تقرير: 100 مليار دولار تحويلات العمالة الآسيوية من دول الخليج خلال السنوات الخمس الماضية

TT

طالبت منظمة العمل العربية باتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية والحمائية للحد من منافسة العمالة الآسيوية للعمال العرب داخل الأسواق الوطنية العربية، وتشجيع أصحاب الأعمال على الاستعانة بالعمالة العربية وذلك من خلال تدعيم التعاون العربي وإحلال العمالة العربية تدريجياً محل العمالة الآسيوية والأجنبية وتنظيم أسواق العمل العربية في مواجهة وكالات التشغيل الآسيوية التي تتولى توريد العمالة من بلاد الارسال وتطوير نظم معلومات سوق العمل العربي وتحديد نسبة معينة من العمالة العربية لتشغيلها في الشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات داخل الوطن العربي وكذلك تطوير سياسات وبرامج التدريب المهني للعمالة العربية خاصة في المجالات التي تتقنها العمالة الآسيوية حتى يمكن احلال العمالة العربية محلها.

واعتبرت المنظمة في ورقة عمل ناقشها مؤتمر العمل العربي الذي اختتم أعماله أخيرا في عمان، ان تزايد العمالة الآسيوية في أسواق العمل بالدول العربية لاسيما الخليجية يمثل استنزافاً مستمراً للموارد الاقتصادية لتلك الدول خاصة في ظل تحويلات العمالة الآسيوية الى بلدانها الأصلية والتي تجاوزت أكثر من 100 مليار دولار من الدول الخليجية خلال السنوات الخمس الأخيرة فقط، مشددة على ضرورة قيام الدول المستقبلة للعمالة الآسيوية بصياغة استراتيجية متطورة للتشغيل والاستخدام خلال الفترة المقبلة بحيث يتم استعادة العمالة الوطنية ثم العربية داخل الأسواق الخليجية، كما أكدت ان السعودية تتصدر قائمة الدول المستقبلة للعمالة حيث تستوعب نحو 5.9 مليون عامل بواقع 3.4 مليون عامل آسيوي بنسبة 59 في المائة مقابل 2.5 مليون عامل عربي بنسبة 41 في المائة، موضحة ان العمالة الهندية تبلغ نحو 1.2 مليون عامل في سوق العمل السعودي تليها العمالة الباكستانية 750 ألف عامل مقابل 450 ألف عامل من الفلبين و446 ألف عامل من بنجلاديش ونحو 250 ألف عامل اندونيسي، وأشارت الى ان العمالة الآسيوية تستحوذ على 81 في المائة من العمالة في قطر مقابل 14.5 في المائة للعمالة العربية، وارجعت منظمة العمل العربية زيادة اعداد العمالة الآسيوية في معظم الدول الخليجية الى تدني أجور الآسيويين وسهولة استقدامهم وقبولهم للمهن التي ترفضها العمالة العربية لتدني مستواها كالنظافة والخدمات.

وحذرت المنظمة من تداعيات الاعتماد على العمالة الآسيوية، مشيرة الى آثار سلبية عديدة في هذا الصدد على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والأمني منها تضخم الميزانيات المخصصة للانفاق الحكومي على الصحة والتعليم والاسكان والأمن والمواصلات والمياه والكهرباء حيث تستفيد العمالة الوافدة أكثر من المواطنين أنفسهم، موضحة ان أنماط الاستهلاك المتنوعة والمختلفة للعمالة الوافدة أدت الى انفاق الكثير في زيادة المنشآت التي تلبي احتياجاتها، كذلك ترتب على زيادة اعداد الوافدين تفاقم عجز الميزان التجاري للدول العربية المستقبلة للعمالة بسبب التوسع في عمليات الاستيراد من الخارج، بالاضافة الى زيادة حصص التحويلات النقدية من الدول الخليجية الى البلدان الآسيوية والتي كان يمكن اعادة استثمارها في حالة ذهابها الى دول عربية أخرى، فضلا عن ان زيادة اعداد العمالة الآسيوية تسببت في انتشار وتفاقم مشكلة البطالة وذلك لاستمرار وجودهم داخل سوق العمل بعد انتهاء تعاقداتهم.

وكشفت المنظمة عن وجود مشكلات أمنية وسياسية لتزايد حجم العمالة الآسيوية داخل دول الخليج في مقدمتها التخوف من زيادة اعداد الوافدين في بعض المناطق عن الاعداد الحقيقية للمواطنين، وكذا الخوف من مطالبة بعض نوعيات العمالة الآسيوية بحقوق سياسية نتيجة وجودهم في بعض الدول لفترات زمنية طويلة، بالاضافة الى التخوف من نشر الأفكار والآيديولوجيات التي يعتنقها الوافدون.

وتوقعت منظمة العمل ان يصل حجم القوى العاملة العربية عام 2010 الى نحو 123 مليون عامل بزيادة 33 مليون عامل، مشددة على ضرورة السعي لتوفير الاستثمارات اللازمة لاستيعاب هذه الزيادة لتجنب تضخم مشكلة البطالة في المستقبل، كما نوهت المنظمة الى اهمية التواصل مع العمالة العربية المهاجرة خارج حدود الوطن العربي خاصة في الدول الأوروبية نظراً لما يتعرض له هؤلاء المهاجرون من مضايقات وسياسات عنصرية، وكذا التصدي لاستمرار السياسات الانتقائية التي تستهدف تفريغ الوطن من الكفاءات العلمية وإغرائها بالاقامة والامتيازات المادية الضخمة، مشيرة الى انه بات من الضروري حل مشاكل المهاجرين العرب في أوروبا وجعل هذه القضية بنداً أساسياً في مفاوضات الشراكة العربية الأوروبية وأيضاً الأوروبية المتوسطية حتى يمكن توفير الحماية الكاملة للمهاجرين العرب بالخارج والعمل الدائم على زيادة ارتباطهم وانتمائهم للأصول والثقافات العربية.

ورصدت المنظمة أبرز القطاعات التي تستوعب عمالة بهدف زيادة حجم الاستثمارات بها خلال الفترة المقبلة في مقدمتها قطاع الزراعة الذي يستوعب نحو 60 في المائة من العمالة في السودان و3 في المائة في موريتانيا و35 في المائة في مصر و33.7 في المائة في العراق و27.8 في المائة في سورية، وقطاع الصناعات التحويلية الذي يستحوذ على 19.6 في المائة من حجم العمالة في تونس و14.1 في المائة في سورية و12.7 في المائة في مصر، ثم قطاع البناء والتشييد الذي يستحوذ على حجم كبير من العمالة في دول مجلس التعاون الخليجي بواقع 20.2 في المائة في قطر و16.4 في المائة في دولة الامارات العربية المتحدة و12.6 في المائة في البحرين و10.8 في المائة بالكويت، وأيضاً قطاع التجارة والفنادق والخدمات الذي تبلغ حصته في سوق العمل الاماراتي 18.5 في المائة مقابل 17.9 في المائة في الكويت ونحو 14.1 في المائة في البحرين وحوالي 13.2 في المائة في ليبيا.