السعودية: عروض موديلات 2000 النهائية تغضب أوائل المشترين وتحفزهم لاقتناء طرازات 2001

TT

اطلق وكلاء السيارات في السوق السعودية مبكرا العروض النهائية لموديلات 2000، منذ بداية الشهر الجاري. وشملت العروض حسوماً سعرية تصل إلى نسبة 30 في المئة من السعر الأصلي متبوعة بتسهيلات واسعة في الدفع نقدا أو بالتقسيط وضمان يتجاوز مدته خمس سنوات. ويضاف الى هذا إضافة مجانية خدمات الطوارئ في الطرق والاستبدال.

الواقع أن هذه العروض لا تعد جديدة على سوق السيارات في مثل هذه الفترة بالذات نتيجة لتزامنها مع قرب طرح موديلات 2001، لكن اللافت للنظر في عروض هذا العام اتساع نطاقها، فهي تشمل الآن جميع الوكلاء بشكل اللافت للنظر. في حين كانت العروض في الماضي مقتصرة على وكلاء معينين لدى شركاتهم العالمية طرازات عديدة متوسطة وكبيرة الحجم. وبشكل عام تلقى الحملات الترويجية للوكلاء حماسة كبيرة من المستهلكين، فهم يعتبرونها فرصة جيدة للاقتناء بسعر جيد حتى وان كان «على الابواب» طرح موديل العام المقبل. لكن في الوقت نفسه هناك ضيق شديد عند بعض المستهلكين، خاصة طلائع المبكّرين بالشراء، الذين يشعرون بـ«الغبن». ويوضحون انهم بعدما عانوا الأمرّين من تشدد الوكيل وشطارته عند التفاوض على الحسم وتسهيلات الشراء، شاهدوا اولئك الوكلاء يقدمون الآن حسوماً وتسهيلات مغرية للمشترين في آخر العام.

وهنا تطرح عروض آخر العام تساؤلا مهما جدا يتعلق بمدى قدرتها في تحفيز عمليات الشراء؟

انخفاض الأسعار يعتقد عبد الرحمن الرشود، ان الوقت بات مؤاتياً اكثر لاتخاذ قرار اقتناء سيارة جديدة، تلبية لرغبته المؤجلة من العام الماضي بتحديث سيارته الاميركية، ويسعده توافر خيارات اكثر من خلال الحملات الترويجية التي اطلقها وكلاء بيع السيارات المعتمدين في السوق السعودي، وهي التي تدعو الجمهور الى اقتناص فرصة الحصول على سيارة موديل 2000 بأسعار وتسهيلات في الدفع، قبل طرح الطرازات الجديدة للعام 2001.

ويضيف الرشود انه «بينما تحفّز مثل هذه العروض الرغبة لدى نسبة واضحة من الجمهور للاستفادة من التخفيضات التي يرونها مناسبة لقدراتهم المالية.. فهذا ليس الدافع الرئيسي في اتخاذي قرار الحصول على سيارة جديدة. فبجانب الاستفادة من عروض نهاية عمر الموديل السنوي، تتاح للمشتري فرصة الاطلاع المسبق على الموديل الذي يليه عبر المجلات الدولية المتخصصة في السيارات، او من خلال الوكلاء انفسهم، وبالتالي يتاح مجال المفاضلة بين الموديلين، فاذا اكتشف المشتري ان الفوارق ليست مغرية بدرجة كبيرة في الميزات والتجهيزات الاساسية، فالصواب هنا شراء الموديل القريب على الانتهاء... لأنه الاوفر مكسباً».

