د. فؤاد شاكر الأمين العام لاتحاد المصارف العربية لـ«الشرق الأوسط»: مطلوب رفع شعار «القومية العربية» بمنظور اقتصادي والانتقال من مرحلة الكلام إلى مرحلة العمل المشترك

TT

تستضيف العاصمة اللبنانية بيروت اليوم السبت اجتماع الأمناء الأربعة لاتحاد المصارف العربية واتحاد المستثمرين العرب واتحاد البورصات العربية واتحاد غرف التجارة والصناعة العربية لمناقشة وضع برنامج عملي لتفعيل التعاون الاقتصادي العربي من خلال التنظيمات الاقتصادية العربية الخاصة. وقال الدكتور فؤاد شاكر الأمين العام لاتحاد المصارف العربية في حواره مع «الشرق الأوسط» ان الاجتماع سيناقش كذلك وضع آلية جديدة من خلال هذه التنظيمات وظيفتها متابعة وتسهيل الاستثمارات العربية على الأراضي العربية عن طريق استغلال الصلة الودية بين هذه الاتحادات وبين الحكومات العربية من جهة وبينها وبين رجال المال والأعمال من جهة أخرى. وقال إن المدخل الطبيعي الحالي لتفعيل التعاون الاقتصادي العربي لا بد أن يكون بتشجيع تبادل الاستثمارات العربية ـ العربية. وأضاف أن استراتيجية اتحاد المصارف العربية تتركز على الجانب التسويقي للفرص الاستثمارية المتوفرة في أقطار العالم العربي والترويج لها بين المستثمرين.

واوضح أن الاتحاد في سبيله إلى الانتهاء من انشاء شبكة معلومات شاملة عن المصارف العربية وسيتم ربطها مع شبكة البورصات العربية لتوفير كافة المعلومات والبيانات المالية والمصرفية أمام المستثمرين العرب. وفي ما يلي نص الحوار:

* ما هو الدور الذي يمكن أن يقوم به اتحاد المصارف العربية لتفعيل التعاون الاقتصادي العربي؟

ـ المدخل الحقيقي للتعاون الاقتصادي العربي لا يمكن أن يكون إلا من خلال زيادة الاستثمارات العربية البينية لأن ذلك من شأنه أن يغير أنماط الاقتصاديات العربية القائمة على التقليد والتكرار وهي أنماط لا تساعد على التعاون ونقلها إلى حقبة جديدة من التكامل والتنوع القائم على توافر الميزات التنافسية لكل دولة عربية على حدة. كما أن الاستثمار العربي وزيادته يحقق هدفين الأول هو وضع الدول العربية المستقبلة للاستثمار تحت الاختبار لأن ذلك سوف يكشف لها العقبات والعراقيل التي تقف في طريق الاستثمارات ومن ثم العمل على حلها. أما الهدف الثاني فهو، أن الاستثمارات العربية المتبادلة تخلق مصالح عبر الحدود وبالتالي سيسعى كل مستثمر إلى زيادة انتاجه وتفعيل الاقتصاد الذي يعمل من خلاله. ولذلك ستتركز استراتيجية اتحاد المصارف العربية على شقين أولهما: التركيز الكبير على الجانب التسويقي للفرص الاستثمارية المتوفرة في أقطار العالم العربي والترويج لها بين المستثمرين العرب. وكذلك تعريف عملاء البنوك من مستوردين ومصدرين بالانتاج العربي من السلع والخدمات. وثانيهما هو التقيد بالمعايير المصرفية السليمة وبمبادئ الافصاح والشفافية تمهيداً لحصولها على التصنيفات الائتمانية التي تؤهلها ليس لدخول الأسواق العربية فحسب بل لارتياد الأسواق العالمية أيضاً.

* ولكن هل البنية التشريعية العربية تساعد المصارف العربية على تحقيق هذه الاستراتيجية؟

ـ تعزيز مناخ الاستثمار في الدول العربية يحتاج إلى توفير الإطار التشريعي المرن والاجراءات المتعلقة بعمليات الاستثمار ورغم هذا فإن التشريعات المصرفية العربية حالياً لا تمنع تحقيق ذلك فجميع تشريعات الدول العربية المعلنة تسمح بتبادل الاستثمارات ، إلا أن هناك تشريعات تضعها بعض الدول قد تكون معوقة رغم احترامنا لخصوصيات كل دولة وتقبل الضوابط التي تضعها لحماية أمنها لكننا سنجد كثيراً من الطرق المفتوحة لتفعيل التعاون بدلاً من التركيز على السلبيات وتعقيد الأمور ورفض التعاون بحجة المعاملة بالمثل. وهذا لن يتحقق إلا بجعل التعاون الاقتصادي العربي ثقافة جماهيرية تبدأ من المدارس. وإذا كنا في الماضي نرفع شعار القومية العربية من منظور سياسي فالمطلوب الآن هو رفع نفس الشعار ولكن بمنظور اقتصادي يحقق المصلحة العربية.

