التقرير السنوي للبنك الدولي: تحسن الأداء الاقتصادي في الدول العربية ومصر وتونس والأردن أكثر الدول نموا في الشرق الأوسط

TT

أشار التقرير السنوي للبنك الدولي الذي صدر تحت عنوان آفاق نمو الاقتصاد العالمي والدول النامية لعام 2001 إلى تحسن ملحوظ في الأداء الاقتصادي لكافة الدول العربية خلال عام 2000، وقدر الناتج المحلي الاجمالي للدول العربية نحو 621.1 مليار دولار مقارنة بنحو 585.5 مليار دولار ومعدل نمو سالب قدره 3.3 في المائة في عام 1999.

وعزا التقرير هذا التحسن إلى تواصل النمو وتحسن أوضاع الموازنات الداخلية والخارجية وارتفاع عائدات النفط.

وقسم التقرير الدول العربية إلى ثلاث مجموعات ضمت الأولى الكويت والامارات والسعودية وسورية وسلطنة عمان وقطر والبحرين واليمن والسودان والجزائر التي بلغ معدل النمو فيها خلال عام 2000 نحو 7.2 في المائة مقارنة بمعدل بلغ 7في المائة خلال عام 1999.

وقدر التقرير معدل الناتج المحلي الاجمالي للمجموعة الأولى 57.5 في المائة من مجمل الناتج المحلي الاجمالي للدول العربية، والمجموعة الثانية التي تضم الأردن وتونس ولبنان ومصر معدل النمو فيها خلال عام 2000 نحو 6.3 في المائة بالمقارنة بنحو 8.4 خلال العام السابق، أما المجموعة الثالثة التي تضم ليبيا والمغرب وموريتانيا فقد قدر التقرير معدل النمو فيها خلال الفترة نفسها نحو 0.9 في المائة مقارنة بمعدل نمو سالب أيضاً بلغ 0.8 في المائة خلال العام السابق. وقدر التقرير متوسط نصيب الفرد العربي من الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الجارية في عام 2000 بحوالي 2272 دولاراً مقابل 2194 في عام 1999 بزيادة حوالي 3.6 في المائة.

ونبّه التقرير إلى التفاوت بين الدول العربية، ففي حين تجاوز متوسط دخل الفرد في كل من الكويت ودولة الامارات وقطر 10 آلاف دولار بلغ 9958 دولارا في البحرين وتراوح بين 5858 و6723 دولاراً في ليبيا والسعودية وسلطنة عمان.

وأشار إلى أن دخل الفرد في كل من سورية والمغرب ومصر والجزائر والأردن يتراوح مابين 1069 دولاراً و1539 فيما بلغ نحو 500 دولار في كل من السودان وموريتانيا واليمن.

وخص التقرير كلاً من مصر وتونس بقدر وفير من التفاؤل كأبرز دولتين من حيث النمو الاقتصادي خلال العام المقبل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مستنداً إلى انتعاش السياحة وزيادة عائداتهما في عام 2000، فضلاً عن توقعات باجتذاب البلاد للمزيد من الاستثمارات الأجنبية في العام المقبل في ظل استمرار الاصلاحات الاقتصادية والمالية.

كما توقع تقرير البنك أن يتراوح معدل النمو في مصر وتونس خلال عام 2000 بين خمسة وستة في المائة وهو ما وصفوه بأعلى معدلات نمو اقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأرجعوا ذلك إلى انتعاش صادرات عدد من الصناعات التقليدية وتحسن طبيعة الأسواق بهما فضلاً عن التحسن الملحوظ الذي أظهره قطاع السياحة في كلتا الدولتين حيث زادت أعداد السائحين الوافدين إلى مصر في عام 2000 بنسبة 37 في المائة فيما قفزت في تونس إلى مستوى قياسي بلغ 8.4 مليون سائح لاسيما أن ايرادات القطاع السياحي تعد أحد المصادر المهمة للعملات الصعبة في الدولتين.

وأضاف التقرير أن الأردن شارك الدولتين في طابع انتعاش القطاع السياحي حيث زادت أعداد السائحين في الأشهر الأربعة الأولى لعام 2000 بنسبة 10 في المائة، وعزا ذلك التحسن في ايرادات القطاع السياحي بالدول الثلاث من بينها مصر إلى الانتعاش الاقتصادي في أوروبا مما زاد أعداد الأوروبيين الوافدين إلى تلك الدول.

وأبرز التقرير الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن مصر مرشحة لجذب المزيد من الاستثمارات خاصة مع توقعات تحسن وتوسيع برنامج الخصخصة ليشمل قطاعات الاتصالات والطيران والمالية.

