العراق يهدد بمقاطعة الشركات التي تعاود بيع نفطه إلى دول «معادية»

TT

هددت بغداد امس بمعاقبة الشركات العالمية التي تشتري النفط العراقي وتعاود بيعه الى دول معادية لبغداد بالمقاطعة ووضعها على قائمة سوداء.

وانتقد وزير التجارة العراقي محمد مهدي صالح في دبي امس الموقف السعودي الداعي الى تعويض اي نقص في الامدادات من شأنه اشاعة الاستقرار في السوق النفطية.

ومن المتوقع ان يواصل العراق اليوم محادثاته مع المشرفين الدوليين حول التسعيرة التي طرحها العراق لنفطه الخام تمهيدا لاستئناف ضخ النفط العراقي. واضاف صالح ان بلاده ستضع قائمة سوداء لمقاطعة الشركات التي قد تتعرض لعقوبات اضافية يقررها رئيس الجمهورية .

كما اعلن الوزير العراقي تصميم بلاده على تحصيل رسم اضافي من مشتري النفط العراقي قيمته 50 سنتا للبرميل خارج نطاق اتفاق «النفط مقابل الغذاء» مع الامم المتحدة.

وبسؤاله في مؤتمر صحافي عقد في دبي عما اذا كانت بغداد قد تراجعت عن تصميمها على أن يدفع مشترو النفط العراقي رسما اضافيا قيمته 50 سنتا للبرميل خارج اتفاق الامم المتحدة قال صالح ان بلاده مصممة على هذا الامر وانه لا رجعة فيه.

وبسؤاله عن القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء العراقي اول من أمس السبت بمقاطعة الشركات والدول التي تبيع النفط العراقي الى دول تعتبرها بغداد معادية قال صالح ان اية شركة يتبين قيامها بتزويد دولة في حالة حرب مع العراق ( الولايات المتحدة أو بريطانيا) بالنفط العراقي فانه سيجري وضعها في القائمة السوداء وسيحظر التعامل معها جزئيا أو كليا أو تتعرض لأية عقوبة اضافية يقررها رئيس الجمهورية.

وقال الوزير العراقي انه سيكون من الصعب على منتجي النفط سد النقص الناجم عن وقف الصادرات النفطية العراقية منذ يوم الجمعة الماضي. وتبلغ حصة العراق 2.5 مليون برميل يوميا.

من جهة اخرى، اكدت الكويت امس ان دول اوبك تدرس تعويض الاسواق العالمية بعد قرار العراق وقف صادراته النفطية.

وقال وزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد الصباح للتلفزيون الكويتي بعد الاجتماع الاسبوعي لمجلس الوزراء «هناك مشاورات ليس فقط في الكويت وانما بين كل اعضاء اوبك لتعويض هذا الامر».

وجاءت تصريحاته بعد ان قال وزير النفط الكويتي الشيخ سعود ناصر الصباح يوم الجمعة ان الكويت تتشاور مع باقي اعضاء اوبك بشأن امكانية اتخاذ خطوات جماعية للحد من اي تأثير سلبي على سوق النفط نتيجة القرار العراقي.

ولم يخض الشيخ سعود في تفاصيل، وقال مسؤولون في دول اخرى من اعضاء اوبك انهم لا يعرفون شيئا عن اي اتصالات مباشرة بين اعضاء المنظمة بشأن المسألة.

ومن المقرر ان تعقد اوبك اجتماعها التالي في 17 يناير (كانون الثاني).

الى ذلك، اكد طارق عزيز نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي ان بلاده حرة في اختيار السعر المناسب لبيع نفطها . وقال ان العراق ليس له عقود جديدة مع المشترين وان اية عقود قادمة يجب ان تبنى على سعر وهو ما لم يحدد حتى الان .

جاء ذلك في تصريح ادلى به نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي عقب لقائه امس الوفد البرلماني الاوروبي الذي يزور بغداد حاليا برئاسة كلود شيسون.

وفي السياق ذاته، عبر وزير النفط العراقي عامر محمد رشيد عن تفاؤله ازاء التوصل الى اتفاق مع المشرفين الدوليين حول التسعيرة التي طرحها العراق لنفطه الخام تمهيدا لاستئناف ضخ النفط العراقي.

وفي مؤتمر صحافي عقده في بغداد، قال رشيد «نحن متفائلون وكما اكدنا، ليست لدينا اي نية في عرقلة تصدير النفط العراقي الخام المتوقف حاليا».

وقال وزير النفط العراقي ان العراق اجرى يوم الجمعة «الحوار مع المشرفين النفطيين كما اجرى أول من امس (السبت) حوارا جزئيا ويمكن ان نجري حوارا الاثنين بحيث يحدث حل لهذه المشكلة».

وردا على سؤال حول السعر الذي عرضه العراق لنفطه لشهر ديسمبر(كانون الاول)، رأى رشيد ان «طلبنا منطقي وعادل ومبني على اسس اقتصادية». واضاف «انه حق سيادي مطلق للعراق (...) هذه ثروة شعبه وحريص عليها ويمارس حقه السيادي، ومع ذلك ضمن آليات السوق النفطية المعتمدة».

