قانون جديد للنقد والقرض يحد من صلاحيات محافظ بنك الجزائر

TT

صادق البرلمان الجزائري، امس، بالأغلبية على أمر رئاسي يعدل قانون النقد والقرض الساري منذ ابريل (نيسان) 1990. ويتضمن القانون في صيغته الجديدة عدة تعديلات أهمها ان محافظ بنك الجزائر (البنك المركزي) لن يعين لمدة خمس سنوات، بل يخضع لارادة رئيس الدولة، مثله مثل نواب المحافظ.

وقد فضل الرئيس بوتفليقة تعديل القانون بواسطة امر رئاسي وقع عليه في 27 فبراير (شباط) الماضي، بدل تقديمه في صيغة مشرع للبرلمان للمصادقة عليه بعد مناقشته واقتراح تعديلات عليه، علماً ان التشريع بأوامر من احدى صلاحيات الرئيس الدستورية، عندما يكون البرلمان في عطلة وفي الحالات الاستثنائية. ووجد نواب المجلس الشعبي الوطني (الغرفة البرلمانية الأولى) انفسهم مضطرين على التصويت على الأمر الجديد من دون مناقشته، وقد وافقت الأغلبية عليه، وهو ما كان منتظراً، في حين رفضه بعض النواب في المعارضة (حزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية) وفي بعض احزاب الائتلاف الحاكم (حركة مجتمع السلم والتجمع الوطني الديمقراطي)، وامتنع عن التصويت نواب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية، الممثل في الحكومة بوزيرين، حيث اعتبروا في بيان وُزع على الصحافة انهم لا يوافقون على الكيفية التي تم بها تعديل القانون، مشددين على ان الأمر الرئاسي من شأنه ان يحد من صلاحيات محافظ بنك الجزائر ويؤثر على استقلالية هذه المؤسسة في تسيير السياسة النقدية للبلد دون الخضوع الى الحكومة. في حين أكد محند ارزقي فراد (نائب منشق عن جبهة القوى الاشتراكية لحسين آيت احمد) ان «لجوء الرئيس الى التشريع بواسطة اوامر يعتبر تجاوزاً للمؤسسة التشريعية ومن ثم فانني اقترح حل البرلمان اصلاً بدل استعماله كواجهة». من جهتها اعتبرت الحكومة ان التعديلات الجديدة «تهدف الى التمكين من خلق انسجام بين السلطة التنفيذية وبنك الجزائر والفصل بين ادارة مجلس بنك الجزائر والسلطة النقدية قصد ارساء الاستقلالية النقدية وتحقيق الترابط الأمثل بين مكونات الصرح المؤسساتي».

وكان رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، صاحب القانون الأول، قد حذر في وقت سابق من اللجوء الى تعديل قانون النقد والقرض، واعتبر ذلك مساساً بأحد اعمدة الدولة الجزائرية اضافة الى التقليص من دور وسائل الاعلام وحرية التعبير. كما ان رئيس الحكومة السابق احمد بن بيتور استقال في اغسطس (آب) من العام الماضي بسبب أمر رئاسي كان بوتفليقة قد أعده لتعديل قانون تسيير الأموال التجارية العمومية، وقد أكد في نص استقالته ان اللجوء الى التشريع بأوامر في وقت يشتغل فيه البرلمان بصورة عادية لا يخدم الديمقراطية في البلد، ومن دون ان تكون هناك أية حالة استعجالية تدعو الى ذلك.

وكانت مصادر مطلعة قد ذكرت لـ«الشرق الأوسط» ان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أبدى استياءه عندما تولى الحكم في ابريل (نيسان) 1999، من لجوء الرئيس الأمين زروال، نهاية سنة 1998، الى تجديد عهدة محافظ بنك الجزائر لخمس سنوات أخرى واعتبر ذلك بمثابة عرقلة له في تسيير شؤون البلد وفق ارادته ومع الرجال الذين يختارهم بنفسه. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يثار فيها نقاش حول تجاوز صلاحيات وعهدة محافظ بنك الجزائر، بل سبقت الى ذلك حكومة بلعيد عبد السلام لما قامت عام 1993 بتنحية المحافظ السابق عبد الرحمن حاج ناصر، قبل سنتين من انتهاء عهدته القانونية وعوض بعبد النور كيرامان المحافظ الحالي الذي يستعد لمغادرة منصبه قريباً.