المعجزة الاقتصادية اليابانية.. تزايد أعداد المشردين بسبب ارتفاع معدل البطالة

TT

الكساد الاقتصادي في التسعينات، مستمرة كما يؤكد ذلك تزايد اعداد المشردين الذي لا يجدون لهم مأوى سوى في الحدائق العامة.

وقد اعلنت الحكومة اليابانية التي غالبا ما تتهم بالتقصير في معالجة المشاكل الاجتماعية، عزمها اخيرا على تمويل بناء مركزين كبيرين يتسع كل منهما لاستضافة رقم قياسي من المشردين يبلغ الف شخص في كل من طوكيو واوساكا.

وقال هيروشي ناندا احد المسؤولين عن هذا الملف في وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية «نلاحظ ازدياد اعداد المشردين في الحدائق العامة والشوارع والمباني الرسمية، لذلك من الضروري توفير اماكن ملائمة لهم».

وفي الواقع، فان قرى حقيقية من الخيام تطل كل يوم من الحدائق العامة في العاصمة كما في ايونو، حي المتاحف او في سينجوكو على بعد مئات الامتار فقط من المتاجر الكبرى التي تغص بمظاهر الثراء.

ولا ينظر الى هؤلاء المشردين على انهم يشكلون تهديدا للمجتمع لأنهم يعيشون بعيدا عن الانظار، متخفين، ولا يتسولون كما انهم نادرا ما يتصرفون بعدوانية، لكن ارتفاع اعدادهم يجسد، في نظر الكثيرين، نهاية «المعجزة اليابانية» في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وازدياد نسب البطالة على خلفية اعادة تنظيم القطاع الصناعي. فقد ارتفعت نسبة البطالة 8.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مما يعني اقترابها من الرقم القياسي التاريخي الذي بلغ 9.4 في المائة مطلع السنة، كما تؤكد احصاءات نشرت مطلع الاسبوع.

وقد احصت وزارة الشؤون الاجتماعية، الخريف الماضي، 451.20 مشرد في جميع انحاء اليابان، نصفهم تقريبا في اوساكا، مؤكدة ارتفاع هذا الرقم كثيرا عن ارقام الاشهر الستة الاولى الماضية حتى لو انه ما زال متدنيا جدا عن اعداد المشردين في الولايات المتحدة وفي بعض الدول الاوروبية.

وغالبا ما يعتبر المشردون اليابانيون ضحية التهميش نتيحة الاخفاق المهني.

ففي حي سانيا الشعبي في طوكيو، كان كثير من المشردين يتمتعون بحياة اجتماعية ثابتة حتى الافلاس المفاجئ لمؤسساتهم او صرفهم من الخدمة. ولأنهم غالبا ما يشعرون بالاهانة من جراء هذا الفشل الوظيفي، فانهم يفقدون جزءا من معالمهم ويهجرون عائلاتهم ويمضون الى المدينة بحثا عن فرص عمل جديدة.

وقال العامل المياوم اراكي المسؤول عن نقابة «سانيا سوغيدان» لتقديم المساعدة ان «رجالا يبلغ متوسط اعمارهم 59 عاما يعيشون في سانيا». واضاف «يأتون الى هذا الحي عندما تسد الافاق في وجوههم. لذلك تتدهور ظروف حياتهم ويزداد تهميشهم». واكد ان «معدل الاعمار هنا لا يتجاوز 61 عاما».

وفجر كل يوم يتوجه الاقوياء منهم والمتطوعون الى مكتب العمل، آملين في ايجاد وظيفة وضيعة، ضئيلة الراتب ولا تتطلب مهارات، وخصوصا في قطاع البناء.

واعتبر اراكي «ان حل هذه المشكلة المتزايدة، لا يكون بإنشاء مزيد من مراكز الايواء التي تزيد من عزلة المشردين».

وتعتزم السلطات التي تؤكد ادراكها لهذه المشكلة الكبيرة، تحديد فترة استخدام مركزي الايواء المقرر بناؤهما في فترة ستة اشهر. وقال هيروشي ناندا: «انها ستقدم السرير والاستحمام والعناية الطبية والنصائح، لكنها لن تقدم الطعام». واضاف ان هذه المباني الجاهزة التي تساهم البلديات في ادارتها «ستزال ايضا بعد ثلاث الى خمس سنوات» للحؤول دون قيام بؤر فقر، حرصا على راحة السكان.