دراسة: 100 مليون دولار حجم المبادلات التجارية الإلكترونية العربية

التجارة الإلكترونية وسيلة مبتكرة لإنعاش المبادلات العربية ومفتاح النفاذ للأسواق العالمية

TT

قدر مجلس الوحدة الاقتصادية العربية حجم المبادلات التجارية العربية عبر الانترنت «التجارة الالكترونية» بنحو 100 مليون دولار مقارنة بنحو 74 مليار دولار على المستوى العالمي، متوقعا ان يقفز حجم التجارة الالكترونية عالميا الى نحو 1234 مليار دولار بنهاية عام 2002 وذلك في ظل سعي الكثير من دول العالم الى تعظيم دور هذا النظام من التجارة المتطورة خاصة بعد تطبيق اتفاقية الجات وسقوط الحواجز الجمركية والقيود والضرائب ذات الاثر المماثل على المبادلات التجارية الخارجية.

واشار المجلس في دراسة عن التجارة الالكترونية في المنطقة العربية الى أن التجارة عبر الانترنت باتت تمثل مفتاح التصدير العربي في المستقبل وكذلك وسيلة مبتكرة ومتطورة لتجاوز كل القيود والعقبات التي تحول دون انعاش المبادلات التجارية البينية العربية التي مازالت لا تمثل سوى 10 في المائة من اجمالي حجم التجارة العربية الخارجية البالغة نحو 300 مليار دولار مشددا على اهمية اسراع الدول العربية بالانضمام لمجال التجارة الالكترونية وموضحا ان شبكة الانترنت ستلعب دورا اساسيا في هذه التجارة وستتحول الى آلية مضمونة وسريعة لاتمام جميع العمليات الاقتصادية من مفاوضات وتخطيط وصفقات وبيع وشراء وتسويق وبحوث ودراسات جدوى وتبادل للأوراق المالية وتسهيل انتقال الاموال وتدفقها.

وطالبت الدراسة الدول العربية بالبدء في تغيير المفاهيم والآليات التجارية الحالية بمؤسسات الدولة العامة والخاصة وتهيئة المناخ لدخول مجال التجارة الالكترونية، موضحة ان الشركات العالمية والتكتلات الاقتصادية المختلفة تخوض حاليا سباقا محموما لحجز موقع متميز على شبكة الانترنت لتدشين تعاملها باسلوب التجارة الالكترونية الذي يوفر الجهد والمال ويمتلك القدرة على التغلغل واختراق كل الاسواق دون الحاجة لأساليب التسويق التقليدية المعمول بها حاليا.

وتعرف الدراسة التجارة الالكترونية بأنها أسلوب جديد يستخدم في شبكة الانترنت ويقدم ثلاثة انواع مختلفة من الصفقات أولها تقديم خدمات الانترنت نفسها وشرح طريق الوصول لهذه الشبكة بالنسبة لرجال الأعمال المستهلكين والثانية التسليم الالكتروني للخدمات بما يعني تسليم صفقات المنتجات الخدمية للمستهلك في شكل معلومات رقيمة، والثالثة استخدام الانترنت كقناة لتوزيع الخدمات حيث يتم شراء السلع عبر الشبكة مشيرة الى ان التجارة الالكترونية تتيح مجالات متعددة للمنتجين ورجال الأعمال فتسمح للمنتجين بعرض كل منتجاتهم وتمنح المستهلكين والعملاء فرصة سهلة وميسورة وسريعة للحصول على السلع والخدمات المعروضة في مختلف الاسواق العالمية حيث يمكن اعداد صفحات على شبكة الانترنت تعرض فيها المؤسسات والشركات والدول منتجاتها وخدماتها والفرص الاستثمارية المتاحة والمشروعات المطلوب المشاركة في تمويلها وذلك دون حاجة لتحمل تكاليف سفر واقامة وفود تجارية ورسمية لعرض تلك المشروعات في الخارج، موضحة ان وسيلة التجارة الالكترونية تستطيع النفاذ والوصول لمعظم رجال الاعمال والمؤسسات والشركات في مختلف انحاء العالم بينما لن تتمكن الوفود والبعثات التجارية من تحقيق هذه الميزة الا في فترة زمنية طويلة وتكاليف باهظة.

