الجنيه المصري يفقد 30% من قيمته وحالة من الارتباك تسود الأوساط الاقتصادية

TT

تراجع سعر صرف الدولار في السوق المصري بشكل ملحوظ خلال الساعات الاخيرة بلغ 395 قرشا في المتوسط للبيع والشراء بعد قرار وزير الاقتصاد سحب تراخيص 5 شركات صرافة خالفت قواعد التعامل في السوق المصري.

وكانت أزمة الدولار قد تصاعدت في السوق المصري لصرف العملات الأجنبية حيث تجاوز سعره حاجز الـ420 قرشاً في بعض شركات الصرافة، الأمر الذي انعكس سلباً على الأوساط الاقتصادية المصرية وأثار حالة من الارتباك وعدم الاستقرار، لاسيما بعد أن فشلت كافة المحاولات لكبح جماح الدولار، وكذا تصاعد حدة الخلافات داخل كواليس الحكومة حول أسلوب مواجهة الأزمة التي تسببت في خفض قيمة الجنيه بنحو 30 في المائة وتراجع القدرة التصديرية وزيادة فاتورة الواردات. ففي الوقت الذي تصر فيه وزارة المالية على رفض الاستمرار في استخدام الاحتياطي النقدي في توفير الدولار ومواجهة زيادة الطلب عليه وارتفاع سعره بدعوى أن هذا الحل سيؤدي الى تأثير سلبي على طرح السندات الدولارية بالأسواق الخارجية خلال الأسابيع القادمة، تؤكد وزارة الاقتصاد أن الأمر يتطلب الاستمرار في ضخ الدولار من حصيلة النقد الأجنبي المتوفرة لدى البنك المركزي للحيلولة دون مزيد من تفاقم الأزمة.

وفي إطار الأزمة تبادلت الفعاليات الاقتصادية المصرية التراشق بالاتهامات عن مسؤولية المأزق الحالي، بينما أكد خبراء مصرفيون أن المشكلة باتت مزمنة وأن الموقف الحالي يحتاج الى إعادة نظر عاجلة في ربط الجنيه المصري بالدولار، حيث أوضح محافظ البنك المركزي السابق علي نجم ان الاحساس بالمشكلة تضاعف، الآونة الأخيرة نتيجة التباين بين أسعار الصرف في الجهاز المصرفي وبين أسعار الصرف في شركات الصرافة، واتهم نجم معظم شركات الصرافة بعدم الالتزام بالأسعار التي تعلنها وانها تتعامل في معظم الأحيان وفقاً للمعروض أو المطلوب من الدولارات، مشيراً الى ان البنوك تتحمل جزءا من المسؤولية لعدم قدرتها على تلبية طلبات العملاء للنقد الأجنبي وخاصة الدولار، الأمر الذي يضطر العملاء الى اللجوء لشركات الصرافة.

من جانبها، رفضت شركات الصرافة الاتهامات الموجهة إليها، وأكدت على لسان رئيس شعبة الصرافة حسن الابيض ان سعر الصرف ما هو إلا انعكاس للأداء الحكومي، وخاصة عندما تكون السوق حرة وتخضع لعوامل العرض والطلب كما يحدث الآن، مشيرة الى انها لم تضارب على سعر الدولار قط وانها ظلت لمدة 7 سنوات أو أكثر في عقد التسعينات تشتري الدولار بحوالي 342 قرشاً وتبيعه بما لا يزيد على 345 قرشاً، وكذلك حذرت شركات الصرافة من التدخل الاداري بطرق أخرى غير استمرار البنك المركزي في ضخ الدولارات التي يحتاج اليها السوق وذلك للحيلولة دون ظهور السوق السوداء للدولار كما حدث نهاية عقد الثمانينات.

الى ذلك يحاول البنك المركزي المصري خلال هذه الفترة الحفاظ على درجة مناسبة من الاستقرار في الأسعار ومواجهة ما يمكن أن يحدث من ارتفاعات عشوائية غير مبررة في السوق، مؤكداً انه لا خوف مطلقاً من استخدام الاحتياطي النقدي لضبط سعر الصرف بدعوى ان النقص في الاحتياطي النقدي يمكن تعويضه خلال الفترة القادمة مع زيادة تحويلات المصريين في الخارج ونمو ايرادات السياحة وصادرات البترول وقناة السويس وأيضاً زيادة حجم الصادرات وتراجع الواردات، كما اضطر البنك الى طرح 400 مليون دولار لإخماد الأسعار الذي نشب في الدولار اخيراً.

من جهتها، أسرعت الحكومة الى توضيح سوء التفاهم الذي نتج عن تصريحات رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد الاسبوع الماضي بأنه لا تعويم ولا تثبيت للجنيه وأن الحكومة لن تستمر في استنزاف الاحتياطي النقدي، مؤكدة ان هذه التصريحات لم تكن تعني أن الحكومة ستقف متفرجة أمام الزيادة المفتعلة للدولار وأنها ستتخذ كل الاجراءات الكفيلة بعودة الاستقرار لأسعار صرف العملات الأجنبية.

وفي مواجهة الأزمة الراهنة اتخذت الحكومة والبنوك اجراءات عاجلة، في مقدمتها اللجوء لاستخدام الودائع الدولارية للجهات الحكومية لزيادة المعروض من الدولار بالأسواق حيث تقرر ضخ نحو 5.1 مليار دولار من ودائع 14 جهة تشمل الوزارات وشركات التأمين وشركات قطاع الأعمال العام والهيئات العامة الاقتصادية والخدمية، بالاضافة الى تشديد الرقابة على شركات الصرافة لمنع عمليات التلاعب في الأسعار، فضلا عن منع البنوك من النزول لشراء دولارات من شركات الصرافة ورفع سعر الدولار لديها أمام الجنيه لعدم المساهمة في عملية المضاربة، وكذا وقف اقراض العملاء بالجنيه بضمان الودائع الدولارية بهدف إجبار الشركات والأفراد الذين يمتلكون حسابات بالدولار على تسييل ودائعهم الدولارية وضخها في السوق، كما تبحث السلطات المصرفية المصرية حزمة اجراءات أخرى للقضاء على الأزمة نهائياً في مقدمتها فك الارتباط بين الجنيه والدولار وربطه بسلة عملات تضم الدولار واليورو والين والجنيه الاسترليني، بالاضافة الى تعديل قانون البنوك لمنع دخول وخروج النقد الأجنبي عبر المنافذ الجمركية من دون ضوابط.