مندوبو 150 دولة يبحثون برعاية الأمم المتحدة سبل مكافحة الجريمة المنظمة الحديثة في مدينة باليرمو الإيطالية

TT

اجتمع ممثلو اكثر من 150 دولة في باليرمو التي تعتبر معقلا تقليديا لمافيا مدينة صقلية امس، بهدف التوقيع على معاهدة لتطبيق القانون الدولي في قرن السرعة والتكنولوجيا المتطورة والعولمة.

وتأتي معاهدة الامم المتحدة ضد الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، وهي الاولى من نوعها كمعاهدة دولية، لمساعدة قوات الشرطة الوطنية العمل معا بفاعلية اكبر كما هو حال العصابات المنظمة التي تكافحها. وتوفر هذه المعاهدة الدعم لاجهزة مكافحة الجريمة الدولية القائمة، مثل الانتربول ومكتب التحقيقات الفيدرالي في اميركا (اف بي آي)، بسن القوانين التي تدعم جهودها. ومن بين اهداف المعاهدة الجديدة ابطال العمل بقوانين العمل بالسرية في المصارف، وابقاء الاتصال مع المدعين العامين من خلال البريد الالكتروني، ووضع برنامج دولي لتوفير الحماية للشهود في الجرائم المختلفة.

ويوضح باينو ارتشي مدير مكتب الامم المتحدة للوقاية من الجرائم ومكافحة المخدرات ان المعاهدة «تعني اننا بدل السير بسرعة السيارة سنسير بسرعة الطائرة»، ويردف «انها آخر الادوات التي توصلنا اليها في مكافحة الجريمة المنظمة».

ويبدو ان الحدود المفتوحة وتقنيات الاتصالات الحديثة لم تنتفع منها التجارة والمسافرين قانونيا من بلد لآخر، فقد سهلت ايضا على المجرمين تشكيل شبكاتهم التي تمتد في ارجاء العالم.

وبينما كانت العصابات في السابق تهرب المشروبات الكحولية من كندا الى الولايات المتحدة، تتمكن العصابات الصينية اليوم من تهريب المهاجرين بشكل غير قانوني من شنغهاي الى دول غرب اوروبا واميركا.

كما تسهل المعاهدة من التعاون القضائي الدولي خلال القرن الواحد والعشرين، فاسحة المجال امام ارسال مذكرات الاعتقال الدولية عبر البريد الالكتروني، بدل القنوات الدبلوماسية التي تستهلك وقتا اطول، واستخدام تقنية التصوير بالفيديو لتمكين الشهود من تقديم افاداتهم دون الاضطرار الى السفر حول العالم.

واشار مسؤولو الامم المتحدة ان عددا من المراكز المالية التي تتقيد بتقاليد السرية المتبعة في المصارف واصبحت ملجأ للمتهربين من دفع الضرائب، من بينها محافظة لتشتشتاين الاوروبية الصغيرة، قبل التوقيع على المعاهدة. رغم ان ممارسات تلك المراكز لا تنسجم تماما مع لغة المعاهدة، التي تلزم الحكومات بالتعاون مع المطالب الدولية من معرفة اصحاب الممتلكات او تجميدها. ويوضح ارتشي ان حضور ممثلي هذه المراكز «يوضح استعدادها للبدء في التعاون».

ومن المسائل التي تطرق اليها المجتمعون الحسابات السرية المصرفية والطرق التي يمكن تطويرها باتجاه الغاء الكشف في بعض الاحيان عن الحسابات التي تثير الريبة لا سيما ان العديد من العصابات الاجرامية تلجأ للاستفادة من هذا الاسلوب لتغطية عمليات غير شرعية. ورغم قلق بعض الدول النامية من كلفة تطبيق المعاهدة، اطمأنت للفقرة الواردة فيها والتي تنص على تشكيل صندوق مالي يتألف من الممتلكات التي يجري الاستيلاء عليها من العصابات المختلفة. وقد تبلغ قيمة هذا الصندوق حدا معتبرا، اذ يقدر صندوق النقد الدولي ان النشاطات الاقتصادية غير القانونية تشكل 3 الى 5 بالمئة من قيمة اجمالي الناتج الوطني.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» خاص بـ«الشرق الاوسط»