذائية والاسكان والرعاية الصحية ارتفاعات متواضعة في اسعارها.