واضافت أن العالم العربي يمكنه ممارسة مجالات اقتصادية متعددة من خلال التجارة الالكترونية اهمها الخدمات المصرفية حيث يعتبر اتمام الخدمات المصرفية الكترونيا من افضل المجالات التي تتم من خلال التجارة الالكترونية، مشيرة الى أن معظم المصارف والبنوك العالمية تتبنى الاسلوب الالكتروني في تنفيذ معظم صفقاتها واعمالها المالية، وان البنوك التي مازالت تقدم خدماتها المصرفية بشكل مباشر وتقليدي لن يستطيع الاستمرار في هذا الاسلوب لفترة طويلة لاسيما ان تكلفة الطرق التقليدية في ممارسة مهام العمل المصرفي يوازي نحو مائة ضعف نظيرتها التي تستخدم التجارة الالكترونية عبر الانترنت.

وأوضحت الدراسة ان استعادة التجارة العربية من تبني التجارة الالكترونية لن يقتصر على تسهيل الخدمات المصرفية حيث يمكن من خلال هذه الوسيلة تقديم الخدمات المتخصصة التي تسهل جميع انواع الاستشارات في المجالات العقارية والمحاسبية خاصة ان هذه الخدمات الضرورية اصبحت متاحة وبشكل كبير عبر الانترنت، كما ان وصول الانترنت للافراد والشركات الصغيرة خلال السنوات القليلة المقبلة سيضاعف من قدرتها التسويقية ويساند الاعمال التجارية الصغيرة على المنافسة في الاسواق العالمية، وحددت الدراسة نوعين من المنتجات أولهما يمكن تسليمها الكترونيا كالخدمات المتخصصة، والثانية يتم طلبها وتسديد ثمنها على الخط ولكن تسلم للمستهلك بشكل ملموس موضحة أن شراء السلع بهذه الطريقة لا يختلف عن طلب السلع ودفع ثمنها بالتليفون أو البريد وكذلك فإن السلع المطلوبة التي يتم استيرادها تخضع للتعريفات المفروضة ويالالتزامات الاخرى الواردة في اتفاقية منظمة التجارة العالمية.

واكدت الدراسة ان تنامي الاعتماد على الكومبيوتر بنسبة تتجاوز 25 في المائة سنويا في الوطن العربي، وانتشار اجهزة الحاسب الآلي المتطورة سيساهم في زيادة رقعة الاسواق التي يمكن التصدير اليها وتنوع هيكل الصادرات العربية ومضاعفة حصة السلع الصناعية والزراعية، وانه بفضل هذه الاجهزة المتقدمة لن تكون سوق التجارة الخارجية قاصرة على منطقة جغرافية معينة وتستطيع التحرك بحرية في كل اسواق العالم الامر الذي يضاعف فرص الحصول على حصة كبيرة من النقد الاجنبي، معتبرة ان القطاع المصرفي العربي يتصدر قائمة القطاعات الاقتصادية من حيث القابلية والقدرة على التأقلم والتكيف مع التطورات الحديثة التي تمس الاقتصاد ومنها التجارة الالكترونية وذلك لمرونته وكونه حلقة اتصال وممول رئيسي لكل الانشطة الاقتصادية وتحركات الاستثمار، موضحة ان التطور المتزامن مع التوسع في تطبيق التجارة الالكترونية سيحدث تطورا مماثلا في طبيعة حركة التجارة الداخلية والخارجية والدولية تؤدي لتغير هيكل العملاء الامر الذي يعني عدم جدوى الاساليب المصرفية التقليدية المستخدمة في معامل التجارة الخارجية ويحتم ضرورة تطويرها بما يتلاءم مع الاوضاع والمتغيرات الجديدة في ظل نمو ظاهرة الاسواق الشاملة والتكتلات الاقتصادية.

