استئناف المواجهات القانونية بين شركات الدواء والتنظيمات الاجتماعية في جنوب أفريقيا

TT

لندن ـ رويترز: تقف صناعة الدواء في قفص الاتهام، متهمة بتفضيل الربح على ارواح البشر والوقوف في طريق انتاج ادوية رخيصة لانقاذ ارواح مرضى نقص المناعة المكتسب (الايدز) القاتل. وتشهد ساحة القضاء في جنوب افريقيا هذا الاسبوع معركة حامية الوطيس يحاول خلالها محامو جنوب افريقيا ان يثبتوا ان صناعة الدواء لا تتحلى بأخلاق المهنة وانها تحرم الدول الفقيرة من فرصة الحصول على ادوية علاج الايدز بأسعار متدنية.

وعلى الجانب الآخر، تستعد مجموعة تضم 39 شركة دواء لمواصلة معركتها غدا في بريتوريا ضد تشريع يعطي حكومة جنوب افريقيا حق انتاج ادوية رخيصة حصل منتجوها على براءة الاختراع. وارجئ الشهر الماضي النظر في هذه القضية التي تحظى باهتمام العالم لإعطاء الطرفين فسحة من الوقت للدفاع عن قضيتيهما.

وتقول بريتوريا، ومن ورائها جماعات مكافحة الايدز، ان القانون المعدل لمراقبة الادوية والمواد ذات الصلة هو قانون لا غنى عنه حتى تتمكن من تطبيق واجبها الدستوري وتوفير الرعاية الصحية المستدامة لملايين المواطنين الذين حرموا منها خلال فترة حكم الاقلية العنصرية البيضاء. وتقول جنوب افريقيا التي يوجد بها 4.7 مليون حالة اصابة بالايدز او بفيروس «اتش.آي.في» المسبب للمرض ان هذا القانون يسمح للحكومة بتصنيع ادوية رخيصة للايدز منتجة محليا او استيرادها من دول العالم الثالث بأسعار رخيصة ايضا. وتؤمن صناعة الدواء المربحة من جانبها بأن القانون الدولي في صفها.. لكن المعركة غير المتكافئة تنذر بكارثة على مستوى العلاقات العامة.

ويقدر رأس مال الشركات التي تقف وراء رابطة صناع الدواء في جنوب افريقيا بنحو 1.3 تريليون دولار اي عشرة امثال الناتج المحلي لجنوب افريقيا. ورغم ذلك تقف صناعة الدواء موقف الدفاع خشية حدوث رد فعل على مستوى الرأي العام قد تهز الثقة في نظام براءة الاختراع الذي يمثل بالنسبة لها شريان الحياة.

ويتنامى الضغط على شركات الدواء للانسحاب من المعركة. ودعا الاتحاد الاوروبي الشهر الماضي الى اسقاط القضية كما طالب آخرون، وعلى رأسهم الامم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية شركات الدواء ببذل مزيد من الجهد لتسهيل وصول الادوية الى الاسواق التي تحتاج اليها.

ويعترف مديرو تلك الشركات بشكل غير رسمي بأن هذه الحملة التي تستهدف صناعة الدواء قد تخرج عن نطاق السيطرة اذا ما بدأت حكومات اخرى، خاصة حكومات الدول الغنية في التشكيك في نظام براءة الاختراع. وترى صناعة الدواء ان هذا النظام العالمي المعمول به منذ 20 عاما ضروري لتوفير الاستثمارات المطلوبة لتغطية تكاليف ابحاث العلاجات الجديدة. ويقول منتقدو هذا النظام انه اصبح عقبة في طريق حصول مرضى الدول الفقيرة على الادوية الجديدة والذين لا يستطيعون الحصول عليه باسعار المستويات الغربية.

وترى مارجو جيمس مديرة علاقات الصحة العامة في شركة شاير هوول في لندن ان قضية صناعة الدواء قضية خاسرة. وتقول نحن نرى شركات غربية ناجحة تحقق ارباحا طائلة تتخذ إجراء قضائيا ضد حكومة دولة فقيرة في افريقيا. هذا موقف بشع تضع الصناعة نفسها فيه، لكن صناعة الدواء عازمة على المضي قدما في قضيتها.

وتقول شركة «جلاكسو سميث كلاين» البريطانية، وهي اكبر شركة منتجة لأدوية الايدز ان شركات الدواء لم يكن امامها خيار سوى الاعتراض على تشريع جنوب افريقيا الذي اصدره الرئيس السابق نيلسون مانديلا والذي يعطي الحكومة الحق في عدم التقيد بنظام براءة الاختراع في مجال الدواء. وقالت فيكي ايهريتش رئيسة العلاقات الخارجية في الشركة «هذا القرار يطعن مبدأ حماية براءة الاختراع في الدول النامية». لو بدأت تقول ان «هناك اماكن في العالم يجب ألا تطبق فيها حماية لبراءة الاختراع فسوف تضر بالنظام نفسه الذي اقيم اصلا ليجعل الابحاث في مجال الدواء ممكنا».

وتشعر شركات الدواء بقلق خاص من امكانية تسرب تلك الادوية المنتجة بأسعار متدنية في العالم النامي الى الدول الغنية فتؤدي بالضرورة الى انخفاض اسعارها هناك. ويقول ستيف بلاج محلل الصناعات الدوائية في «كريدي سويس فيرست» بوسطون ان هذا الخطر محدود في واقع الامر.

ويقول: «الخطر المالي الذي تشكله صادرات موازية من افريقيا محدود للغاية لانه من السهل جدا تغيير شكل المنتج.. على سبيل المثال استخدام مواد صباغة مختلفة.