دراسة تحذر من سيطرة الشركات الأجنبية على أسواق التأمين العربية

TT

حذرت دراسة علمية حديثة حول تنمية وتسويق الخدمات التأمينية في الدول العربية من سيطرة الشركات الأجنبية على أسواق التأمين في الدول العربية، ولفتت الدراسة التي أجراها خبير التأمين أحمد عارفين نائب رئيس شركة مصر للتأمين أن أسواق التأمين العربية من الأسواق البكر التي لم تستغل بالشكل الكامل فطبقا للبيانات بلغ عدد المؤسسات في الدول العربية 367 مؤسسة منها 75 أجنبية، ويصل متوسط أقساط الشركة الواحدة إلى 15 مليون دولار وهو حجم متواضع مقارنة بالمقاييس العالمية، ويبدو ذلك مؤثرا على إمكانيات هذه الشركات في توظيف الكفاءات الإدارية وتخصيص التمويل اللازم لأنشطة البحوث والتدريب، وينبه الباحث إلى أن حصة الفرد من أقساط التأمين في كوريا يساوي مجموع حصص الأفراد في الدول العربية مجتمعة، كما أن المعدل العالمي للفرد يبلغ 423 دولاراً في العام أي ما يزيد على عشرين ضعف نصيب الفرد العربي، وتوضح هذه الأرقام مدى ضآلة متوسط إنفاق المستهلك العربي على العملية التأمينية، وتقول الدراسة انه على الرغم من الصعوبات التي تواجه عملية التأمين عربيا إلا أن هناك زيادة ملحوظة في معدل الأقساط خلال الفترة الأخيرة وخاصة في دول الخليج لانتهاجها سياسة التحرر الاقتصادي وتعظيم دور القطاع الخاص بها مما انعكس إيجابيا على نمو اقتصاديات هذه الدول. معوقات التأمين اما بالنسبة لمعوقات تنمية التأمين فتحددها الدراسة في عدة نقاط أهمها انخفاض متوسط دخل الفرد، وانخفاض الوعي التأميني نتيجة ارتفاع الأمية وضآلة جهود الشركات العربية في إمداد الجماهير بالمعلومات التأمينية مما يزيد من تلك المعوقات، مبينة أن ارتفاع تكلفة خدمة التأمين نتيجة زيادة المصروفات الإدارية وعدم توافر الخبرات المتطورة، وكذا ارتفاع نسبة الضرائب على أقساط التأمين تعد أحد الأسباب الرئيسية في تراجع السياسات التأمينية لدى معظم الأقطار العربية باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي التي يبلغ فيها نصيب الفرد من أقساط التأمين 74 دولاراً مقابل 11 دولاراً للدول العربية الأخرى.

تنمية الأسواق العربية وتشير الدراسة إلى أن تنمية أسواق التأمين العربية تحتاج إلى بذل العديد من الجهود على المستوى الإقليمي، وذلك بتفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية وتشجيع إنشاء شركات تأمين مشتركة بين الدول العربية، وعلى صعيد المنظمات العربية ترى أنه يجب أن يتم التعاون بصورة أفضل في مجال توحيد التغطيات التأمينية والتعاون في مجال تدريب العاملين وإعداد الكوادر المختلفة، وابتكار وثائق تأمينية جديدة تتناسب مع الاحتياجات المتطورة للمستهلكين مع مراعاة الدقة في تسعير تلك المنتجات التأمينية، وتبين الدراسة أن شركات التأمين العربية تعتمد بصورة كبيرة في تسويق منتجاتها على أسلوب الاتصال المباشر بينها وبين العملاء المرتقبين بخاصة في الدول التي يسود فيها نظام الاقتصاد الموجه، بينما يظهر دور تسويق البنوك في تأمينات السيارات ووثائق السفر، كما تعتمد الشركات على ترويج وثائق التأمين على الممتلكات بنسبة 95% في معظم الأقطار العربية بينما تصل نسبة التأمين على الحياة في السعودية على سبيل المثال إلى 5 % فقط.

وتوضح الأبحاث الميدانية التي أجريت من خلال الدراسة أن نسبة كبيرة من الجمهور لديهم نظرة سلبية عن عملية التأمين برمتها، وأن شركات التأمين تحصل على أموالهم وتتهرب من مسؤوليتها عند وقوع الحوادث إضافة إلى أن بعض المستهلكين مرغمون على التأمين لأنهم مطالبون بذلك من بعض الجهات القارضة مثل البنوك، وبناء على هذه الانطباعات فإن هذه الشركات تحتاج إلى عمل تقييم شامل لأساليب التسويق القائمة كنقطة بداية نحو وضع استراتيجية علمية سليمة، على أن تشمل عملية التقييم دور العاملين الحالي في مجال الاتصال بالعملاء وتحديد تصوراتهم عن المنتجات التأمينية، وتؤكد الدراسة على وضع استراتيجية تسويقية تهدف إلى إشعار الجمهور بأهمية صناعة التأمين ودورها الإيجابي في مختلف مجالات الحياة، وضرورة الحرص على تخفيف حدة القلق لدى المؤمن عليهم في حالة وقوع الكوارث الطبيعية وتقديم المعلومات والمساعدة في إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، إضافة إلى إمداد الجمهور بالنشرات والكتيبات وتيسير الاتصال التلفوني للرد على كافة الاستفسارات لتشجيع قطاع كبير من المستهلكين لخوض عملية التأمين. وتوصي الدراسة بأهمية الدور الحكومي في جعل الجمهور أكثر اطمئنانا إلى شركات التأمين التي يتعامل معها من خلال مراجعة المراكز المالية لهذه المؤسسات ووضع ميثاق للتعامل مع الجمهور في مراحل العملية التأمينية التي تكفل أداء الشركات لالتزاماتها مقابل الأقساط التي تحصل عليها، إضافة إلى ضرورة إجراء البحوث التي توضح احتياجات السوق الحقيقية وتقوم بتقسيم المجتمع إلى شرائح لتحقيق عمليات الترويج بفاعلية حيث أثبتت التجربة التأمينية لكثير من الدول العربية افتقادها إلى هذه النوعية الهامة من الدراسات.