مشروع التأمين الإجباري على المصريين العاملين في الخارج يواجه عدم الدستورية

العاملون بالخارج يعترضون ويعتبرون القانون وسيلة مكشوفة لجلب موارد مالية جديدة فقط

TT

منذ أن اقترحت الحكومة المصرية إصدار قانون يفرض رسم طابع تأميني على العاملين المصريين في الخارج للتأمين الإجباري على حياتهم ضد المخاطر المختلفة، تباينت ردود أفعال المهتمين بهذا القرار، فرحبت شركات التأمين بهذا المشروع لأنه سيساهم في انفراج حالة الركود التي تعانيها تلك الشركات، وأيدت القرار الجهات الرسمية التي اعتبرته مصدرا جديدا لزيادة الموارد وخطوة نحو حل أزمة السيولة. أما العاملون في الخارج فقد أبدوا الكثير من التحفظات والشكوك حول الهدف الأساسي من هذا القانون ومدى جدية حصول المتضررين منهم على حقوقهم من الحكومة على المدى البعيد.

وحول مشروع القانون يقول خيري سليم رئيس هيئة الرقابة علي التأمين إن التعديلات التشريعية في مجال التأمين تأتي من اجل صالح المواطن أولا ثم مراعاة حالة السوق ومواكبة المتغيرات المحلية والعالمية في مرحلة تالية، وإنه خلال الستين سنة الماضية لم تصدر الا خمسة أو ستة قوانين تأمينية، موضحا أن الهدف الأساسي من فرض تأمين إجباري على العاملين بالخارج هو حمايتهم من المخاطر العديدة التي تواجههم، وأن الرسوم المحصلة ستساعد شركات التأمين على إيجاد خدمة متخصصة لكل فئة وستكون أحد العوامل الهامة التي تدفع قطاع التأمين للنمو مع تحسين صورته لدى المستهلك من خلال سرعة أداء الخدمة والوقوف بجوار العميل عندما يتحقق الخطر. ويؤكد خيري سليم أن الحكومة ستفرض رقابة شديدة على شركات التأمين للتأكد من سرعة صرف التعويضات اللازمة للمتضررين من العاملين حتى يتوافر للقانون الجدية والنزاهة ومن ثم يتحقق الهدف المطلوب وهو استفادة جميع الأطراف من العملية التأمينية.

ملامح المشروع غير واضحة أما أحمد عارفين نائب رئيس شركة مصر للتأمين فيؤكد ان الملامح الكاملة لمشروع التأمين الإجباري على العاملين بالخارج ليست واضحة حتى الآن، إلا أن الفكرة مقبولة بصفة عامة وتأتي لصالح كل مصري يعمل في الخارج وخاصة في مواجهة الأزمات كحالات الوفاة أو إنهاء عقود العمل بإجراءات تعسفية، موضحا ان هذا النوع من التأمين يطلق عليه «وثيقة التأمين الجماعي»، ويتم من خلال إصدار طابع خاص يتم تحصيله من العامل عند سفره، ويتميز هذا المخطط التأميني بأن مخاطره تكون منخفضة إلى أدنى حد لأن الأخطار التي يواجهها بعض الأفراد يعوضها الآخرون وبالتالي فإن شركات التأمين في وضع أفضل من حيث حصيلة الأقساط التي تجمعها وبذا يمكنها سداد التعويضات المناسبة لكل حالة. وينبه عارفون إلى أن تنفيذ هذه المشروع يستلزم وجود إحصائيات دقيقة عن أعداد المصريين العاملين في الخارج ونوعية المخاطر التي يتعرضون لها، ومن ثم إجراء دراسة فنية متكاملة بواسطة الخبراء لتحديد قيمة هذا التأمين، مع مراعاة ان تكون قيمة التعويض الذي يصرف للعامل لها حدود قصوى لا يتعداها مبلغ التأمين.

تأمين غير قانوني ويقول رضا عامر أحد المصرين العاملين بالخارج «ان الوقت غير مناسب تماما لتطبيق هذه الوثيقة التأمينية نظراً لما نعانى منه بالخارج من منافسة العمالة الآسيوية وتشجيع العمالة الوطنية في هذه الدول مما ترتب عليه انخفاض الأجور هناك إلى أدنى حد، منبها ان مزيداً من الضرائب أو الرسوم التأمينية معناه إضافة أعباء جديدة على هذه العمالة قد تمنعهم من العمل في الخارج وبالتالي تكون الخسارة مزدوجة، ويؤكد عامر أن هدف الحكومة من التأمين الإجباري على المصريين العاملين في الخارج هو توفير موارد مالية جديدة تساعد الدولة على تعويض ما فقدته من الضريبة التي كانت مفروضة سابقا على العاملين بالخارج، ثم تأتى في المرتبة التالية حماية حقوق العاملين في الخارج والتأمين عليهم ضد المخاطر .

ويبين طارق السيد، المحامي بالدستورية العليا، أن التأمين على حياة المواطن يجب ان يأخذ طابع الاختيار وليس الإجبار، لأن التأمين قطاع خدمي في الدولة وأن فرض أي رسوم أو إصدار طابع لا يأخذ طابع الشرعية القانونية إلا من خلال إصدار مشروع أو قرار بقانون تتم الموافقة عليه من البرلمان، موضحا أن العامل الموجود بالخارج قد يقوم بالتأمين على حياته أو ضد المخاطر التي تواجهه لدى إحدى شركات التأمين في الدولة التي يعمل بها مما يتعارض مع التأمين الإجباري ويعتبر ازدواجا في فرض الرسوم التأمينية .

الاستثمار لتمويل المخاطر ويوضح د. سمير عبد ربه أستاذ التأمين بتجارة عين شمس إن مخاطر التأمين الجماعي تكون منخفضة بشرط مراعاة الجوانب الصحية للمؤمن عليه، لذا لا بد من توضيح الحالة الصحية للعامل في ملحق خاص يرفق بالوثيقة حتى يكون ذلك جرس إنذار لشركات التأمين عند التأمين على هؤلاء العاملين، مبينا أن بعض دول الخليج ترفض دخول مرضى التهاب الكبد الوبائي (فيروس C)، ففي هذه الحالة على شركات التأمين ان تتأكد من خلو العامل من هذا الفيروس حتى لا يتم ترحيله إلى مصر وتتحمل الشركة صرف التعويضات له فتزداد المخاطر التأمينية، وينصح الدكتور عبد ربه بتوجيه حصيلة هذه التأمينات التي قد تبلغ 100 مليون جنيه سنويا إذا كان سعر الطابع التأميني 20 جنيهاً لعدد المصريين العاملين في الخارج الذي لا يقل عن خمسة ملايين عامل، إلى الاستثمار في مشروعات تدر عائداً كبيراً على المدى الطويل حتى تغطي المخاطر التأمينية المتوقعة لهذا المشروع.