«بوينج» تقرر الهرب من موطنها في سياتل إلى مدينة أكثر تنوعا وذات مناخ ضريبي أفضل

مصادر الشركة: الانتقال جزئي وأزمة المرور الخانق أحد دوافع الانتقال

TT

يحاول المسؤولون في مدينة سياتل تلطيف حدة الاخبار التي تفيد بعزم شركة بوينج الجوية على نقل مقارها من هناك بقولهم ان الشركة ستنقل مكاتبها الى مكان آخر، ولكنها ستبقي على 80 ألفا من الوظائف التابعة لها في هذه المدينة. وبينما بدا عمدة سياتل بول شول وكأن احدهم سدد له لكمة في الوجه، فقد حاول تهدئة الاجواء بقوله «ان هذا سبب لبعث الطمأنينة بين الناس».

بيد ان مجرد اعلان شركة ويليام بوينج التي تأسست في سياتل عام 1916 عزمها على نقل مقارها الى مكان آخر، وتحديدا «الى اي مكان غير سياتل»، كان ضربة في حد ذاتها لهذه المدينة. إذ ظل طموح سياتل المتمثل في ابراز نفسها كمدينة عالمية وتحقيق مستويات معيشية عالية لسكانها ظل مرتبطا دائما بهذه الشركة العملاقة.

وعلى مر الاعوام، ظل الرفاه الاقتصادي متصلا بما توفره بوينج من فرص عمل ووظائف، غير ان التقدم التكنولوجي الذي تحقق خلال العقد الاخير دفع بهذه المدينة الى مركز الاقتصاد الجديد وخفف من قبضة الشركة العملاقة على الاقتصاد الاقليمي.

مع ذلك، فان رحيل بوينج يتزامن مع معاناة سياتل من تراجع في التجارة عبر الانترنت، وفي وقت خسرت فيه المدينة نحو 6 آلاف فرصة عمل في قطاع التكنولوجيا المتقدمة خلال الاشهر الـ15 الماضية. وعبر حاكم الولاية جاري لوك، الذي علم بخبر اغلاق الشركة مقارها عبر مكالمة هاتفية تلقاها من المدير التنفيذي لبوينغ الاسبوع الماضي، عن اسفه قائلا «اشعر بالذهول والحزن الشديد لسماع اخبار نقل اي جزء من شركة بوينج خارج المنطقة الشمالية الغربية للمحيط الهادئ. اذ ظلت هذه الشركة جزءا لا يتجزأ من الروح والتاريخ الريادي لولاية واشنطن». ومما يزيد من مشاعر الالم في سياتل ان الشركة لم تقرر بعد الجهة التي ستنتقل اليها، وقد يشتم من ذلك تفضيل مدن مثل دنفر او دالاس او شيكاغو على سياتل. وكانت الشركة اعلنت في وقت سابق انها تبحث عن مدينة تتميز بـ«التنوع الثقافي» والارتباط القوي ببقية العالم.

وكانت سياتل حصرت كثيرا من مظهرها كمدينة عالمية في وجود شركة بوينج فوق اراضيها كأضخم مكان للصادرات الاميركية ودورها المهم في تطوير سياسات التجارة الدولية. ولن يكون لآلاف الوظائف الحكومية التي ستنقلها بوينج معها سوى تأثير محدود على الاقتصاد الاقليمي الذي يظل قويا رغم التراجعات الاخيرة التي عانت منها التجارة عبر الانترنت. ومن المتوقع ان تشهد فرص العمل زيادة بنسبة 7.1 في المائة ببروز 30 ألف فرصة عمل جديدة بحلول نهاية العام، حسبما افاد الاقتصادي المختص بالمنطقة دوج بدرسن. وبرأي بدرين فان «بوينج لم تساهم كثيرا في ضبط هذه المعادلة، فالشركة لم تنجح إلا مؤخرا في التغلب على الدورة الهابطة التي جعلتها تطرد 26 ألف شخض خلال السنتين الماضيتين، ولم تستعد أكثر من مائة وظيفة في الشهر من الفترة الاخيرة، ولكن السؤال الكبير على كل الشفاه هو: لماذا؟

«بوينج لم تخف امتعاضها من التركيبة الغريبة للاعمال في واشنطن. فالشركات بهذه المنطقة تدفع 47 %، من جملة الضرائب، وهي أعلى النسب في الغرب، كما ان معدلات ضمانات البطالة هي الاعلى في كل البلاد، أي أكثر من ثلاث مرات المعدل الوطني. العامل الآخر الذي لا يمكن انكاره هو فوضى المواصلات بمنطقة سياتل. فالنمو الهائل أدى لاختناق كل الطرق، في الوقت الذي تباطأت فيه الحكومة الاقليمية في انشاء نظام للنقل الخفيف بالسكة الحديدي، كما أدت مبادرات المواطنين الى تقليل العائدات الضريبية التي تصرف على المواصلات.

قال بلارد عن «بوينج»: «كانوا يفاجأون بالشحنات التي يرسلونها الى المصانع وقد حبستها اختناقات المرور طوال الليل. فحتى من الثانية صباحا هناك اختناقات في حركة المرور».

* لوس انجليس (خاص بـ«الشرق الأوسط»)