على صعيد متصل أفاد التقرير السنوي للبنك الدولي للتعمير والتنمية في تقريره الذي استعرض خلاله آفاق نمو الاقتصاد العالمي والاقتصادات الاقليمية بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا رغم التطورات الايجابية التي يراها خبراء البنك نتيجة ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية إلا أن توقعات النمو في تلك المنطقة مازالت متوسطة المستوى على الأجلين القصير والمتوسط.

وتناول البنك الدولي في تقريره السنوي توقعات عام 2001 بصورة مفصلة أداء دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مؤكداً أن البلدان المصدرة للنفط حققت مكاسب متنامية لارتفاع سعر النفط لأكثر من 30 دولاراً للبرميل لمدة فاقت التوقعات خلال عام 2000 مما ساهم في تنامي عوائد تلك الدول من الصادرات النفطية وانعكاس هذا على تحسن الأوضاع المالية وضبط موازناتها التي أعدت على أساس متوسط سعر البرميل 22 دولارا.

وقد ساهمت تلك الفوائض والأوضاع المالية في تقليص عجز الموازنات المالية وعمليات الاقتراض من الخارج، وساق التقرير مثالاً على ذلك قائلاً إن الكويت نمت ايراداتها النفطية بنسبة 39 في المائة فيما زادت الايرادات الحكومية بنسبة 30 في المائة وترافق مع ذلك انحسار أعباء الاقتراض من الخارج وانخفضت مستويات المتأخرات المحلية.

وفي المملكة العربية السعودية أفاد تقرير البنك الدولي بأن مطالبات البنوك على القطاع العام انخفضت بنسبة ثمانية في المائة في مايو (ايار) 2000 فيما زادت بنسبة 7.7 إلى 5.3 في المائة خلال عامي 98 و99 على التوالي. وكنتيجة لتلك المؤشرات الايجابية حسبما يقول التقرير فقد تقلصت الضغوط على أسعار الصرف وهي المشكلة التي واجهتها السعودية والبلدان الخليجية خلال عام 98 والأشهر الأولى لعام 99.

وتمكنت أغلب الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بناء احتياطيات وفيرة من العملات الأجنبية تستطيع من خلالها تدعيم قيم أسعار الصرف لعملاتها المحلية، وقال التقرير ان الحسابات الجارية في تلك الدول أظهرت مستويات تحسن واسعة النطاق بزيادة قدرها 42 مليار دولار خلال الفترة من 1998 و2000 وهو ما يشكل نسبة ستة في المائة من النواتج المحلية الاجمالية للدول المصدرة للنفط في المنطقة، مشيراً إلى أن تزايد واردات ايران والجزائر خلال تلك الفترة قلل من أثر القفزة التي طرأت على الفوائض المالية لتلك الشريحة المصدرة للنفط في المنطقة.

أما على مستوى الدول ذات الصادرات المتنوعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ولا تعتمد على النفط كمصدر رئيسي للدخل فقد أبرز التقرير السنوي للبنك الدولي أن أداءها الاقتصادي خلال عام 2000 بدا معتدلاً ويميل للانتعاش إلا أن العوامل الداخلية في تلك الدول قللت من أثر الظروف الخارجية التي طرأت على المنطقة وأثرت عليها.

وتوقع التقرير أن تحقق تلك الشريحة من المنطقة معدلات نمو في العام المقبل تصل إلى 6.3 في المائة مقابل 3.3 في المائة في العام المنصرم، مشيراً إلى أن الأداء القوي للدول الأوروبية الجار الجغرافي الأقرب لتلك المنطقة ساهم في تنشيط حركة السياحة الأوروبية إلى عدد من دول المنطقة لتصل إلى مستويات قياسية في البلدان المطلة على البحر المتوسط وفي مقدمتها مصر وتونس ويليهما الأردن.

وعزز الأداء القوي للبلدان الأوروبية من حركة المعاملات التجارية مع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو الأمر الذي أبرزه تقرير البنك الدولي متمثلاً في تنامي فاتورة صادرات نوعيات معينة من المنتجات كالأغذية والسلع الأولية وبعض البضائع الميكانيكية ومعدات الطاقة، غير أن صادرات المنطقة من السلع كثيفة العمالة لأوروبا كالمنسوجات والملابس منيت بتراجع من حيث القيمة الاجمالية.

وقال البنك الدولي في تقريره إن تحويلات العاملين من الخارج لتلك الشريحة في المنطقة شهدت تحسناً كبيراً كما حدث في تونس التي ارتفعت بها بنسبة 75 في المائة نظراً للتطورات الايجابية التي طرأت على النشاط الاقتصادي في الدول الأوروبية والخليج الذي يستوعب نسب عمالة مرتفعة من البلدان المصدرة للأيدي العاملة كمصر وتونس وغيرهما.