السياحة والبرمجيات والبورصة أكثر القطاعات المصرية تأثرا برفع سعر الدولار

زيادة الدولار تضعف الميزة التنافسية للصادرات وتهدد بمزيد من الركود والتضخم في السلع المعمرة والكيماويات

TT

بعد أن أصدرت الحكومة المصرية قرارا برفع سعر الدولار في السوق المصرفية بقيمة 415 قرشا مع اتاحة هامش حركة يبلغ 3 في المائة صعودا وهبوطا، في محاولة للسيطرة على سوق الصرف ووقف تدهور سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأميركي، حذر رجال أعمال وخبراء اقتصاد وصناع كثيرون من تأثير هذه الخطوة على قطاعات الصناعة والتجارة المصرية، حيث توقع المؤيدون لهذا القرار ان يسهم النظام الجديد في انتعاش العديد من الانشطة الاقتصادية مثل قطاع السياحة الركن الاساسي للاقتصاد المصري، على أساس ان السلع والخدمات المحلية ستصبح ارخص لأنها مقومة بأسعار العملات الاجنبية، وانتقد آخرون القرار وأكدوا أنه سيؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للجنيه الذي تراجع بنحو 30 في المائة أمام الدولار ومن ثم ظهور بوادر لزيادة معدلات التضخم وتكريس حالة الركود التي تعاني منها الأسواق المصرية.

وحول سلبيات وإيجابيات هذا القرار يقول عبد الستار عشرة عضو اتحاد الغرف التجارية، ان تحديد السعر المركزي بـ 415 قرشا للدولار تقريبا هو عودة للأسعار الحكومية وهذا إخلال بآليات العرض والطلب، وانه من حق الحكومة ايقاف التدهور في سعر الجنيه المصري ولكن عملية زيادة السعر كل فترة وبهذه الصورة، بمعنى تخفيض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الأخرى ليس هو الحل، متسائلا هل ستستمر الوفرة والسعر السائد حاليا، ام أنه بعد ان تنفد الكمية المعروضة من الدولار سيبدأ السعر في التحرك مرة أخرى؟ ويوضح عبد الستار عشرة أنه لا علاقة لسعر الصرف بزيادة الصادرات الا كحساب علي الورق فقط «لاننا نضرب رقم الصادرات بالدولار في 425 بدلا من 390 مثلا، وطبيعي ان المحصلة ستكون اكثر كرقم بالجنيه المصري»، نافيا ان القرار سيعطي المصدر المصري مركزا تنافسيا أفضل في الخارج لأن الصادرات المصرية نسبة كبيرة من مكوناتها، ولتكن 50 في المائة، مستوردة وسيطبق عليها السعر ايضا وبالتالي ستزيد تكلفتها بالجنيه المصري.

مزيد من الركود للبرمجيات واوضح طارق رضوان العضو المنتدب لشركة فيجا للبرمجيات انه اذا كانت بعض القطاعات لم تتأثر بقرار رفع سعر الدولار فإن قطاع البرمجيات من أشد القطاعات التي ستعاني من النظام الجديد، فاضافة الى حالة الركود والضعف الشرائي التي تعاني منها السوق المحلي للكومبيوتر نتيجة لارتفاع اسعار الأجهزة، سيحل هذا القرار بمزيد من الركود، مؤكدا أن أسعار الحاسب سترتفع بمعدل 30 في المائة عن السعر الحالي حيث ان المكونات الرئيسية تأتي كلها مستوردة وبالعملة الصعبة، وأن أسعار الشاشات ارتفعت بالفعل حيث زادت قيمة الشاشة التي كانت تباع بمبلغ 400 جنيه منذ ايام قليلة إلى 600 جنيه. ويشير رضوان إلى ان هناك جانبا ايجابيا وحيدا لهذا القرار يتمثل في ارتفاع هامش الربح لشركات إنتاج البرامج التي تعتمد بصورة أساسية على تصدير انتاجها إلى الدول الاوروبية مقابل العملة الصعبة، ولا شك أن هذا القرار سيساعدها على الاستمرار والتطوير في نوعية منتجاتها، الا أن هذا لا يحقق لسوق البرمجيات النمو المطلوب والذي يعتمد في الاساس على حركة البيع والشراء .

توقعات الخبراء ونتيجة لزيادة اسعر الدولار توقع معظم خبراء الاقتصاد أن تنحسر واردات السلع المعمرة وفي مقدمتها الاجهزة المنزلية والادوات الكهربائية والسيارات، وكذا السلع الاستهلاكية خاصة التي لها مثيل بالسوق المصري، وأن تزداد أسعار سلع اخرى بنسب متفاوتة منها الاسمنت والبتروكيماويات. وقد كشفت تقارير وزارة التموين والتجارة الداخلية عن أن تكلفة واردات القمح المصرية ستزداد بنحو يتراوح بين 80 مليون جنيه و120 مليونا حيث زادت تكلفة استيراد الطن الواحد بنحو 30 جنيها. وكذلك تضم قائمة الصناعات المرشحة للتضرر من ارتفاع سعر الدولار الحلويات والمخبوزات ومنتجات الألبان التي تعتمد في تصنيعها على نحو 20 ألف طن من الألبان الجافة التي يتم استيرادها سنويا. ويؤكد الخبراء أن الصناعات القائمة على الورق ستشهد ارتفاعا في تكاليف الانتاج وخاصة أن الانتاج المحلي من الورق لا يكفي الاحتياجات حيث يتم استيراد 100 ألف طن أخرى بالدولار، ويشير الخبراء الى أن قطاع السياحة سيشهد انتعاشة قوية نتيجة انخفاض قيمة الجنيه الذي سيقلل بدوره من تكاليف اقامة السائح الاجنبي اضافة إلى انخفاض فاتورة الخدمات، الأمر الذي سيشجع شركات السياحة العالمية إلى تنظيم مزيد من الرحلات، حيث يتوقع الخبراء زيادة الإيرادات السياحية بنسبة ملحوظة مقارنة بايرادات العام الماضي البالغة 4.3 مليار دولار . الدولار والبورصة ويؤكد حسين جلال مدير شركة التضامن لتداول الأوراق المالية، ان البورصة ستشهد نشاطا ملحوظا وترتفع أسعارها بعد القرارات الخاصة برفع سعر الدولار لأن المستثمرين الاجانب سيدخلون بثقل نظرا لتدني اسعار الأسهم حاليا وفي هذه الحالة يستطيعون تحقيق أرباح تتمثل في الفرق بين سعري البيع و الشراء، وبالتالي سيحقق المستثمر المصري الذي كان يملك بعض الأسهم عندما كانت منخفضة ربحا رأسماليا او يعوض خسارته التي حدثت له نتيجة انخفاض الاسعار، منبها الى أن دخول مستثمرين جدد بالسعر المرتفع للأسعار في سوق الاوراق المالية بهدف المضاربة، يجب أن يتم وفقا لدراية جيدة بأحوال السوق ومتغيراته، لأنه من المتوقع انسحاب المستثمر الاجنبي في أي لحظة بعد تحقيق هدفه من المكاسب وبالتالي ستنخفض الاسعار مرة اخرى ويحدث ما لا تحمد عقباه.