دبي تتعامل مع الجمهور كزبائن في إطار التحول للحكومة الإلكترونية

TT

منذ أن اطلق ولي عهد دبي ووزير الدفاع بدولة الامارات، الشيخ محمد بن راشد المكتوم مشروع الحكومة الالكترونية بدبي العام الماضي، والدوائر الحكومية في الاماراة تعيش ما يشبه المارثون لتجسيد المشروع واقعاً ينعم به الناس.

وعلى خلاف الانطباع السائد من أن التحول الى الحكومة الالكترونية هو تحول انقلابي يعيد خلط الاوراق الادارية كلها دفعة واحدة، فإن المشروع ينفذ بأسلوب متدرج لكن بمثابرة وسرعة، وهذا ما يؤكده مدير الخدمات الالكترونية والعضو التنفيذي لفريق الحكومة الالكترونية سالم خميس الشاعر، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن المراحل التي قطعها المشروع حتى الان فقال:

ـ المشروع بعكس ما يظن الكثيرون ليس انقلاباً فجائياً، فعملية التطوير الاداري في دبي عملية مستمرة وقديمة، وادخال التكنولوجيا الحديثة على العمل الاداري وعلى الحياة اليومية ليس امراً جديداً، فالعديد من دوائر إمارة دبي قامت بمبادرات لتطوير الاداء الاداري وتحسين الخدمات التي تقدمها للجمهور قبل الاعلان عن مشروع الحكومة الالكترونية.

فعلى سبيل المثال تطور العمل في دائرة التنمية الاقتصادية بحيث اصبح المراجع للدائرة بمثابة الزبون الذي تسعى الدائرة لخدمته، فأزيل الكثير من الحواجز التي تعطل وتعيق وصول الخدمة اليه بشكل ملائم وسريع.

* ما هو الجديد الذي يتم طرحه من خلال مشروع الحكومة الالكترونية؟

ـ نحن نحاول مراجعة كافة اوجه الاداء الحكومي وتطوير الاجراءات واختصار وحرق بعض المراحل وإحداث نقله نوعية جديدة تضيفها دبي لسلسلة خطواتها الجادة الاولى باتجاه الاقتصاد الرقمي، ويمكن الاشارة بهذا الصدد الى ان بواكير هذه الفكرة، بدأت منذ اعلان جائزة دبي للجودة، التي مهدت الطريق للتفكير بالقيم والاهداف التي يتضمنها مفهوم الحكومة الالكترونية من سرعة ودقة وشفافية وتفاعل حقيقي مع العميل، وهي معايير التحول الحقيقي لأسس التفكير الجديد في العالم المعاصر بالعميل، الذي بات الشريك الرئيسي للحكومة، وانتقل من مجرد متلق ومستفيد من خدمات حكومية مجردة من التفاعل، الى طرف مساهم ومؤثر بفعالية شديدة، مع الخدمة المقدمة وبالتالي مع الجهة صاحبة العلاقة. وتقوم فكرة المشروع أساسا ليس على تقديم الخدمات الالكترونية الحكومية كما يتبادر للكثير من الناس، بل يتعدى ذلك الى اعادة خلق الحكومة الالكترونية وتبني طريقة ونهج حياة مختلف للأفراد والمؤسسات والجهات الحكومية على حد سواء.

* ما هي المتطلبات اللازمة لتنفيذ المشروع؟

ـ كما تعلم فإن مفاهيم الحكومة الالكترونية في العالم اجمع تقوم على فكرة تسهيل حياة الناس، وتسهيل إجراءاتهم، وتعميق علاقتهم بجهات تقديم الخدمة وهي الحكومات، وبالتالي إعطاء معنى جديد لعلاقة الناس بحكوماتهم يرتكز على الشفافية والسرعة والفعالية والاهتمام بظروف وحاجات العميل الانسانية والمهنية والمادية، والعمل على تقديم الخدمة على الشكل الامثل. وترتكز فكرة المشروع على العدالة الشديدة بين العملاء، فليس هناك حظوة لأحد على حساب آخر، الجميع وفق النظام الالكتروني يقدم لهم الخدمة في ذات الشكل والمضمون والزمن.

النظام الجديد يعامل زبائنه بعدالة شديدة، ويضمن لهم تنفيذ خدماتهم المختلفة على أعلى درجة من الحرص على راحتهم وتقديم الافضل لهم، وهذا هو الاساس الحقيقي لديمقراطية العلاقة بين الجمهور والسلطة، وبالتالي لكي ننجح في مهمتنا الجديدة وضعنا تصورا ورؤية واضحة للاهداف التي ينبغي تحديدها بعناية وموضوعية شديدة، وبناء عليه يتم قياس الانجاز بالنسبة لتلك الاهداف الموضوعة.

من هنا، فإن معيار النجاح للمشاريع التي تتعامل مع الناس ينطلق من مبدأ تحسين الجودة والشفافية والانجاز والكفاءة مع مراعاة خصوصية التجربة المتعلقة بكل دولة على انفراد، كما يتطلب ذلك وجود قيادة مثابرة ملتزمة بالتنفيذ، وكذلك نظام إداري فريد ومتميز، يضمن تطبيق برامج تدريب عملية لموظفي الحكومة باعتبارهم الجسم الجديد الذي سيباشر تقديم الخدمة لعملائه.

* ما هي المعوقات التي واجهتكم في طريق تطبيق الحكومة الالكترونية؟

ـ لا توجد معوقات بالمعنى الدقيق لكلمة معوقات، ولكن ربما يكون التعبير الادق هو تحديات، وأظن ان التحدي الابرز على هذا الصعيد هو دقة وحداثة مفهوم الحكومة الالكترونية عالميا، إذ تتشابه الامتيازات والتحديات بين جميع التجارب المشابهة، والجميع في طور التجريب والاختبار والتفحص، وهي مرحلة لا بد ان نتعامل معها بالخصوصية التي تحتاجها، وما تتطلبه من تعمق وتفكير، الجميع في العالم اجمع الان مستغرقون في التشاور حول ذات المفاهيم والمعضلات التقنية، ذات الاهداف النهائية، كل حسب الخصوصية الوطنية والادارية للتجربة، بمعنى انه لم تتم حتى الان بلورة تجربة واحدة متكاملة في أية دولة في العالم حتى تكون أساسا للقياس والدراسة، ولكن ربما نكون في دبي من المحظوظين لكون مشروع الحكومة الالكترونية استوعب الخبرات السابقة في هذا المجال، وتعرف عن قرب على معظم التجارب المشابهة، وهذه التهيئة الهامة مكنتنا من الوقوف على ابرز الممارسات العالمية والاقليمية، وكان لهذا الاقتراب الفضل في تفادي الكثير من الاخطاء وتجاوزها في التخطيط والتنفيذ.

* هل تعتقدون بضرورة اعادة النظر في التشريعات كجزء من عملية التحول الالكتروني للجهاز الحكومي؟

ـ هذه المسألة ليست اولوية لنا، فالاصطدام بالتشريع في البداية يعيق التنفيذ لإن تعديل التشريعات يحتاج الى وقت طويل، ونحن نقول نبدأ بالتغيير في النظم واللوائح الداخلية التي تملك الدائرة السيطرة عليها ويعد ذلك ضرورياً، وبالمناسبة هذا هو الأصل، فإن التشريع يأتي لاحقاً لتقديم الخدمة وليس العكس فمن خلال التجربة يمكن وضع التشريع المناسب.

=