المركزي المصري يعتزم فرض إجراءات عقابية جديدة لتفادي أزمات قادمة في سعر صرف الدولار

فصل 22 مصرفيا بالبنوك الوطنية وتوقيف 14 شركة صرافة لمخالفتهم الضوابط الأخيرة

TT

يعتزم البنك المركزي المصري التوسع في فرض عقوبات من نوع جديد ضد العاملين بالبنوك الذين يرفضون تلبية طلبات العملاء من الدولار بفصل هؤلاء العاملين من وظائفهم المصرفية في حالة ثبوت قيامهم بمنع بيع الدولار من خلال البنك والمضاربة على سعره بالبيع في السوق السوداء أو شركات الصرافة وتحقيق أرباح شخصية بعيداً عن رقابة البنوك العاملين بها، فيما بادر بنك الاسكندرية وهو أحد البنوك الوطنية الأربعة بايقاف 5 مصرفيين عاملين بينهم مراقب الحسابات الجارية بفرع الاسكندرية، كما قام بنك القاهرة وهو أحد البنوك الوطنية الأربعة بفصل 17 مصرفيا من درجة «مصرفي ممتاز» لقيامهم ببعض العمليات بغرض التربح من النقد الأجنبي لحسابهم الخاص، لكن مصادر بنكي القاهرة والاسكندرية أشارت إلى أن العاملين المفصولين سيلجأون للقضاء لالغاء قرار الفصل.

وتأتي العقوبات الجديدة ضد العاملين المخالفين في الجهاز المصرفي في سياق اجراءات مشددة لضبط سعر صرف الدولار وتفويت الفرصة على المضاربين في السوق السوداء، حيث قرر البنك المركزي المصري تلبية جميع طلبات العملاء الراغبين في استبدال الدولار بالجنيه، فيما أعلن البنك عن ضخ أكثر من 400 مليون دولار خلال الأيام الماضية لتلبية الاحتياجات الدولارية لأكثر من 15 بنكاً بالقاهرة والاقاليم. وأعلن محافظ المركزي المصري اسماعيل حسن عن صدور تعليمات بألا تطلب البنوك من راغبي شراء البنكنوت مستندات لتبرير طلباتهم مثل تذاكر السفر وغيرها، مشيراً إلى فتح جميع مكاتب استبدال العملة في المطارات والموانئ والفنادق.

وأكد محافظ البنك المركزي معاقبة أية موظفين في البنوك لا يلبون طلبات البيع والشراء للدولار بالفصل من الخدمة اذا ما ثبتت مسؤولية مدير الفرع عن عدم الاستجابة لطلبات العملاء، وذلك بعد اجراء تحقيق فوري معه، مؤكداً التزام البنوك بتنفيذ التعليمات الجديدة والاعلان بصورة واضحة في صالات التعامل عن توافر النقد الأجنبي لديها وأن يكون الاعلان بارزاً وبحجم معقول لا يقل عن متر ونصف المتر على لوحة بالبنك بها قوائم شاملة أسعار الصرف.

وتشمل التعليمات الحالية للمركزي المصري موافاة فروع البنوك لغرفة العمليات بالبنك الرئيسي في نهاية كل يوم عمل ببيان عن معاملات كل فرع من فروع البنك متضمناً عدد العمليات والمبيعات والمشتريات من النقد الأجنبي، كما تشمل توفير رصيد مناسب من البنكنوت عند بدء التعامل، فيما كثفت وزارة الاقتصاد والبنك المركزي حملاتها التفتيشية على شركات الصرافة بالالتزام بتعليمات الصرف الجديدة متعهدة بتوقيف أية شركة صرافة تثبت مخالفتها للتعليمات.

ومن جانبه أكد محمد حسن الأبيض رئيس شعبة شركات الصرافة التزام الشعبة بأية تعليمات يصدرها البنك المركزي لضبط سعر الصرف ومكافحة المضاربة وتجارة السوق السوداء، لكنه دعا إلى زيادة هامش ربح الصرافات من بيع وشراء الدولار حيث أن هامش الربح ما زال محدوداً ويجعل قلة تضارب على الدولار، مؤكداً التزام الشعبة بمطاردة كل من تثبت مخالفته لقرارات ضبط سعر صرف الدولار.

وعلى جانب آخر تعقد المجموعة الوزارية الاقتصادية لمجلس الوزراء المصري اجتماعات دورية حالياً لمتابعة مؤشرات الأوضاع في سوق الصرف بعد تطبيق النظام الجديد.

ويقوم الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء بزيارات يومية للبنوك بغرض تفقد سير العمل في مختلف الأقسام والاطلاع على الخدمات الجديدة المتطورة التي يقدمها البنك للعملاء كخطوة على طريق المنافسة مع البنوك العالمية الكبرى واستعراض تطبيق النظام الجديد للصرف الأجنبي ومدى اقبال العملاء على التعامل مع البنك لبيع وشراء النقد الأجنبي.

