يزيد الصايغ: الدول العربية تفتقر للفصل الواضح في عملية اتخاذ القرار السياسي والقرار الاقتصادي

TT

بمناسبة انعقاد برنامج الشرق الاوسط للمديرين، ومدى حاجة الدول العربية لمثل هذه البرامج التي تمنح فرص الاطلاع على التجارب العالمية وخاصة في وقت تتجه فيه الاقتصاديات العالمية نحو الاندماج والعولمة، يقول الدكتور يزيد الصايغ مدير الدراسات المساعد بمركز الدراسات الدولية في جامعة كمبريدج وأحد المحاضرين الاساسيين في البرنامج «مهما كانت درجة تكامل الشرق الاوسط في اطار اقتصاد العولمة، فليس ثمة شك ان قضايا العولمة تهم هذا الاقليم. وهذا ينطبق على اكثر القضايا عمومية مثل تأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري على مصدري المنتجات الهيدروكربونية، وانتشار خدمات الانترنت، والصرافة الآلية والملكية الفكرية. ويعتبر اقليم الشرق الأوسط متكاملا بصورة كبيرة من بعض الوجوه، وهو بالتأكيد تابع تكنولوجيا. ولذلك فالقضية ليست هي ما اذا كانت القضايا العالمية تهمه ام لا، بقدر ما هي الى اية درجة ستحاول الحكومات ان تستجيب بصورة اكثر فعالية للتحديات والفرص المستقبلية؟».

وحول اذا ما كانت الاقتصادات العربية عزلت نفسها عن اقتصاد العولمة؟ يقول الصايغ: اذا كان المقصود بالانعزال المحاولة المتعمدة لتقليل او منع الاتصال الحر بالاقتصاد الالكتروني فمن الممكن اعتماده اقتصاديا مع قبول درجات ادنى من النمو ومستويات ادنى من المعيشة، ولكنني لا اعتقد ان الضغوط السياسية والاجتماعية المتبادلة يمكن احتواؤها ابعد من المدى المتوسط. ويمكننا ان نذكر كذلك ان النزعات التحكمية السياسية يمكن ان تتعايش مع الاقتصاد الحر، ولكن الحكومات المعنية مطالبة ان تكون جزءا من سوق اقليمي حتى توفر شروطا مقبولة للتبادل، وتتمكن بالتالي من تحقيق درجة من درجات الاستقلال.

ضع في الاعتبار انه لا يوجد بلد واحد من الشرق الاوسط استطاع ان يكون مكتفيا ذاتيا منذ الاستقلال. فكل هذه الاقطار ذات ارتباطات عالمية ان لم تكن «معولمة» بمعنى الكلمة، ان اغلب التحديات التي تواجه هذه الدول لا ترجع الى العولمة من حيث هي، بل الى التحرير، الذي يسبب آلاماً اجتماعية مباشرة ويؤثر على علاقات السلطة والقوة. وحول الكيفية التي يمكن لدول الشرق الاوسط ان تتبعها لتحقيق الانفتاح الاقتصادي، يقول الصايغ ان الخصخصة والتحرير التجاري يسيران ببطء نسبي، بينما يحدث الانفتاح التجاري، وخاصة في بعض المنتجات، وفي قطاع الخدمات، بسرعة اكبر. واعتقد ان القضية الاساسية ما تزال بلا حل في اغلب الاقطار العربية، وهي الارتباط الشديد، او الافتقار للفصل الواضح بين عملية اتخاذ القرار السياسي والقرار الاقتصادي، وانعدام الضوابط والموازنات التي تمنع التدخل التنفيذي غير المبرر في شؤون المؤسسات الحكومية التي تختص بالادارة المالية (الاقتصادية والنقدية).

ولا اشعر بان الحكومات تضطلع بواجبها في توعية مواطنيها بفوائد ومزايا التحرير الاقتصادي، كما ان اغلبها لا ينفذ اصلاحات حقيقية وبسرعة ملائمة، وبعزم وانسجام، بل تكتفي بالحد الادنى من برامج الاستقرار الاقتصادي التي ترضي المؤسسات العالمية، بينما تبقي على البنيات الاساسية للاقتصاد السياسي المحلي ولعلاقات القوة المحلية.