* هل قام اتحاد المصارف العربية بدوره كمؤسسة عربية في تفعيل التعاون الاقتصادي؟

ـ عقد الاتحاد مؤتمراً في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تحت عنوان «إعادة هندسة التعاون الاقتصادي والمالي العربي» وانتهينا فيه إلى توصيات ونتائج تحدد مشاكل ومعوقات الاستثمار العربي ـ العربي وسبل ازالتها. وسوف نعقد اجتماعاً يضم الأمناء الأربعة لاتحادات المصارف والبورصات العربية واتحاد المستثمرين العرب واتحاد غرف التجارة والصناعة العربية اليوم في لبنان بهدف تفعيل دور هذه الاتحادات في تعزيز مناخ التعاون الاقتصادي العربي. ويمثل هذا الاجتماع الانتقال من مرحلة الكلام إلى مرحلة العمل ووضع برنامج عملي لتفعيل التعاون، فضلاً عن وضع آلية جديدة من داخل هذه الاتحادات وظيفتها متابعة وزيادة الاستثمارات العربية البينية وإزالة جميع المعوقات التي تقف في طريقها. وسيتم كذلك بحث تفعيل التعاون الاقتصادي العربي من خلال الصلات الودية التي تربط بين هذه الاتحادات والجهات الرسمية من جهة وبين الاتحادات ورجال المال والأعمال من جهة أخرى.

* من أهم الدعائم التي يقوم عليها أي تعاون اقتصادي مسألة توافر المعلومات، ماذا فعلتم لتوفير هذا العنصر الهام؟

ـ يجري اتحاد المصارف العربية العمل حالياً على انشاء شبكة المعلومات المصرفية العربية. هذه الشبكة ستوفر جميع البيانات عن البنوك العربية ومراكزها المالية وأعضاء مجالس ادارتها وطبيعة الخدمات التي تقدمها وقوانين العملة وأسعار الصرف والتشريعات المالية الحاكمة في جميع البلدان العربية وسوف يتم ربط هذه الشبكة مع شبكة البورصات العربية ومؤسسة النقد العربي وسوف يكون لهذه الشبكة موقع على شبكة المعلومات الدولية «الانترنت» بحيث يستطيع أي مستثمر أو رجل أعمال عربي أن يفتحها ويحصل على المعلومات التي يريدها.

* هل المصارف العربية مؤهلة حالياً لمواجهة مخاطر تحرير تجارة الخدمات ومنافسة بنوك الحجم الكبير؟

ـ أدى تزايد اندماج معظم الاقتصاديات العربية في الاقتصاد الدولي ودخول عدد كبير من المصارف العالمية التي تعمل وفق أساسيات المهنة المصرفية العصرية إلى الأسواق العربية إلى تنامي درجة المنافسة الأجنبية داخل الأسواق المصرفية العربية. رغم المخاوف الناجمة عن اندماجات البنوك العالمية وظهور ما يسمى بالميجا بنك. والبنوك العربية من حيث قدرتها على مواجهة هذين التحديين تنقسم إلى ثلاثة مستويات الأول هو مجموعة البنوك العربية التي حققت تقدماً كبيراً على كافة المستويات ولا يحمل لها المستقبل أي تحديات صعبة وتمثل، بنوك دول الخليج والبنوك السعودية طليعة هذه المجموعة. وقد استطاعت البنوك السعودية خلال الفترة الماضية تطوير امكانياتها المادية والبشرية والتكنولوجية وأصبحت قادرة تماماً على مواجهة التحديات وتحتل البنوك السعودية حالياً قائمة البنوك العربية الأكثر ربحية في العالم العربي. ونفس الكلام ينطبق على البنوك اللبنانية والمصرية والتونسية والمغربية التي استطاعت أن تطور نفسها رغم أن امكانياتها أقل كثيراً من بنوك دول الخليج ولكن هناك دولاً أخرى تحتاج إلى جهود كبيرة حتى تكون قادرة على مواجهة هذه التحديات.

* هل الاندماج صيغة مناسبة للمصارف العربية لمواجهة هذه التحديات؟

ـ لا يجب أن نضع «فورمات» جامدة لمواجهة هذه التحديات. والاندماج ليس دائماً الأسلوب الأمثل لحل مشاكل البنوك العربية بل على العكس فالتجارب الدولية أثبتت أن الاندماج يخلق أحياناً مشاكل أكثر مما يجلبه من ميزات وهو ما حدث مع بنك «يو بي أس» والبنك السويسري وتكرر الأمر نفسه مع «دريزنر» و«دوتش بنك». وهناك أشكال أخرى تستطيع أن تحقق الميزات الناجمة عن الاندماج والتقليل من سلبياتها مثل التحالفات الاستراتيجية وهو ما فعلته البنوك اللبنانية عندما اتفقت جميعها على توحيد آلات الصرف الآلي وكذلك يمكن تبني أسلوب الاتفاقيات الثنائية في تبني الأساليب التكنولوجية الحديثة لتطوير المنتجات المصرفية وتقديم خدمات جديدة.