ضعف الاقتصاد وقوة الدولار يزيدان من حدة المطالبة بحماية السوق الأميركية

TT

واشنطن ـ أ.ف.ب: يساهم ضعف اداء الاقتصاد الاميركي وارتفاع سعر صرف الدولار في زيادة المطالبة بتشديد الحماية للمنتجات الوطنية في الولايات المتحدة، الامر الذي يهدد بعرقلة اطلاق جولة جديدة من المفاوضات حول تحرير التجارة العالمية خلال العام الحالي، على حد ما يخشى اقتصاديون واعضاء في الكونغرس الاميركي. واعتبر المدير العام لشركة غولدمان ساكس انترناشونال روبرت هورماتس مؤخرا ان «تحرير المبادلات قد يكون الاكثر تضررا بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار لانه يجعل من المتعذر الحصول على دعم بعض القطاعات الصناعية والنقابات» لمزيد من الانفتاح على الاسواق.

وكان هورماتس يشير الى المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية المقرر عقده في الدوحة في نوفمبر (تشرين الثاني) حيث التزمت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، اكبر قوتين تجارتين عالميتين، بالعمل معا للتعويض عن الفشل الذي آل اليه مؤتمر سياتل في ديسمبر (كانون الاول) .1999 واعتبر جون لونسكي، اقتصادي في شركة «موديز» للتصنيف المالي، ان هذه المهمة ستزداد تعقيدا مع تدهور الوضع الاقتصادي الاميركي الذي سجل، في الفصل الثاني، نسبة نمو 7.0% فقط وفقا للوتيرة السنوية، ومع ارتفاع قيمة العجز التجاري في الولايات المتحدة وزيادة نسبة البطالة. وقد الغى القطاع الصناعي الاميركي الذي يعاني من الانكماش منذ عام، 837 الف وظيفة منذ يناير (كانون الثاني)، وادى ارتفاع سعر صرف الدولار الى تقليص حجم صادراته وعزز منافسة الواردات. وتشهد الزراعة التي تعتمد بقوة على الاسواق الخارجية، مصاعب متزايدة ايضا.

وعلى الرغم من الدعوات الملحة التي اطلقها الصناعيون والمنظمات الزراعية لتخفيض سعر صرف الدولار الذي ارتفع بنسبة 30% مقابل اليورو منذ يناير 1999، فان البيت الابيض يواصل التاكيد على ان الدولار القوي هو في مصلحة الولايات المتحدة. وهذا التصميم لدى ادارة الرئيس بوش تفسره حاجة الولايات المتحدة الى مواصلة جذب الاستثمارات الاجنبية لتمويل عجزها الخارجي الضخم بتكلفة معقولة. وقد انتقلت الولايات المتحدة من موقع الدائن بما قيمته 339 مليار دولار في 1980 الى موقع المدين بقيمة اجمالية صافية تبلغ 1800 مليار دولار في العام 2000، اي ما يقارب 20% من اجمالي ناتجها الداخلي.

بالاضافة الى ذلك، فان تدني سعر صرف الدولار سيؤدي الى عودة التضخم الى الولايات المتحدة الامر الذي سيلزم الاحتياطي الفدرالي الاميركي (البنك المركزي) الى اعادة رفع معدلات فوائده في الوقت الذي لا يسجل فيه النمو اي خطوة الى الامام تقريبا. وراى جون لونسكي انه «لن يكون امام الادارة اذن اي خيار للاستجابة لمطالب هؤلاء الصناعيين سوى اللجوء الى فرض قيود تجارية للحد من الاضرار التي تسببها منافسة المنتجات المستوردة باسعار متدنية». ولكن البيت الابيض قرر في الخامس من يونيو (حزيران) اجراء تحقيق حول ممارسات محتملة «لاغراق السوق» يؤكد اقطاب صناعة الحديد انهم ضحاياه، وقد يتخذ تدابير تجارية للرد عليها.

اما صناعة النسيج التي تعاني من منافسة الدول النامية، فتدفع، هي الاخرى، باتجاه الحصول على اجراءات حمائية من قبل ادارة الرئيس بوش. ويرى رئيس المجلس الوطني للقطن غايلون بوكر ان هذا القطاع شهد اغلاق 45 مصنعا والغاء 36 الف وظيفة منذ يناير، وتشكل قضية الشاحنات المكسيكية التي حظر الكونغرس الاميركي دخولها الى اراضي الولايات المتحدة خلافا لاتفاق التبادل الحر في اميركا الشمالية (الينا)، احدث تعبير عن اشتداد النزعة الحمائية. ووصف السناتور الجمهوري فيليب غرام التصويت على قرار حظر دخول الشاحنات المكسيكية الى الولايات المتحدة بانه قرار «حمائي محض» وهو نذير شؤم حيال فرص جورج بوش الحصول من الكونغرس على الاذن بالتفاوض حول اتفاقات تجارية تعرف باسم «سلطة تشجيع التجارة».

ولا يريد الرئيس الاميركي ان يجد نفسه مرغما من قبل الكونغرس على ادراج مبدأ الاحترام الالزامي للحقوق الاجتماعية ومعايير حماية البيئة في اتفاقيات التجارة على غرار ما يطالب به معظم الديمقراطيين وبعض الجمهوريين.