وفي محاولة لتنسيق المواقف ومنع التضارب بين شركات الصرافة والبنوك في تنفيذ سعر الصرف الأخير للدولار بشكل منظم وبعيداً عن الخلافات بين الطرفين من المرتقب أن يجتمع ممثلون عن البنك المركزي والبنوك وشركات الصرافة بحضور وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور يوسف بطرس غالي خلال أيام لتوحيد المواقف في تنفيذ القرارات الأخيرة التي اصدرها البنك المركزي بخصوص رفع سعر الدولار من 384 قرشاً الى 415 قرشاً مع السماح بالتحرك صعوداً في حدود 3 في المائة من سعر الصرف الجديد. وتعتبر الجلسة فرصة للمصالحة والوفاق بين الطرفين.

وينعقد الاجتماع الذي دعت اليه شعبة شركات الصرافة باتحاد الغرف التجارية المصرية ووافق عليه البنك المركزي في ظروف حرجة للعلاقة بين الطرفين بعدما لوحت بعض شركات الصرافة بتوقيف نشاطها مؤقتاً احتجاجاً على ما سمته «مطاردات» جهات التفتيش بالمركزي ووزارة الاقتصاد لشركات تحت بند ضمان الانضباط في سوق الصرف والقضاء على السوق السوداء للدولار ومنع المضاربات.

وتطرح شركات الصرافة على الاجتماع المشترك، حسب تصريحات محمد حسن الابيض رئيس شعبة الصرافات، امكانية توحيد السعر اليومي في الصرافات والبنوك مع ضمان هامش ربح جيد للصرافات، وفي حالة بيع شركات الصرافات ما لديها من فائض يومي من الدولارات للبنوك تحصل في مقابل ذلك على سعر مميز كحافز للشركات لارجاع الدولارات الزائدة للبنوك بدلا من ابقائها لليوم التالي فيما ترى بعض شركات الصرافة تحديد السعر اسبوعياً وليس يومياً.

ويرفض الابيض بعض الاتهامات الموجهة بشكل عام لشركات الصرافة من قبل مسؤولي البنك المركزي، لكنه لا ينفي وجود مخالفات فردية من بعض الصرافات، وقال ان الشعبة لا تقبل المضاربات على سعر الدولار، مشيراً الى ان شركات الصرافة ساهمت بدور رائد في نجاح السوق الحرة رغم انها تواجه عقبات نتيجة تضمين قواعد الترخيص لها بعض القيود التي لا يوجد مثيلها لدى البلاد الأخرى كتحديد رصيد للتشغيل لكل شركة واخضاع الشركات لنظام التفتيش بصفة مستمرة بهدف جرد ما لديها من أموال وعدم الاعتراف بما يكون لديها من التزامات وارتباطات مع عملائها لتدبير طلبهم من عملات معينة.

وينعقد الاجتماع على خلفية توقيف وزارة الاقتصاد 14 شركة صرافة قبل أيام لمخالفتها قواعد الصرف الجديدة لمدة مؤقتة نتيجة عدم التزامها بتحرير ايصالات للبيع والشراء للمتعاملين معها وعدم اخطار البنك المركزي بتفاصيل معاملاتها اليومية، حيث ظهرت المؤشرات الأولية لعودة المعركة بين الطرفين والتي وصلت لساحات القضاء في الآونة الأخيرة بارتفاع سعر صرف الدولار في شركات الصرافة حالياً بدرجة أكبر من سعر صرفه في البنوك، حيث بلغ 427 قرشاً في الصرافات وهي أعلى سعر قانوني له مقابل 425 قرشاً في البنوك. وفي حالة عدم قدرة البنوك على تلبية طلبات العملاء سوف يتصاعد السعر في الصرافات على غرار ما حدث في الأزمات السابقة للدولار.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان البنك المركزي ووزارة الاقتصاد ينظران حالياً في ملفات شركات صرافة جديدة لعدم التزامها بتعليمات الصرف الأخيرة وهو ما قد يدفع شعبة الصرافة التي تمثل المظلة القانونية لأكثر من 126شركة صرافة مصرية الى التلويح بالتوقف المؤقت من نشاطها لاعطاء انطباع للمسؤولين عن النشاط المصرفي بالدولة بأن أزمة الدولار افراز حقيقي لأزمات اقتصادية متنوعة يمر بها الهيكل الاقتصادي للدولة وليست شركات الصرافة طرفا فيها، فيما اعتبر أعضاء في شعبة الصرافة باتحاد الغرف التجارية المصرية التحريك الأخير لسعر الدولار مقابل الجنيه المصري الى 415 قرشا بمثابة خطوة في الطريق الصحيح لاستقرار الدولار، لكنه جدد عدم مسؤولية الصرافات عن أزمة الدولار باعتبار ان الأزمة ناتجة عن خلل في العرض والطلب على الدولار نتيجة زيادة الطلب بدرجة أكبر من المعروض.