واضافت ان المصارف والبنوك العربية التي تجاوز عددها حوالي 343 بنكا ومصرفا عاما واستثماريا خاصا ومتخصصا تمثل العمود الفقري لهيكل الاقتصاد العربي الذي يصل ناتجه المحلي الى 589 مليار دولار وعليها ان تبادر بادخال هذه النوعية من التجارة كمحاولة منها لزيادة حجم التجارة العربية البينية التي لم تتجاوز 30 مليار دولار سنويا وكذا حجم الاستثمارات المتبادلة الذي تجمد عند 3 مليارات دولار سنويا، مؤكدا ان شريحة معقولة من البنوك العربية باتت تمتلك مواصفات البنوك العصرية الشاملة بينما لاتزال الاغلبية بحاجة لاعادة نظر مشيرا الى ان تنمية التجارة الالكترونية عربيا يتطلب من البنوك القيام بدور فعال في عنصرين اساسيين اولهما الفهم والاستيعاب التام لمفردات هذه التجارة من اجل استخدامها بفاعلية، وكذلك تحديث خدماتها بما يتلائم مع المتغيرات الجديدة وزيادة فعاليتها المحلية والاقليمية والدولية من اجل تلبية احتياجات العملاء وتقديم الخدمة ذات النوعية الافضل والتكلفة الاقل والسرعة المناسبة بالاضافة الى تكوين شبكة مصرفية عربية متطورة تكون بمثابة جسر الكتروني بين البنوك العربية من جهة وبين الشركات والعملاء من جهة اخرى.

وشددت الدراسة على اهمية تخلص البنوك من أدائها النمطي التقليدي والتعامل مع التجارة الالكترونية باعتبارها تجارة المستقبل والوسيلة التي قد تنجح في ازالة قيود التجارة البينية العربية من جمارك وحدود وضرائب وقوانين بيروقراطية وتمنح رجال الاعمال ورؤوس الاموال والاستثمارات الحرية التي تحلم بها لتفعيل التعاون الاقتصادي العربي، مؤكدة ان الطفرة التي لحقت بالانظمة المالية الالكترونية على مستوى العالم تحتم على القطاع المصرفي العربي المبادرة بادخال هذه الانظمة والتوسع في استخدامها لاسيما ان صناعة الوساطة المصرفية اصبحت تأخذ في جزء منها ترتيبات التجارة الالكترونية من خلال شبكة الانترنت وعمليات الدفع وخدمات المقاصة الالكترونية في اطار المتغيرات العالمية ونمو الاسواق الالكترونية.

وتوقعت الدراسة ان يكون لنمو الانظمة المالية الالكترونية دور مباشر في تغيير انماط التعاملات داخل الاسواق العربية وانها ستؤدي لاتساع نطاق المعاملات التجارية خاصة بعد دخول التجارة الالكترونية على شبكة الانترنت الدولية وامكانية التعامل بين التجار والموارد من خلال هذه الشبكة بكل سرعة ودقة حيث يقوم التاجر باختبار المواصفات المطلوبة للسلعة التي يرغب في شرائها من الانترنت ثم يتصل بالمورد من خلال عنوانه المدون بالشبكة ويعقد معه الصفقة وبعدها يخصم المورد قيمة الصفقة من حساب التاجر ويتم ارسال البضاعة حسب الاتفاق دون حاجة لانتقالات واجتماعات ومفاوضات ومراسلات عديدة.

وحسبما ترى الدراسة فإن شبكة معلومات التجارة العربية التي انشئت عام 1990 من خلال برنامج تمويل التجارة العربية بالتعاون مع الأمم المتحدة ومركز التجارة الدولي في جنيف تعكس رغبة الدول العربية في تبؤ مكانتها على الساحة الدولية للتجارة الالكترونية من خلال تزويد الشركات بالمعلومات الكاملة عن التجارة العربية وتوفير معلومات وبيانات شاملة عن المصدرين والمستوردين والقوانين والتشريعات والانظمة التي تحكم حركة السلع في الدول العربية، محددة دور الحكومات العربية لتنمية التجارة الالكترونية في توفير البيئة الاساسية لهذه النوعية الجديدة من التجارة عبر التنسيق بين الهيئات الحكومية المختلفة.