التباطؤ الاقتصادي بدأ يؤثر على ألمانيا صاحبة اقوى اقتصاديات أوروبا

TT

في الوقت الذي يتعرض فيه الاقتصاد الاميركي والياباني لمشاكل عديدة، بدأت الانظار تتجه الى المانيا حيث اكبر اقتصاد اوروبي والذي هو الاخر يبدو انه سيدخل زمرة الاقتصاديات العالمية التي تعاني من مشاكل. فمن المتوقع ان تعلن برلين قريبا تخفيض توقعات النمو الاقتصادي للعام الحالي من 2.6 في المائة الى2.2 في المائة.

ويبدو ان تباطؤ الاقتصاد العالمي بدأ يؤثر على اوروبا بصفة عامة والمانيا اكبر الاقتصاديات الاوروبية من ضمنها بالطبع.

كما ان المصرف المركزي الاوروبي وهو المصرف المركزي الاساسي الوحيد في العالم الذي لم يخفض سعر الفائدة هذا العام، تدل المؤشرات الى احتمال قيامه بذلك. ويتوقع المراقبون اعلان تخفيض سعر الفائدة في موعد اقصاه 11 ابريل (نيسان) القادم.

ويبدو ان الوضع في المانيا هو وراء قلق المصرف المركزي الاوروبي نظراً لان المانيا تمثل لوحدها ثلث النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو التي تضم 12 دولة. وقد شاع الاضطراب في الاسواق الاوروبية في الاسبوع الماضي عندما كشف استطلاع للرأي ان الثقة في النشاط الاقتصادي الالماني بدأت تنخفض. فقد كشف استطلاع اجراه مركز ابحاث الماني ان 58 في المائة من رجال الاعمال الالمان يعتقدون ان الظروف بالنسبة للشركات الكبرى غير جيدة ومن المرجح ان تستمر كذلك. والجدير بالذكر ان 24 في المائة من رجال الاعمال الالمان كانوا يعتقدون ذلك قبل 6 اشهر.

وذكر ويدن شتاينر الخبير الاقتصادي في «دي جي بانك» في فرانكفورت «لقد كنا نعتقد اننا محصنون ضد التباطؤ الاقتصادي الاميركي ولكن اضطراب الاسواق والمشاعر السلبية عالميا قد غيرت تلك النظرة». واضاف شتاينر ان «بعض تلك العوامل نفسية، فالمشاعر السلبية في الولايات المتحدة تترجم بسرعة اكثر من اي مؤشر اخر».

والجدير بالذكر ان المانيا تعتمد على التجارة اكثر من اي اقتصاد اوروبي آخر، ولكن الولايات المتحدة تشتري 10 في المائة فقط من الصادرات الالمانية.

غير ان الصادرات ليست هي المجال الوحيد الذي يتأثر بالتباطؤ الاقتصادي، فمبيعات الشركات الالمانية العاملة في اميركا والتي تصل الى 250 مليار دولار سنويا هي الاخرى مرشحة للتباطؤ.

واكبر دليل على ذلك هو قرار شركة «باير» الالمانية لصناعة الادوية والمواد الكيماوية بوقف خطة لبيع ما تبقى من ملكيتها في شركة «اجفا» البلجيكية.

وتشكو الشركات الالمانية ايضا من تكلفة العمالة المرتفعة، وقوانين العمل المتشددة والقيود على التسويق وغير ذلك من الانشطة الاقتصادية.

وكانت حكومة يسار الوسط للمستشار جيرهارد شرودر قد قامت ببعض الخفض الضريبي للشركات بنسبة تتراوح بين 25 في المائة و30 في المائة. كما الغت الضريبة على ارباح رأس المال بالنسبة للشركات الالمانية التي تحاول التخلص من التحالفات غير المنتجة ببيع حصصها.

ولكن الحكومة لم تسهل الامور بالنسبة للمستخدمين. فقد الغت الحكومة قرار الحكومة السابقة بخفض المرتبات التي تدفع للعاملين المرضى، كما جعلت من الصعب على الشركات الصغيرة التخلص من العاملين. ورفعت مساهمات الشركات في الضمان الاجتماعي للعاملين لديهم الذين يحصلون على وظائف ذات مرتبات ضئيلة ووضعت اجراءات جديدة على وظائف الدوام الجزئي والوظائف المؤقتة.

والمعروف ان العمال في الشركات الالمانية العملاقة مثل «فولكسفاجن» و«سيمنز» يمتلكون أصواتا قوية في مجالس الادارة. وتتيح قوانين البلاد للعاملين في تلك الشركات التمثيل لما بين ثلث الى نصف مقاعد مجالس الادارة، وهذا يعطيهم رأياً في استراتيجية الشركة وكذلك حق الفيتو على بعض القرارات الادارية. وطبقا لتعديلات جديدة فإن العاملين في الشركات الصغيرة سيحصلون على نفس القوانين.

وكان معدل البطالة في المانيا قد انخفض لمدة سنتين متتاليتين قبل ان يرتفع في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط). الا انها مرتفعة على اية حال: 10.1 في المائة على مستوى عموم المانيا و17 في المائة في شرق البلاد.

ويوجد في المانيا، في الواقع سوقان للعمل، الاول رسمي تلتزم فيه الشركات بعقود عمل يتم التفاوض عليها رسميا على مستوى القطاع بأكمله. الا ان الاستثناءات الكثيرة في القانون قد ادت الى خلق سوقا اخرى ناشطة على مستوى الدولة للدوام الجزئي والمؤقت لا تحدد فيه الاجور ولا ساعات العمل.

ويوضح فيلي لايبفريتس الاقتصادي في معهد ايفو للابحاث في ميونيخ ان «المشكلة هي ان هذه الوظائف لا تذهب الى العاطلين عن العمل الفعليين، بل انها تكون لصالح طلبة يعملون جزئيا او يحصلون على وظيفة ثانية ولذا فإن معدلات البطالة الرسمية تظل عالية».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ««الشرق الأوسط»»