ارتباك في أسواق النفط واجتماع طارئ لـ«أوبك» في يوليو

دعوة سعودية لتوخي الحذر عند تحديد السياسة الإنتاجية للمنظمة ردا على العراق وتذبذب أسعار خام برنت

TT

ساد القلق والتوتر في اسواق النفط الدولية مع بدء اجتماعات منظمة الاقطار المصدرة للانفط (أوبك) في العاصمة النمساوية فيينا امس والذي تزامن مع حجب العراق لصادراته النفطية عن الاسواق، اضافة الى انعكاسات الاوضاع السياسية في الشرق الاوسط التي ساهمت في تذبذب سعر خام القياس برنت بين الهبوط والارتفاع، فيما لم تستبعد مصادر من عقد عقد اجتماع طارئ آخر للمنظمة في يوليو (تموز) المقبل.

وزير البترول السعودي علي بن ابراهيم النعيمي قال في حديثه مع الصحافيين قبيل بدء اجتماع «أوبك» في فيينا امس انه يتعين على المنظمة التحلي بالحذر عند تحديد سياستها الانتاجية ردا على وقف العراق هذا الاسبوع صادراته النفطية التي تخضع لاشراف الامم المتحدة، في حين قالت ايران ان المنظمة متفقة على عدم تغيير مستوى الانتاج.

ولم يستبعد مصدر في «أوبك» عقد اجتماع طارئ في يوليو، وقال للصحافيين «عقد اجتماع طارئ امر مطروح ويجري بحثه».

وقال الوزير النعيمي «نحن لا نعرف ما هي خطة صدام، هل سيستمر هذا الامر يوما ام اسبوعا ام شهرا...». واضاف «يجب ان نتعامل بحذر بالغ مع الطلب فنحن لا نريد زعزعة استقرار السوق».

وفيما هبطت قليلا اسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي في بورصة البترول الدولية امس في بداية التعاملات حيث جرى تداول برنت في عقود يوليو في الساعة 0950 بتوقيت جرينتش بسعر 29.13 دولار للبرميل بارتفاع 13 سنتا وسط تعاملات محدودة بعد ان ارتفع 22 سنتا الى 29.26 دولار اول من امس.

وفي الساعة 1148 بتوقيت جرينتش ارتفع سعر برنت في عقود يوليو 36 سنتا الى 29.43 دولار بعد ان صعد في وقت سابق الى 29.59 دولار مع تأكيد العراق انه اوقف ضخ نفطه اول من امس احتجاجا على قرار مجلس الامن الدولي مد اتفاق مبادلة النفط مقابل الغذاء لمدة شهر واحد بدلا من ستة اشهر.

وقال متعاملون ان التوترات الفلسطينية ـ الاسرائيلية وانتخابات الرئاسة في ايران يوم الجمعة المقبل حالتا دون خفض الاسعار.

وقال متعامل «هذه العوامل تدعم السوق... الناس تشعر بالقلق انها فترة بالغة الحساسية».

وقال نايجل سابيريا من جلينكور في لندن «أوبك اوضحت انها ستتدخل اذا تطلب الامر». واشار وزراء «اوبك» الى انهم سيقاومون الضغوط من اجل اتخاذ قرار سريع لتعويض نقص النفط العراقي.

وقال علي رودريجيز امين عام المنظمة للصحافيين «في الوقت الراهن الامدادات كافية للسوق».

وقد اوقف العراق اول من امس مبيعاته النفطية التي تبلغ 2.1 مليون برميل يوميا احتجاجا على مد الامم المتحدة العمل باتفاق «النفط مقابل الغذاء» لمدة شهر واحد فقط.

وقال الوزير السعودي علي النعيمي ان المنظمة لن تسمح بحدوث نقص في اسواق النفط، واضاف «سنأخذ العراق في الاعتبار واؤكد انه لن يحدث نقص في السوق».

