«الشرق الأوسط» تختبر أقوى نماذج مرسيدس بنز «الفئة إم»

TT

مرسيدس بنز، تلك الماركة الاعرق في عالم السيارات، هي عند محبيها والمعجبين بها «حالة وسطى» بين حلم الاقتناء وتحدّي الإنجاز. انها «شهادة» نجاح... ولا كأي شهادة، تحول معها اسم مرسيدس من اسم علم الى اسم جنس تتجسد في ذاته كل معاني الكمال والتفوق والمتانة والموثوقية والفخامة. ولهذا حتى سيارات مرسيدس المستعملة تتصدر قوائم اسعار السيارات المستعملة في ثلاثة ارباع دول العالم. وعليه، سواء اشترى احدنا سيارة مرسيدس جديدة او مستعملة فإنه عملياً يوظف ماله في استثمار حكيم ومجزٍ.

اكثر من هذا، نجحت مرسيدس في تجاوز قضية «الصورة الانطباعية» Image عند الجمهور. وبالرغم من ان ماركة مرسيدس هي الاولى في عالم الشاحنات الثقيلة في العالم، فهي الماركة التي يحلم بها كل شغوف بالسيارات الصالون او السيارات الرياضية. وهذا، أمر لا يصدق على معظم الماركات المنافسة.

الا انه يمكن القول ان مرسيدس تأخرت نسبياً في اقتحام سوق المركبات الرياضية الوعرية المتعددة الاستخدامات. تأخرت، على الاقل، بالمقارنة مع منافساتها الاميركيات اللواتي لمسن قبلها تنامي ميل المشتري الاميركي الى اقتناء مركبة قوية وعملية، ومريحة تمتزج فيها مزايا الشاحنات البيك آب ووفرة استخداماتها، مع نعومة السيارات الستايشن واجن وراحتها وشكلها الجذاب. ولكن بالنظر الى اهمية السوق الاميركية الضخمة لكل الشركات العالمية الصانعة، ولا سيما التي تعتز بانتاج مركبات فاخرة ونخبوية، اقدمت مرسيدس بلا تردد في اقتحام السوق.

الشاحنات الوعرية ـ بالمناسبة ـ ليست جديدة تماماً على مرسيدس، وبخاصة مع تذكر خبراتها الواسعة في تصنيع الشاحنات. فهي تنتج منذ عقود شاحنات «يونيموج» الشهيرة الناجحة. ثم في عام 1979 عندما اتخذت قرار خوض سوق المركبات الوعرية وجدت بسرعة «طريقاً قصيرة» لإثبات وجودها عبر مصانع «دايملر شتاير بوخ» في النمسا، مع ان مركبات «الفئة جي» كانت، وما زالت، اقرب الى المركبات الوعرية ذات الهوية العسكرية اكثر منها مركبات رياضية وعرية متعددة الاستخدامات. وبالفعل تعتبر مرسيدس حتى اليوم «الفئة جي» مركبة «وعرية» Cross Country، لا مركبة رياضية وعرية متعددة الاستخدامات SUV / Sports Utility Vehicle. وبناء على هذه الحقيقة كان لا بد لمرسيدس من سلاح فعال ينافس ما ينتجه «العمالقة الاميركيون الثلاثة» جنرال موتورز وفورد وكرايسلر (قبل ان تصبح قسماً شقيقاً لمرسيدس ضمن مجموعة دايملر كرايسلر) للسوق الاميركية، ناهيك مما يصدره ايضاً اليها المنافسون اليابانيون.

عند هذا المنعطف ولدت فكرة «الفئة إم». وسرعان ما اخذت طريقها الى حيز التنفيذ. ولما كانت السوق الاميركية هي السوق الاضخم، وتحديداً لهذا النوع من المركبات، ارتؤي بكثير من الحكمة والحصافة ان يصنّع هذا الطراز في اميركا! وفعلاً شيّدت مرسيدس مصنعاً لها في ضواحي مدينة تاسكالوسا الجامعية الصغيرة في شرق ولاية الاباما (جنوب الولايات المتحدة)، ومعه بدأت في خريف عام 1997 قصة «الفئة إم» او «إم إل» ML.

