المنطقة الاقتصادية الخاصة في العقبة.. واحة في الصحراء

الأردن يتوقع أن تجذب استثمارات بقيمة 6 مليارات دولار حتى عام 2020

TT

العقبة (الاردن) ـ أ.ف.ب: لا يكاد المرء يشعر بوجود الحكومة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالعقبة التي تتميز ادارتها بالشفافية وبالفاعلية وبسرعة اتخاذ الاجراءات، وهو ما يجعل منها واحة في قلب الصحراء الصخرية في جنوب الاردن. ويستقبل مركز جمركي زوار تلك المنطقة الحرة بالعقبة التي تبعد 350 كيلومترا الى الجنوب من عمان والتي اقيمت على مساحة 380 كيلومترا مربعا يقطنها نحو 70 الف نسمة.

وتزدان المدينة الصغيرة باللافتات التي تحفز على الاستثمار، في الوقت الذي تجري فيه على قدم وساق انشاءات جديدة او توسعات في القطاعين الفندقي والتجاري منذ دخل المشروع رسميا حيز التنفيذ قبل شهرين. ويدير المنطقة خمسة مفوضين، عُهد الى كل واحد منهم ادارة من بين ادارات الاستثمار والجمارك والشؤون الادارية والمالية، بالاضافة الى البيئة والبنية التحتية والاراضي.

وتخرج هؤلاء المفوضون في جامعات مرموقة ويتميزون بتحررهم من التعقيدات الادارية، وهدفهم الاساسي هو ان تصبح المنطقة الاقتصادية الخاصة مثالا يحتذى في الادارة ويطبق في مرحلة لاحقة في مناطق اخرى بالمملكة تنفيذا لرغبة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني.

ويقول رئيس مجلس المفوضين محمد الكلالدة لوكالة فرانس برس ان «اجراءات التخليص الجمركي اختصرت من اربعة ايام الى ساعتين». ويضيف ان ادارة المنطقة وضعت «خطة شاملة لتنمية مختلف القطاعات تحافظ في الوقت نفسه على الطابع الخاص للمدينة». ويقع ساحل العقبة على الخليج الذي يحمل الاسم نفسه بطول 27 كلم شمال البحر الاحمر ويضم منتجعا يعد نقطة جذب سياحي مهمة للاردن لما تزخر به مياهه من شِعب مرجانية وانواع نادرة من الاسماك، كما يوجد بالعقبة ميناء ومطار دولي ومنطقة صناعية.

وصرح لفرانس برس المفوض المسؤول عن شؤون البيئة بلال البشير بان «النشاطات الاقتصادية المختلفة متجاورة نظرا للمساحة المحدودة ومن هنا يجب ان يكون هناك «تعايش» بينها للحفاظ على البيئة». وادارة البيئة التي تملك حق تفتيش كافة المباني الموجودة بالمنطقة الخاصة اقرت اجراءات احترازية على كل صاحب مشروع جديد بالمنطقة ان يلتزم بها، كما انها تراقب الآثار المحتملة للتلوث التي قد تسببها السفن.

ويقول البشير: «ان ما ساعدنا في هذا الشأن هو انه لم تحدث قط عمليات تصريف للمياه العادمة في مياه العقبة»، مشيرا الى انه تم «انشاء ثلاث محميات في اماكن تجمع الشعب المرجانية ويتولي حرس السواحل حمايتها».

على صعيد آخر، اكد الكلالدة انه اعلن مؤخرا عن عطاء دولي لتنمية المنطقة الاقتصادية الخاصة وستجري تصفية اولى للعروض المقدمة نهاية الشهر الجاري، تمهيدا لاختيار شريك استراتيجي في ادارة المنطقة. واوضح انه حتى الآن، تم تسجيل 42 شركة في المنطقة الاقتصادية الخاصة التي يأمل الاردن ان تجذب استثمارات بقيمة 6 مليارات دولار حتى العام .2020 ويتمتع المستثمرون في المنطقة بامتيازات وتخفيضات كبيرة على الضرائب والرسوم الجمركية. وعلى الشاطئ الجنوبي للعقبة المجاور للساحل السعودي، يعتزم الملياردير المصري نجيب ساويرس وشركة زارة الاردنية اقامة مشروعين عملاقين منفصلين يشملان انشاء فنادق فخمة وشاطئا خاصا ومراكز غطس ومساكن ومدرسة.

واكد رئيس مجلس مفوضي المنطقة الاقتصادية الخاصة انه في «غضون خمس سنوات، ستضم العقبة 8 آلاف غرفة فندقية مقابل 2200 اليوم». وبالتوازي مع تلك التطورات التي تشهدها العقبة، فان سكان المدينة يسعون الى التأقلم على نمط جديد من الحياة.

ويرى السكان وغالبيتهم من محدودي الدخل، ان انشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة يمكن ان يساهم في زيادة مداخيلهم غير انهم لم يستوعبوا بالقدر الكافي بعد التغييرات على الارض. ويعتبر ابراهام فراجيان، صاحب متجرين لبيع آلات التصوير وهو من اصل ارمني اقامت عائلته منذ 50 عاما في العقبة، ان المنطقة الخاصة «تعد بمثابة هبة من السماء»، ويقول: «اليوم صار بامكاني ان استورد مباشرة بضائع من دون المرور بالوكيل في عمان مما يجعل التجارة اكثر ربحا». وتم نقل متاجر صغيرة اقامها نحو 200 من الحرفيين والميكانيكيين على ارض مملوكة للدولة في قلب المدينة الى منطقة اقل جذبا للسياح.

وقال الميكانيكي علي صقر «اصبحت اليوم مالكا شرعيا لمحل ولقطعة ارض مساحتها 300 متر مربع»، معربا عن ارتياحه للتعويض الذي تلقاه من الدولة مقابل نقل متجره. وتتفاوض ادارة المنطقة الخاصة كذلك مع ما يقرب من 10 آلاف ساكن من منطقة الشلالة الواقعة على تلة في قلب المدينة ايضا وتطل مباشرة على البحر.

وقال احمد محمد الذي يقطن هذه المنطقة العشوائية منذ 15 عاما «اذا ما تم تسكيننا في منطقة اخرى مع اعطائنا عقد ملكية فلن نثير اي مشاكل، المهم ألا ينتهي بنا المطاف تحت خيمة».