وردا على سؤال اذا كان يعتبر توقف صادرات النفط العراقي لمدة شهر نقصا، قال النعيمي «نعم غياب 60 مليون برميل عن السوق يعتبر نقصا».

ولمح النعيمي بأن «اوبك» قد لا تكتفي بالاعتماد على وصول آلية ضبط اسعار النفط الى مستوى معين لتبرير زيادة الانتاج، وقال «لا اعرف ما اذا كان النطاق السعري سليما».

وتقضي آلية ضبط اسعار النفط بزيادة الانتاج بواقع 500 الف برميل يوميا اذا ارتفع سعر سلة خامات اوبك عن 28 دولارا للبرميل لمدة 20 يوم عمل متواصلة. وبلغ آخر سعر للسلة اقل قليلا من 27 دولارا للبرميل. وقال النعيمي ان مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة جيدة للغاية.

من جهة اخرى اعتبر العديد من المحللين في فيينا ان قرار العراق بتعليق صادراته النفطية ستستفيد منه «اوبك» لابقاء سعر برميل النفط مرتفعا، مع احتمال تمكين اعضائها من بيع كمية اضافية من النفط.

وقال المستشار روجيه ديوان من «بتروليوم فايننس كومباني» في واشنطن ان «دول اوبك ستزيد انتاجها النفطي ليتجاوز حصتها المحددة خلال الاسابيع القليلة المقبلة وحتى لو لم تعلن عن ذلك رسميا».

وقال ديوان ايضا «لدى اوبك ثلاثة او اربعة اسابيع لدرس تأثير القرار العراقي على الاسواق النفطية، عندها سترتفع الاسعار وستتدخل دول اوبك».

ورغم التباطؤ الاقتصادي واعادة تكوين المخزونات النفطية بشكل سريع، فان سعر برميل النفط سيبقى داخل الهامش الذي حددته اوبك والذي يتراوح بين 22 و28 دولارا مع ترجيح الثبات على الهامش الاعلى.

وستتمكن دول عدة اعضاء في اوبك تعاني من ازمات اقتصادية مثل ايران والجزائر وفنزويلا ونيجيريا واندونيسيا من الاستفادة من مصادر دخل اضافية.

من جهته قال ياسر الجندي الخبير في مكتب «مدلي غولبال ادفايزر» ان الامر «لن يكون سيئا بالنسبة الى اوبك خصوصا ان المنظمة التزمت التعويض عن اي برميل ينقص في السوق».

وأوضح ان العديد من هذه الدول سيستفيد من غياب العراق لزيادة حصته وكسب المزيد من الزبائن.

وقال ليو درولاس المحلل في «سنتر فور غلوبال انرجي ستاديز» ان «اوبك»: «ستكون مسرورة بزيادة انتاجها وقد تفعل ذلك رسميا ابتداء من اجتماع امس الثلاثاء».

وحسب هذا الخبير من غير المستبعد اللجوء الى زيادة انتاج اوبك بسرعة، معتبرا ان اوبك ستكون حذرة في خطواتها لكي تتجنب لجوء اعضائها الى زيادات فوضوية قد تسيء الى وحدة موقفها.

وقال الخبير مهدي وارزي العامل في مكتب الوساطة «درسدن كلينوورت واسرشتاين» ان «كل شيء مرتبط بفترة تعليق الصادرات النفطية العراقية»، مضيفا ان بغداد «قد تقرر فجأة اعادة صادراتها خصوصا ان العقود موجودة».

وتابع قائلا «ان العراقيين يتصرفون بعشوائية، وقد سبق ان علقوا صادراتهم مرارا ليستأنفوها سريعا ولا تتعاطى معهم السوق بجدية».

وختم قائلا «ألا ان الخطورة قد تكمن هنا لان العراقيين قد يريدون هذه المرة اثبات جديتهم لكي يحافظوا على ما تبقى من مصداقيتهم».