موظفو تشيلي يعملون طويلا ويتقاضون رواتب منخفضة تنعكس سلبا على إنتاجية العمال

TT

سانتياجو ـ رويترز: تمضي بلانكا مونوز عشر ساعات يوميا في تنظيف الواجهات الزجاجية ومساعدة الزبائن في متجر للملابس بوسط سانتياجو عاصمة تشيلي.

تقول بلانكا (44 عاما) وهي ام لطفلين انها تعمل 54 ساعة ونصف الساعة اسبوعيا من الاثنين الى السبت بدون راحة لتناول طعام الغداء.

انها تشعر بالذنب لو طلبت الاذن بالذهاب مع احد طفليها للطبيب وعندما يتعين ان تذهب للبنك تجري لاهثة على امل الا يكتشف رئيسها غيابها.

وقالت «احيانا اكون في حالة شديدة من الاعياء بسبب ضغط العمل، الا انني اذهب للمنزل حيث يتعين علي تنظيف البيت واطعام طفلي. بصعوبة ثمة وقت للحديث معهما». وبلانكا ليست الوحيدة التي تعيش هكذا، فامثالها كثيرون في تشيلي.

تقول الدراسات ان التشيليين يعملون ساعات اطول من العمال في الاقتصاديات الاقليمية الاخرى بالمنطقة.

واحتل العمال في تشيلي مرة المرتبة الاولى بين اكثر سكان العالم عملا، الا ان البعض يتشكك في ان التشيليين الذين يسمون انفسهم «نمور اميركا اللاتينية» يستغلون الوقت بحكمة.

وتعهدت الحكومة الجديدة باضفاء قدر من المرونة على اسبوع العمل خاصة بالنسبة للنساء، وتعهدت ايضا بالزام الشركات بتشريع يحدد عدد ساعات العمل.

ومنذ عام 1924 يصل الحد القانوني لعدد ساعات العمل الى 48 ساعة اسبوعيا باستثناء الوقت الاضافي، الا ان دراسة لوزارة العمل في عام 1998 قالت ان 30 في المائة من الموظفين في تشيلي، و23 في المائة منهم نساء، يعملون اكثر من 49 ساعة اسبوعيا.

وفي عام 1995 كشف تقرير للمعهد الدولي لادارة التنمية في سويسرا ان متوسط ساعات عمل التشيليين يبلغ 2400 ساعة ليحتلوا المرتبة الاولى بين سكان 50 دولة في هذا الصدد. لكن لماذا العمل كل هذا الساعات؟

قالت مونيكا سوتو التي تعمل 12 ساعة يوميا في مطعم للوجبات السريعة «لان اصحاب العمل يعرفون ان فرص العمل نادرة فهم يشعرون بانهم يسدون معروفا لموظفيهم لمجرد تشغيلهم».

وقال ماريو البوركيركي من المركز الوطني للانتاجية والجودة ان التشيليين مازالوا يتذكرون جيدا ايام الركود في اوائل الثمانينات التي جعلتهم يعضون بالنواجذ على وظائفهم. ومع النمو الاقتصادي بنسبة سبعة في المائة سنويا خلال معظم سنوات التسعينات وقع التشيليون في غرام الهواتف المحمولة والسيارات الجديدة.

واضاف ماريو ان السبيل الوحيد لتسديد ثمن ذلك هو العمل لوقت اضافي، مشيرا الى ان عدد ساعات العمل الحق ضررا بالغا بحياة الناس.

واحتل التشيليون في تقرير المعهد الدولي لادارة التنمية في العام الحالي المرتبة 34 من بين 47 دولة من حيث مستوى المعيشة.

والواقع ان التشيليين يمضون ساعات طويلة في العمل لكن هل يعملون حقا؟

يتشكك تقرير المعهد الدولي لادارة التنمية في ذلك، اذ يضع تشيلي في المرتبة 36 ضمن 47 دولة من حيث انتاجية القوى العاملة.

بل انه من حيث القيمة المضافة لكل ساعة عمل جاءت تشيلي في تقرير المكتب الدولي للعمل بجنيف لعام 1999 في المرتبة 22 بين 26 دولة كانت بياناتها متاحة الامر الذي يعني ان الانتاجية ضعيفة.

وقالت ماريا لويزا كورديرو طبيبة النفس والمؤلفة ذات التعليقات اللاذعة للمجتمع في تشيلي «نحن لا نعمل بجدية. في تشيلي الاكثر قيمة هو قدر الوقت الذي يمضيه المرء جالسا على مقعده حتى اذا ما كان يتسلى بحل الكلمات المتقاطعة. لا يهم اذا كان المرء منتجا».

وعلى الجانب الآخر قالت ايفلين (24 عاما)، وهي مضيفة في فندق خمسة نجوم بالعاصمة وتحلم في العادة بالعودة الى منزلها بعد عشر ساعات عمل على قدميها «تعمل اكثر تتعب اكثر. الرواتب منخفضة. لذلك ليس عند الناس دافع للعمل بجدية».