في المقابل يعترف مسؤولو بيع في صالات العرض الخاصة بوكالات السيارات، لـ«الشرق الاوسط» بان العملاء صاروا اكثر قدرة على استخلاص نتائج لم تكن في الاعتبار لدى الادارات العليا في التسويق، وهم الآن يمطرون مسؤولي البيع بوابل من الاسئلة الدقيقة والمحرجة في كشف سياستهم التسويقية، مع ان هذا لا ينطبق على الكل بطبيعة الحال من ناحية ثانية، تحاول اقسام البيع والتسويق لدى الوكلاء، إعطاء اكبر قدر ممكن من المغريات لبيع المتبقي لديها من سيارات نهاية العام. وطبقا لخبير في سوق السيارات، فإن العادة ان ينظر الوكلاء الى الكميات المتبقية في مستودعاتهم «وكل ما زادت كمية السيارات الموجودة فيها...تبع ذلك اشتداد معارك الاغراء الدعائي المصاحب للعروض التسويقية، والعكس بالعكس». وهنا يؤكد ضاوي الشلوي الذي يعد من خبراء السوق المستقلين ان وكالات السيارات في السعودية استفادت من دروس كثيرة في الماضي، واضحت اكثر حرصا على تحاشي استيراد اعداد من السيارات غير مضمون تصريفها في السوق المحلية. دراسة السوق عودة الى عبد الرحمن الرشود الذي يقول انه يتابع الآن عروضاً متعددة لاكثر من ماركة، ووصل به الامر الى مقارنة اسعار البيع في بداية عمر الموديل ولدى قرب نهايته من خلال العروض الاعلانية في الصحف. وهنا توصل إلا ان بعضها ـ اي عروض الوكالات ـ لا يختلف كثيرا عن اسعار بداية الموديل. وهو ما يؤكد حديث الشلوي بأن بعض الوكالات لم يتبق لديها في نهاية الموديل إلا كميات قليلة من السيارات في مستودعاتها. من قنوات التسويق المتاحة امام الوكيل في حالة بقاء عدد قليل منها مع قرب نزول الموديل الجديد، الإحجام عن منح تخفيضات عالية، والاستعاضة عنها بعرض تسهيلات في الدفع. ويعتمد وكلاء السيارات في هذا الاتجاه، على اختيار اكثر العروض موافقة لظروف السيولة المادية، خاصة ان لدى الوكلاء مصادر معلومات مختلفة تتيح لهم دراسة الارضية المناسبة لطرح اكثر العروض مناسبة لظروف الجمهور. فعلى سبيل المثال البنوك تعطيهم المؤشرات القريبة من حقيقة وضع السيولة النقدية في البلاد، واتجاهات العملاء في اعطاء الاولوية للاحتياجات الحياتية، وانعكاسات القرارات الحكومية على شريحة معينة من المجتمع. وفي هذا السياق يقول احمد سنوسي، وهو باحث سبق له التعاون مرتين مع شركة سعودية تسيطر على وكالة احد الاسماء اللامعة في عالم السيارات اليابانية، «لقد نجحت توقعاتي التي ضمنتها دراستين منفصلتين لصالح احدى الشركات، في استقطاب الشريحة المستهدفة. إذ طلبت الشركة مني استقصاءً حول محاور زودتني بها، مع ترك الخيار لي لتضمين محاور اخرى جديدة تستجد اثناء فترة البحث الميداني».

ويوضح سنوسي «كان قرارا صائبا من الشركة حين وضعت من ضمن محاورها قراراً حكومياً يتعلق بتسديد مستحقات الدولة لقطاع من المجتمع»، متابعاً «انه اكتشف عزم جزء من هذا القطاع الى تلبية احتياجاته من المركبات الجديدة على ضوء حصوله على سيولة نقدية تزامنت مع موعد نهاية الموديل، وهو الامر الذي ادى الى مبيع الجزء الاكبر المتبقي من سيارات ذلك الموديل». وشدد سنوسي في حديثه لـ«الشرق الاوسط» على ان الوكلاء «لا يرسلون في حملاتهم الدعائية اشارات واضحة لهذا القطاع اوغيره، كمستهدفين وحيدين للحملة الترويجية اعتمادا على مثل هذه الدراسة الميدانية...بل هم اكثر حرصا على شمولية الحملات الدعائية، لتجنب التورط في خانة «اللا بيع اصلا» لتصريف الفائض من الموديل الذي اوشك على الانتهاء».