اليورو يدخل بعد سنة حياة الأوروبيين اليومية

TT

باريس ـ أ.ف. ب: يتعين على الاوروبيين بعد سنة بالتحديد اي في الاول من يناير (كانون الثاني) عام 2002، ان يودعوا عملاتهم الوطنية القديمة ليبدأوا تداول العملة الموحدة (يورو) في حياتهم اليومية ليحقق رواد اوروبا الموحدة حلمهم القديم.

ومنذ انشاء المجموعة الاوروبية للفحم والفولاذ عام 1951 التي مثلت اول اتحاد جمركي، وانشاء السوق الاوروبية المشتركة عام 1957، قطع الاوروبيون اشواطا بعيدة للتوصل الى توحيد عملاتهم.

ولاعتماد هذه العملة الموحدة، لم يدخر الاوروبيون جهدا، فطيلة التسعينات التي شهدت ركودا اقتصاديا وسجلت ارتفاع نسب البطالة، قدموا التضحيات استجابة للمعايير القاسية التي فرضتها معاهدة ماستريخت، فرفعوا الضرائب بشكل مكثف لاعادة العافية الى الاموال العامة وقبلوا بفوائد ضئيلة بغية ضمان استقرار العملات.

وفي الاول من يناير 1999، كان لا بد للمتشائمين ان يقروا بولادة الاتحاد الاقتصادي والنقدي في اوروبا بعد سبع سنوات على توقيع معاهدة ماستريخت.

وستصبح العملة الاوروبية حقيقة للمواطنين بعد انزال القطع النقدية الورقية والمعدنية الى السوق في الاول من يناير عام 2002.

واليورو هو القطاع الذي نجح فيه الاوروبيون على احسن وجه لتحقيق وحدتهم. فقمة نيس التي عقدت في ديسمبر (كانون الاول) اظهرت ان التقدم على الصعيد السياسي يبقى امرا صعبا.

وفي ظل اليورو، سجل الاوروبيون منذ عامين نموا ثابتا وتراجعا للبطالة واسعارا ظلت مقبولة نسبيا رغم ارتفاع اسعار النفط.

ولكن العملة الجديدة لم تنجح باغراء السكان الاغنياء في شمال اوروبا الذين ظلوا متشائمين. فالدنماركيون رفضوها مرة اخرى في استفتاء جرى في الخريف الماضي، وغالبية السويديين لا يزالون بحسب استطلاعات الرأي يترددون في اعتمادها، والبريطانيون لا يريدون الانضمام اليها.

لكن اليورو يستقبل في الاول من يناير عام 2001 عضوا جديدا هو اليونان. وبذلك اصبحت منطقة اليورو تعد 12 عضوا وتضم 304 ملايين نسمة، وتعتبر نفسها قوية بقوة الولايات المتحدة.

وشهد اليورو في اسواق صرف العملات اضطرابات وتراجعت قيمته 30 في المائة بسبب المضاربات، الامر الذي لم يساعد المترددين بالانضمام اليه ولكنه سجل في اواخر هذه السنة ارتفاعا مريحا يأتي في الوقت المناسب بعد ان اطلقت الحكومات حملات مكثفة للتعريف به بين الناس قبل وضع القطع النقدية في التداول.

وبغية كسب معركة «اليورو الملموس» قررت الدول الاثنتا عشرة انفاق عشرات الملايين من اليورو لطمأنة الاوروبيين الذين اعربوا حسب استطلاعات الرأي عن قلقهم امام الصعوبات للانتقال الى العملة الموحدة.

وستساهم كل وسائل الاتصالات في حملة التعريف، بما فيها الملصقات والكتيبات والدعايات المتلفزة والصحف ومواقع الانترنت.

وظل اليورو حتى الآن في غياب النقود الورقية والمعدنية عملة وهمية بالنسبة للمواطنين. وكانت البنوك المركزية قد طالبت بهذه المهلة الطويلة، لتتمكن من صك نقود قيمتها 50 مليارا وطبع اوراق بقيمة 14.5 مليار، ولم تتم عمليات الدفع باليورو الا بشكل نادر جدا رغم الذين كانوا من السباقين وحملوا دفاتر شيكات باليورو منذ عام 1999.

ولكن من المنتظر ان يسجل اليورو في عام 2001 صعودا قويا وستدخل العملة الاوروبية الموحدة بسرعة عام 2001 في الحياة اليومية للاوروبيين، اذ ان الحسابات المصرفية ودفاتر الشيكات ستتحول تدريجيا الى اليورو ومرتبات الموظفين ستدفع بالعملة الجديدة ويتعين على الشركات ان تتعامل به بسرعة.

وفي 31 ديسمبر عام 2001، ستزف عند منتصف الليل ساعة اليورو وسيكون التدوال به امرا مشروعا في البلدان الاثني عشر. وبعد ذلك ببضعة اسابيع، على الاوروبيين ان يودعوا عملاتهم الوطنية القديمة التي ستسحب منهم نهائيا ومن غير رجعة.