واوضح «نحن نحاول ان نقنع بالحجج والبراهين والحقائق كي نصل الى حل يجعل المشرفين النفطيين يتراجعون عن موقفهم»، معتبرا ان هؤلاء المشرفين يخضعون «لضغط سياسي واضح (من قبل الادارة الاميركية) والعراق يقوم بتقديم الحقائق وتوضيحها بهدف تطويق الضغط السياسي عليهم بحيث نصل الى نتيجة ايجابية».

وحمل رشيد المندوبين الاميركي والبريطاني في لجنة العقوبات التابعة للامم المتحدة مسؤولية عدم الموافقة على التسعيرة التي قدمها العراق للنفط الخام، وذلك «بممارسة ضغوط مغرضة على المشرفين النفطيين ووضعهم في جو يتشددون في قبول التسعيرة المقدمة من قبل العراق».

واوضح «لقد طلبنا اجراء حوار غير ان المندوب الاميركي مرر من خلال لجنة المقاطعة مقترحا خبيثا وساذجا بان يتم التحميل بدون وجود تسعيرة وضد توصية المشرفين النفطيين».

واضاف ان هذا الاقتراح يشكل «خرقا لضوابط التصدير التي تنص على عدم التحميل للنقالات الا بعد فتح رسالة الاعتماد كي نضمن تسديد قيمة شحن النفط».

واشار رشيد الى ان «الشركات المشترية للنفط لم تتمكن من تحميل النفط الخام العراقي سواء من ميناء البكر في مياه الخليج العربي او من ميناء جيهان في البحر الابيض المتوسط تجنبا للمخاطرة»، وذلك بسبب عدم المصادقة على التسعيرة التي قدمها العراق للامم المتحدة.

واكد ان «الموقف الاميركي وبمساندة بريطانية تسبب في ايقاف تصدير النفط الخام العراقي الى الاسواق العالمية»، موضحا ان العراق «وضع التسعيرة من رؤيته للسوق النفطية لضمان انسيابية الناقلات وتدفق نفطه الى الاسواق العالمية وبعد ان تمت استشارة عدد من الشركات النفطية المشترية».

وقال رشيد ان العراق «يدرك ما وراء الموقف الاميركي من نيات سيئة قادته الى هذه الممارسات من الضغوط بسبب التسارع في الخطوات الايجابية التي يعبر عنها المجتمع الدولي تجاه رفع الحصار وتهشيمه بعيدا عن التأثيرات الاميركية».

واكد رشيد اخيرا ان سياسة العراق النفطية «تهدف دائما الى استقرار السوق النفطية وليس لدى العراق النية في ايقاف او عرقلة تصدير النفط الخام».

وفي عمان ، اكد مسؤول عراقي ان ايقاف ضخ النفط لا يشمل الاردن او اية دولة تريد التعاقد المباشر معه لتصدير نفطه.

وابلغ مصدر دبلوماسي عراقي «الشرق الأوسط» ان الدول التي تريد الاستفادة من الفقرة 50 من ميثاق الامم المتحدة ومنها الاردن لن تتضرر من ايقاف ضخ النفط العراقي ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء الموقع بين بغداد والامم المتحدة لتصدير 5.25 مليار برميل من نفطه كل ستة اشهر باشراف المنظمة الدولية لشراء مستلزماته الاساسية.

وتحصل عمان على النفط العراقي باسعار تفضيلية حيث اتفق ان يكون سعر البرميل هذا العام 20 دولار مع منحة مجانية قدرها 360 مليون يورو تعادل 300 مليون دولار.

واكد المصدر ان عمليات نقل النفط من العراق الى الاردن تسير بشكل عادي ولم تتعرض الى اي مشكلة.

ويتم تصدير النفط العراقي الى الاردن ضمن بروتوكول خاص نظم بين البلدين عام 1991 ويجري تجديده سنويا وبدون اعتراض من الامم المتحدة.

وتقوم صهاريج نفطية بنقل النفط ومشتقاته من العراق الى المصافي الاردنية.

وفشلت بغداد خلال السنوات الماضية من اقناع دول اخرى للاستفادة من الفقرة 50 من ميثاق الامم المتحدة والتي تتيح للدول المتضررة من العقوبات الاقتصادية اقامة علاقات تجارية مع الدول المفروضة عليها هذه العقوبات.

وكانت مشاورات عراقية لبنانية حول منح بيروت عقودا نفطية شبيهة بالتي تحصل عليها عمان قد توقفت عند استعداد الطرفين للبدء بهذه الخطوة دون ان يكون هناك اي اجراء على الارض.

وتجدر الاشارة الى ان العراق كان قد علق صادراته النفطية يوم الجمعة الماضي بعد ان اصرت بغداد على ان يدفع مشترو النفط الخام العراقي رسما اضافيا خارج برنامج النفط مقابل الغذاء.

ورفض مشترو النفط دفع هذا الرسم لكونه يمثل انتهاكا واضحا للعقوبات الدولية المفروضة على بغداد.