السعودية تقترح آلية جديدة لفض المنازعات التجارية بين أعضاء منطقة التجارة العربية الحرة

الدورة 67 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالجامعة العربية تختتم أعمالها بالقاهرة أمس

TT

حظيت اقتراحات د. ابراهيم عبد العزيز العساف وزير المالية والاقتصاد الوطني السعودي، الخاصة بإيجاد آلية عربية جادة لفض المنازعات التجارية بين المصدرين والمستوردين العرب، باهتمام بالغ من وزراء الاقتصاد والمالية على هامش اجتماعات الدورة 67 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالجامعة العربية الذي اختتم اعماله امس حيث اتفق الوزراء العرب على ضرورة توفير تلك الآلية بشكل متطور ومتناسب مع المتغيرات الدولية والاقليمية، وهو ما جعل الوزير السعودي يؤكد اهمية الاستفادة من خبرات التكتلات الاقتصادية المعاصرة مثل، منظمة التجارة العالمية والسوق الاوروبية المشتركة والنافتا في تدشين الآلية العربية الجديدة لفظ المنازعات التجارية.

واعتبر وزير المالية والاقتصاد الوطني السعودي ان بلاده حريصة على تفعيل منطقة التجارة العربية الحرة والالتزام ببنود التخفيض الجمركي وفقا للفترات الزمنية المحددة في الاتفاقية تنفيذا للسياسة العامة في السعودية الداعية لزيادة حجم التبادل التجاري بين الدول العربية وتكثيف التعاون بين المستثمرين من كل الاقطار العربية وصولا لتحقيق هدف السوق المشتركة التي مضى عليها اكثر من 36 عاما، ومع ذلك لا يتجاوز حجم التبادل التجاري بين الاقطار العربية 10 في المائة من حجم تجارة العرب مع العالم الخارجي.

وبلور وزراء الاقتصاد والمالية العرب على مدار يومين من الاجتماعات الرغبة العربية الصادقة في تفعيل السوق المشتركة بشكل عملي باعتبار ان التكامل الاقتصادي عملية تاريخية وتحتاج الى فترة زمنية طويلة حتى تنضج وتكتمل. مشيرين الى منطقة التجارة الحرة كأول مرحلة من مراحل تحقيق التكامل الاقتصادي، بما تعنيه من تحرير المبادلات التجارية بالغاء الحواجز والقيود الجمركية وغير الجمركية امام انتقال السلع والخدمات بين مجموعة الدول المشاركة، حيث اشار د. يوسف بطرس غالي وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية المصري الى ان الدول العربية حققت انجازا ملموسا خلال السنوات الاربع الاخيرة في تفعيل منطقة التجارة الحرة الكبرى رغم بعض السلبيات داعيا الى تفعيل الاتفاقيات الثنائية متعددة الاطراف وصولا للهدف العام للتكامل، خاصة ان عدد الدول العربية التي وقعت اتفاقية منطقة التجارة بلغ 14 دولة.

اما احمد بن عبد النبي مكي وزير الاقتصاد الوطني بسلطنة عمان رئيس الدورة الحالية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي فقد اكد على سرعة تطوير وتوسيع المنطقة الحرة لتشمل جميع الدول العربية الاعضاء في الجامعة العربية، واكد ان انشاء منطقة تجارة حرة عربية كبرى يمكن ان يمثل نقطة انطلاق وقوة دفع جديدة لاستئناف مسيرة التكامل، اذا ما توفرت الآليات والمقومات الضرورية، خاصة ان صيغة منطقة التجارة الحرة هي الصيغة الاكثر ملاءمة في هذه المرحلة باعتبارها مدخلا اساسيا لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي.

ويتفق د. احمد جويلي الامين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية الذي لم يشارك في الاجتماع لكنه قال في تصريح لــ«الشرق الأوسط» ان المنطقة الحرة الكبرى هي بالفعل المدخل الاساسي لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي لعدة اسباب منها، وجود تنوع في الهياكل الاقتصادية بين البلدان المتقاربة في هياكلها الانتاجية وايضا التقارب المطرد بين الانظمة والسياسات الاقتصادية العربية مع تطبيقها لبرامج التصحيح الهيكلي والاصلاح الاقتصادي التي تتجه بها جميعا نحو افتقاد السوق ومن ثم تحرير التجارة بالاضافة الى وجود فوائض سلعية لبعض المنتجات الزراعية والصناعية تحتاجها دول عربية اخرى.

وكشفت اجتماعات الدورة 67 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بخصوص تفعيل منطقة التجارة الحرة حرص البلدان العربية على التعاون الاقتصادي المكثف في المرحلة المقبلة من خلال اتفاقيات تجارية منظمة، حيث ان البرنامج التنفيذي لتفعيل وتطوير اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري العربي يهدف الى تفعيل المنطقة الحرة الكبرى خلال عشر سنوات تنتهي في ديسمبر (كانون الأول) 2007، ويتضمن البرنامج التنفيذي للمنطقة الذي جدد وزراء الاقتصاد والمالية العرب التأكيد عليه امس معاملة السلع العربية التي تدخل للتبادل وفقا لهذا البرنامج معاملة السلع الوطنية في الدول الاطراف فيها فيما يتعلق بقواعد المنشأ والمواصفات والمقاييس واشتراطات الوقاية الصحية والامنية والرسوم والضرائب المحلية.

وجدد الوزراء العرب في ختام اجتماعهم تأكيدهم على عدم خضوع السلع العربية التي يتم تبادلها في اطار البرنامج التنفيذي لاية قيود جمركية تحت أي مسمى ونفس الامر بالنسبة للقيود غير الجمركية سواء كانت كمية أو ادارية أو نقدية.

وتأتي تجربة اقامة منطقة تجارة حرة عربية كبرى في سياق زمني وفي ظل ظروف عالمية واقليمية تفرض عليها بعض الخصوصية، مما جعلها تختلف عن التجارب السابقة حيث انها استندت الى قرار عربي جماعي واعتمدت اسلوب التدرج للوصول الى هدفها. ويؤكد مراقبون للاداء الاقتصادي العربي اهمية توافر الارادة السياسية العربية لتفعيل المنطقة الحرة وعدم الخلط بين العلاقات السياسية التي تتعرض للتذبذب وما تتطلبه العلاقات الاقتصادية من استمرارية وتفاعل دوري في جميع الانشطة الاقتصادية والتجارية.