في البداية اقتصر الانتاج على مصنع تسكالوسا، وكان النموذج الاول الذي طرح حصرياً تقريباً في السوق الاميركية هو «الفئة إم 320» بمحرك سداسي الاسطوانات سعة 3.2 ليتر.

ولكن لم يطل انتظار الاوروبيين الذين خصتهم مرسيدس بنموذج اقتصادي اكثر واصغر حجماً بوشر بتصنيعه في النمسا، هو «الفئة إم 230» منذ مارس (آذار) 1998. واليوم هناك نموذج اقوى وافخم، مجهز بمحرك اكبر من سابقيه، يكتسب مزيداً من الاعجاب والرواج في اوروبا هو «الفئة إم 430». وهذا النموذج جرّبته «الشرق الأوسط» اخيراً في لندن وجنوب انجلترا، وكانت قد جربته قبلاً في ولاية كاليفورنيا الاميركية.

ثم هناك النموذج المتفوق العالي الاداء «الفئة إم 55 آيه إم جي» (يولد قوة تقارب 350 حصاناً) ونموذج خامس مزود بمحرك ديزل خماسي الاسطوانات هو «الفئة إم 270 سي دي آي».

مركبة.. أم سيارة؟

الشيء الأكيد، وهذا ما يلمسه المجرّب، ان مركبات «الفئة إم» ـ التي حازت منذ إطلاقها العديد من الجوائز والتقديرات العالمية ـ على اختلاف قوة محركاتها ومستويات تجهيزاتها، مركبات جميلة الشكل، متقنة الصنع، فيها حرص مألوف تماماً عند مرسيدس على الاهتمام بكل التفاصيل. وملامح الجودة والفخامة والرصانة موجودة في كل مكان منها بدون إفراط.

ايضاً لم تبخل مرسيدس على «الفئة إم» بالتجهيزات الكمالية التي تستهدف خدمة المقتني وتلبية كل طلباته، على صعيد الرفاهية والراحة ومرونة الاستخدام، وطبعاً الامان والسلامة، له ولعائلته. والحقيقة ان مستويات التجهيزات ـ على تفاوتها ـ تجعل «الفئة إم» مركبة ممتازة قريبة الى العقل والقلب معاً، وهي على هذا الصعيد اشبه ما تكون بسيارات الصالون الفخمة الوثيرة المقاعد، المتقنة التصميم.

إلا ان البعد الآخر في هوية «الفئة إم» يظهر عند قيادتها، وهو حقيقة كونها مركبة رياضية وعرية. فهي، تبدو لدى قيادتها لأول مرة اشبه بفرس جموح ما لم يكن السائق متمرساً في قيادة هذه المركبات، ولا سيما نموذج الـ«430» بمحركه الثماني الاسطوانات الجبار. ثم انها لا تتمتع بالمرونة والاستجابية وسلاسة القيادة التي يتوقعها السائق، المأخوذ بتمويه مقصورتها الانيقة، من سيارات الصالون الفخمة. فهي في الحصيلة النهائية مركبة رياضية وعرية، وليست «الفئة إس» التي ثمة شبه إجماع على اعتبارها حالياً احسن وافخم سيارة في العالم.

مع هذا فإن «الفئة إم 430» ـ بنماذجها المزودة بمحركات كبيرة السعة ـ واحدة من افضل 3 مركبات رياضية وعرية في العالم اليوم ـ هي بلا ادنى شك، منافس قوي يجب ان يحسب حسابه في مواجهة مركبتين أخريين متميزتين هما ليكزس «آر إكس 430» /تويوتا «لاندكروزر» وبي إم دبليو «إكس 5».