خلاف أميركي ـ بريطاني حول تسعير النفط العراقي وتجدد المخاوف من وقف بغداد لصادراتها

TT

قال محللون لشؤون النفط ودبلوماسيون تابعون للامم المتحدة ان الولايات المتحدة رفضت هذا الاسبوع تأييد مقترح بريطاني بتشديد اجراءات الامم المتحدة الخاصة بوضع اسعار للنفط العراقي، خشية ان يؤدي هذا الاقتراح الى احداث ارباك في اسواق النفط العالمية.

وطبقا لتصريحات دبلوماسيين بريطانيين واميركيين، فان العراق حاول خلال السنوات السابقة اعتماد اسعار منخفضة لنفطه لحمل المشترين على دفع فرق السعر بطريقة سرية تعتبر خرقا لنظام العقوبات الذي فرضته الامم المتحدة على العراق. وتهدف المقترحات البريطانية الى منع العراق من الحصول على عائدات النفط الذي يباع بطريقة غير قانونية وذلك من خلال تقليل قدرته على بيع نفطه بأسعار تقل عن قيمة الاسعار المحددة في السوق. وتنص الاقتراحات البريطانية على ان تجري عملية تحديد الاسعار بواسطة العراق والامم المتحدة كل عشرة ايام بدلا من ثلاثين يوما حسب المعمول به حاليا. كما تهدف المقترحات البريطانية الى حرمان العراق من حق المطالبة بخفض الانتاج متى ما تراجعت اسعار السوق. من جهتها، اعلنت الولايات المتحدة مساء اول من امس انها اقترحت على الامم المتحدة تسوية مختلفة. ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب ريكر قوله ان واشنطن اقترحت ان يحدد سعر النفط العراقي كل 15 يوما.

الى ذلك فقد ذكر مسؤول بريطاني ان بلاده تحاول تقليص الفارق بين اسعار السوق والاسعار التي يجري تحديدها في الامم المتحدة للنفط الخام العراقي، معللا ذلك بأن الهامش الزائد يسمح لبعض المشترين من الحصول على ارباح زائدة ودفع تكلفة اضافية نقدا للحكومة العراقية.

ويؤيد المسؤولون الاميركيون شن حملة تهدف الى وقف حصول العراق على عائدات النفط غير القانونية، اذ ان هناك شكوكا في استخدام العراق لهذه العائدات في شراء اسلحة ممنوعة وسلع رفاهية للمقربين من الرئيس صدام حسين، غير ان الولايات المتحدة، اكبر مستهلك للنفط العراقي، تخشى من احتمال ان يؤدي المقترح البريطاني لإحداث ارباك في اسواق النفط العالمية. فقد اكد مسؤول اميركي بارز ان واشنطن «متعاطفة بالتأكيد مع نية بريطانيا، لكنها لم تتأكد بعد مما اذا كان الاجراء المقترح هو الخطوة الصحيحة».

الجدير بالذكر ان اتفاق «النفط مقابل الغذاء» يسمح للعراق بتصدير أي كميات من النفط، شريطة ان تذهب عائداته الى حسابات تابعة لمنظمة الامم المتحدة خصصت لشراء الادوية والاغذية وترميم البنيات التحتية المدنية في العراق. غير ان محللين في شؤون النفط حذروا من ان المقترح البريطاني ربما لا يوفر وقتا كافيا يمكن تجار النفط من استئجار الناقلات وتحديد المشترين، اذ ان الدول الرئيسية المنتجة تحدد اسعار نفطها شهريا.

من جهتها قالت مصادر بسوق النفط لـ«رويترز» ان ما يصل الى اربعة ملايين برميل من خام كركوك العراقي من المقرر شحنها في الاسبوع الاخير من الشهر الجاري قد يتعطل بسبب مخاوف تتعلق بسعر البيع الرسمي. واذا تعطل شحن الخام فستكون هذه اول مرة يتأكد فيها توقف التحميل منذ ان اصرت بريطانيا على ان تسعر الامم المتحدة صادرات النفط العراقي كل عشرة ايام بدلا من كل شهر كما جرت العادة.

وقال متعامل في النفط العراقي «سمعنا عن الغاء بعض عمليات التحميل في اغسطس (آب) بسبب عدم تحديد اسعار الايام العشرة الاخيرة... عدم التيقن يضر بشدة بالسوق». ويقول مشترون ومصاف ان الشكوك التي تراود السوق والمتزامنة مع ارتفاع الاسعار احبطت سوق خام كركوك. وحتى مساء امس الاول لم تكن شركة تسويق النفط العراقية الحكومية قد اقترحت اي اسعار جديدة لصادراتها في الفترة من 21 الى 31 اغسطس في اعتراض صامت على القرار البريطاني.

وقالت مصادر ملاحية ان ناقلة النفط العملاقة استرو كاستور التي كان من المقرر تحميلها خام كركوك العراقي من ميناء جيهان التركي يوم 27 اغسطس حولت مسارها قبل بضعة اسابيع لتحمل نفط من غرب افريقيا. واضافت المصادر ان من المستبعد الآن تحميل الناقلة العملاقة اوليمبيك بريز بالنفط العراقي يوم 31 اغسطس كما كان مقررا.

ويمكن لأصحاب عقود توريد النفط العراقي الاتفاق مع سفن اخرى لتحميل النفط لكن المتعاملين استبعدوا ذلك مع عزوف المصافي عن شراء الخام وسط عدم التيقن بشأن الاسعار.

وقال متعامل: «لا ترغب المصافي في التقيد بالشراء، وهي تعلم ان السعر سيتغير ثلاث مرات قبل التحميل». وتراجع بشدة التعامل في خام كركوك في السوق الفورية وسط عزوف عن البيع والشراء لعدم التيقن مما اذا كان نظام التسعير كل عشرة ايام سيستمر الشهر المقبل.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»