انخفاض سعر الدولار ينعش الصادرات الأميركية ويدفع المستثمرين للهرب

تحليل اقتصادي

TT

نيويورك ـ أ.ف.ب: من شأن التراجع السريع في سعر صرف الدولار الاميركي ان يؤدي الى انعاش الشركات الاميركية العالمية والمصدرين الاميركيين الذين يواجهون اكبر تباطؤ للاقتصاد الاميركي منذ عشر سنوات، لكن هذا التراجع قد يؤدي ايضا الى هرب المستثمرين الاجانب ومعهم المليارات الكثيرة.

وتراجع سعر صرف الدولار اول من امس الاربعاء الى أدنى مستوى له منذ 13 مارس (اذار) في مقابل اليورو فضلا عن تراجعه ايضا في الآونة الاخيرة امام الين الياباني.

ولا شك في ان المسؤولين عن الشركات الاميركية العالمية والشركات التي تعتمد على التصدير لتصريف انتاجها، يتنفسون الصعداء.

لكن مايكل روزنبرغ المحلل لدى «دوتشي بنك» في نيويورك يشير الى ان «الدولار بدأ بالتراجع منذ شهر فقط ومن المبكر جدا تقييم انعكاسات انخفاضه» على الشركات الاميركية.

ومع تراجع سعر صرف الدولار يصبح تصدير المنتجات الاميركية اكثر سهولة لان سعرها سيكون اقل بالنسبة للزبائن الاجانب في حين ان الشركات العالمية العملاقة ستجني مزيدا من الارباح على مبيعاتها الى الخارج لان تحويل الاموال الى الدولار الاميركي سيتم بسعر افضل.

ومثالا على ذلك، فقد قضمت قوة الدولار الاميركي 177 مليون دولار من ارباح شركة التبغ والمواد الغذائية العملاقة «فيليب موريس» في الربع الثاني من العام الحالي.

كما اثرت قوة الدولار سلبا على رقم اعمال شركة «جيليت» التي تنتج امواس حلاقة وبطاريات ومواد صحية مع تراجعه بنسبة 4 في المائة في الفصل الثاني اي حوالي 80 مليون دولار. واثرت ايضا قوة الدولار سلبا على شركات «بروكتير اند غامبل» و«ماكدونالد».

وكانت جمعية الصناعيين الاميركيين قد رفعت مطلع يونيو (حزيران) الماضي رسالة الى وزير الخزانة الاميركي بول اونيل تطلب منه فيها ان يعمل على تخفيض فوري لسعر الدولار الذي يعيق مستواه المرتفع عمليات التصدير والانتاج والتوظيف.

ويتفق الخبراء على ان مستوى الدولار كان مرتفعا جدا ولم يكن بالتالي يعكس واقع الاقتصاد الاميركي الذي يشهد اكبر تباطوء له منذ مطلع التسعينات.

ولكنهم منقسمون حول مدة استمرار ظاهرة الانخفاض هذه، اذ ان المستثمرين اظهروا حتى الان قدرا اكبر من الثقة في امكانات الاقتصاد الاميركي رغم التباطؤ الشديد، منه في قدرات الاقتصاد الاوروبي او الياباني.

واعرب مايكل روزنبرغ عن اقتناعه من ان اعادة التوازن بين الدولار واليورو سوف تستمر، ولكنه اعتبر ان «تحسن الين اخيرا لن يتواصل» بسبب المشاكل المتواصلة التي يشهدها الاقتصاد الياباني.

اما روبرت سينش الخبير في عمليات القطع في «سيتي بنك» فيرى ان انخفاض سعر الدولار مرحلي. وقال «بالرغم من ان هروب الرساميل يكون له عادة تأثير سلبي على الدولار، فنحن نتوقع ان يكون المناخ الاقتصادي ايجابيا اكثر فاكثر بالنسبة للدولار خلال الاشهر المقبلة» لان وتيرة النمو ستتسارع.

ولكن انخفاض سعر الدولار لم يخلف في الولايات المتحدة انعكاسات ايجابية فقط. فاذا استمر الدولار بالتراجع بوتيرة سريعة قد يتملك الخوف المستثمرين الذين سيعمدون عندها الى سحب مليارات من الدولارات يحتاجها الاميركيون من اجل تسديد الديون الهائلة والعجز في الحسابات الجارية.

ويعتبر بعض الخبراء الاقتصاديين ايضا ان انخفاض الدولار قد يؤدي الى ارتفاع في نسبة التضخم وقد يحمل المصرف المركزي على زيادة الفوائد في حين ان الاقتصاد لم يخرج بعد من كبوته.