توقعات بانتقال التباطؤ الاقتصادي من أميركا إلى أوروبا

توقع ارتفاع أسهم المصارف وقطاع الاتصالات ووسائل الإعلام والتكنولوجيا واليورو

TT

بقلم مايكل هارتنت * بينما يبقى اكثر المستثمرين متفائلين تجاه الاقتصاد الاوروبي القاري، نجد انفسنا في موقع الذين يترقبون تباطؤاً في النمو الاوروبي.

فقد عدّلت مريل لينش هذا الاسبوع من نظرتها الى اوروبا وخفضت معدل نموها المرتقب من 2.7 في المائة الى 2.5 في المائة. ويعود ذلك الى الضعف الذي اعترى الصادرات الاوروبية التي هي تقليديا قوة دافعة للاقتصادات في اوروبا. فضلا عن ان التدهور الذي اصاب الصناعة الاميركية يوحي بان اعتماد جانب الحذر بالنسبة الى الارقام الاقتصادية والربحية في اوروبا هو امر مطلوب. فلا حصانة لاوروبا ازاء ما يجري عبر الاطلسي، حتى يمكننا القول ان اوروبا تتأثر بحالة الانتاج الصناعي اكثر مما يتأثر بها الاقتصاد الاميركي، ففي الاقتصاد الاميركي تشكل الصناعة 28 في المائة مقابل 18 في المائة في الولايات المتحدة.

هناك احصاءات مغلقة يجب الا تغيب عن الاذهان وهي الترابط الوثيق بين الانتاج الصناعي في الولايات المتحدة والمؤشر الطليعي الذي يعكس حالة الاقتصاد الاوروبي. فالصناعة الاميركية، باستثناء التكنولوجيا، قد اعتراها الانكماش في الاشهر الاخيرة وفي الوقت نفسه ضعف المؤشر الطليعي الاوروبي وانزلقت لمدة سبعة اشهر، ويمكن ان يتسارع هذا الهبوط متماشيا مع ما تشير اليه المعطيات الاحصائية في الولايات المتحدة.

لا نترقب ارتفاعا اقتصاديا من الحجم الكبير في هذا المنعطف. بدل ذلك، فان خفض الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الاتحادي الفدرالي والبنك المركزي الاوروبي هو مرجح بغية دعم النمو الاقتصادي. من شأن هذه الخطوات ان تتحقق في النصف الاول من هذه السنة. ومن المرتقب ان يخفض المصرف المركزي الاميركي 100 نقطة اساسية يشرع بتنفيذها في 31 يناير (كانون الثاني) ونتنبأ بحصول خفض بمعدل 50 نقطة اساسية يقوم به البنك المركزي الاوروبي.

وفي مسح اجرته مؤخرا مريل لينش اظهر مديرو الاستثمار تفاؤلا خاصا بالنسبة لاسهم المصارف. وقد يكونون على حق. فالمخاوف حيال «التضييق الائتماني» اخذ يزول بحيث ان معدلات الفائدة على السندات المصنفة من النوع الرديء عادت الى التدني.

في الفترة الاخيرة من السنة الماضية راحت تنتاب الاسواق مخاوف من انكماش في التسليف المتوفر للشركات والافراد يمكن ان يعيق النمو الاقتصادي، وعلى الخصوص في الولايات المتحدة. تلك المخاوف من تدهور نوعية التسليف كانت تؤثر على مردود السندات التي تصدرها الشركات المصنفة من الدرجة الدنيا فيرتفع ايرادها، وذلك بسبب الخشية المتزايدة من خطر التخلف عن الوفاء. هذه المخاوف تبددت في الوقت الحاضر واخذ المرود على هذا النوع من السندات في الانخفاض. لقد تدنى المردود في مؤشر مريل لينش الرئيسي للايراد العالي من ذروة بلغها في اوائل ديسمبر (كانون الاول) الفائت وهي 16.8 في المائة الى 14.4 في المائة في منتصف يناير الحالي.

وهناك عامل دعم اضافي محتمل للأسهم المالية وهو ارجحية ان يخفض البنك المركزي الاوروبي معدلات الفائدة في الاشهر القادمة استجابة للمعطيات الاقتصادية الاوروبية التي تزداد سوءاً. فقد واصل منحنى المردود الالماني التصاعد باعتدال، حيث نرى الفارق بين المعدل المتدني للفائدة القصيرة الاجل والمعدل الارتفاعي للفائدة الطويلة الاجل يرتفع باستمرار. ان منحنى صاعدا للمردود هو عادة خبر سار للاسهم المالية، لانه يخول المصارف ان تستدين اموالا قصيرة الاجل بفوائد رخيصة وتقرضها للامد الطويل بمعدلات عالية للفوائد.

والمبرر الاخير الذي نراه في صالح قطاع المصارف هو انه واحد من القطاعات النادرة في اوروبا التى تتوقع ارتفاعا في ارباحها لسنة 2001. ولذلك نبقى محبذين لتوظيف الاموال في القطاع المصرفي.

ولكن ما سيكون مصير اليورو، هذه العملة التي امضت اكثر الوقت في عام 2000 تنزلق في قيمته ازاء الدولار الاميركي والجنيه الاسترليني؟ هناك عدد قياسي بلغ 77 في المائة من مديري صناديق الاستثمار جرى استفتاؤهم من قبل مريل لينش اجابوا ان اليورو هو عملتهم المفضلة لعام 2001. نحن ايضا نتكهن بيورو اقوى ونتوقع ان تتساوى قيمته مع الدولار في منتصف السنة. في الوقت الحاضر يشتري الدولار 1.065 يورو. لكن بما ان عددا كبيرا من المستثمرين يحتفظون حاليا بمراكز ضخمة من العملة الاوروبية فهو امر قد يعيق السرعة التي يرتفع بها اليورو عن المستوى الحاضر.

واذا تطلعنا الى المستقبل، ايقنا ان اسهم شركات الاتصالات ووسائل الاعلام والتكنولوجيا ذات النوعية الجيدة هي افضل وسيلة للاستثمار المربح في الموجة الارتفاعية الراهنة. فكلما ضعفت المعطيات الاقتصادية الاساسية الصادرة عن الولايات المتحدة واوروبا اعتمدت السلطات النقدية التخفيض في معدلات الفائدة وازداد ضخ الاموال من قبل المصارف المركزية، الامر الذي يجعل هذين القطاعين اكثر جاذبية. وهذا يظل صحيحا إلا اذا صدرت اخبار اقتصادية اسوأ من المتوقع وحصل ارتفاع حاد في اسعار النفط متزامن مع ارباح اضعف مما يترقب المحللون. وانه يترتب على هذه الموجة الارتفاعية في سوق الاسهم ان تستمر.

*مدير استراتيجية الأسهم الأوروبية في «مريل لينش»