تقرير «ساما» يكشف مؤشرات لاستمرار نمو الاقتصاد السعودي وخروجه من دائرة ضغوط التضخم وشح السيولة

TT

قدم التقرير السادس والثلاثون لمؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، الذي تسلمه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز أول من أمس، دلائل واضحة على خروج الاقتصاد الوطني من دائرة الضغوط التضخمية وشح السيولة، في ظل سياسات وإصلاحات هيكلية متأقلما بذلك مع المتغيرات الدولية، والتي انعكست بالمزيد من الخطوات الإيجابية، ترجمها ارتفاع نصيب القطاع غير النفطي إلى نحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي.

وفور نشر التقرير برز اتفاق بتوقعات كبيرة بتسجيل الاقتصاد السعودي نموا في العام الجاري بنسبة قد تفوق التي حققها في عام 1999، مدعوما بمؤشرات، أبرزها: استمرار انتعاش أسعار النفط، ضخ القطاع الخاص مزيدا من الأموال، التوسع في قطاع البتروكيماويات، وزيادة وتيرة الصادرات.

ويسجل لتقرير «ساما» شفافيته الكاملة في الحديث عن مسار الاقتصاد السعودي وتحدياته وهو يبدأ عقده الثالث، ففيما اشار إلى التحسن الكبير في الايرادات في ظل استمرار ارتفاع اسعار النفط اعترف بأبرز تحدياته وهي: استمرار عبء الانفاق الحكومي، النمو البطيء لبعض القطاعات، تصاعد وتيرة النمو السكاني وما يسببه ذلك من ضغط على البنية التحتية والعلوية وسوق العمل.

وتبعا لتقرير «ساما» صعدت الايرادات الحكومية الفعلية بنسبة 4.2 في المائة خلال العام 1999 إلى 174.5 مليار ريال (46.5 مليار دولار) في حين انخفضت المصروفات بنسبة 3.3 في المائة وصولا إلى 183.8 مليار ريال (49.02 مليار دولار)، لينخفض بذلك عجز الميزانية العامة للدولة من 48.4 مليار ريال (13.02 مليار دولار) إلى 36.3 مليار ريال (9.7 مليار دولار). متوقعا في نفس الوقت أن يستمر التحسن في وضع ميزانية العام 2000 في ظل الانتعاش الكبير لأسعار النفط وبفضل سلسلة الاجراءات التي تبنتها الدولة لزيادة الايرادات المحلية وضغط النفقات. وكانعكاس طبيعي سجل ميزان المدفوعات تحسنا كبيرا، وكشف تقرير «ساما» هنا إلى أن التقديرات تشير إلى تحقيق فائض في الحساب الجاري لميزان المدفوعات بلغ 1.5 مليار ريال (400 مليون دولار) مقارنة بعجز بلغ 49.2 مليار ريال (13.12 مليار دولار)، وهو أمر سيعزز قوة الريال الذي يتلقى دعما كبيرا من «ساما» للمحافظة على استقرار صرف العملة وتكوين رصيد من العملات الاجنبية.

وأكدت السعودية في خطة التنمية السابعة (2000 ـ 2005) عزمها تحسين رصيد الحساب الجاري في ميزان المدفوعات وتحويله من عجز يمثل 3 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي في سنة الاساس الى فائض يمثل نحو 6.9 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي في نهاية الخطة. كما كشفت عن طموحها خفض نسبة عجز الموازنة العامة الى الناتج المحلي الاجمالي من نحو 10.8 في المائة في سنة الاساس الى ما يقارب الصفر في نهاية الخطة، عبر زيادة الايرادات الحكومية غير النفطية وترشيد الانفاق.

وبدا بوضوح أن العوائد النفطية ساهمت إلى حد كبير في الوضع الحالي كما أن الاستمرار في تحسن الأسعار سيضيف أبعادا جديدة لميزانية الدولة، خاصة مع زيادة وتيرة الصادرات خاصة النفطية (باستثناء زيت الوقود السفن) وبلوغها 167.8 مليار ريال (44.8 مليار دولار) قابله أيضا انخفاض في الواردات، وبما كان له أكبر الأثر في انخفاض العجز بين الحساب الجاري وحساب الخدمات والتحويلات.

ويلفت تقرير «ساما» النظر إلى مؤشر مهم وهو عدم وجود غلاء في المعيشة، فقد انخفض معدل الزيادة في الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة في جميع المدن بنسبة 1.3 في المائة عام 1999، وتعني مستويات الأسعار السلبية أن النمو الاقتصادي لجم ارتفاع معدلات التضخم. وفي المقابل أيضا فإن النمو في العرض النقدي بنسبة 3.7 في المائة حسب تقرير «ساما» يعد مؤشرا ايجابيا على استمرار النمو فهو يدل على انخفاض مستويات الاقتراض الحكومي وحقيقة نمو الأسعار في معدلات متناقضة، مما يعني عمليا تلاشي مخاوف الضغوط التضخمية.

وعلى صعيد النشاط الاقتصادي أظهر التقرير وجود تصاعد للحركة الاستثمارية للقطاع الخاص مستندا إلى قاعدة مصرفية مكنته من زيادة قدرته على منح الائتمان وزيادة استثماراته. وزادت رساميل واحتياطيات هذه البنوك بنحو 2.1 مليار ريال لتصل إلى 43.3 مليار ريال في منتصف العام .2000 ويشير التقرير «ساما» إلى نمو قطاعات، الصناعة، الكهرباء، النقل والمواصلات، والهاتف مما يدل على استمرار الدولة دعمها. وبناء على ذلك ارتفع عدد المصانع إلى 3275 مصنعا برساميل بلغت 233.7 مليار ريال. وأظهر تقرير «ساما» استمرار دعم الدولة للأنشطة الاجتماعية والرفاه فزاد عدد الطلبة في التعليم العام إلى 3.9 مليون طالب وطالبة، ونفذت الحكومة مشاريع تنمية عمرانية شملت المياه والصرف الصحي، تصريف مياه السيول، بناء الطرق، وانشاء الحدائق والأسواق، وزادت قدرة القطاع الصحي العام إلى 313 مستشفى.