اقتحام المرأة في دبي معاقل عمل غير تقليدية يفقد الرجال هيمنتهم على الوظائف

4 فتيات تنافسن على وظيفة مدير محطة وقود أعلنت عنها شركة إيبكو وفازت إحداهن بالوظيفة

TT

شهدت السنوات القليلة الماضية تحولا نوعيا في تركيبة قوة العمل في دبي، مع تصاعد أعداد السيدات العاملات في المؤسسات الحكومية والخاصة الى اعلى مستوياتها على الاطلاق، وسط مؤشرات على استمرار هذا التحول بوتيرة سريعة كنتيجة مباشرة لانضمام أعداد متزايدة من النساء الى قوة العمل، في قطاعات غير تقليدية ظلت وحتى فترة قريبة حكرا على الرجال.

ونسب بيان اصدره نادي دبي للصحافة امس الى مسؤولين قولهم ان التشجيع الحكومي وانضمام العديد من الخريجات الجامعيات من مواطنات دولة الامارات الى سوق العمل ساهما في ارتفاع نسبة العاملات في المؤسسات الحكومية في دبي الى مستويات تعد الاعلى من نوعها على مستوى منطقة الخليج، واحد اعلى المعدلات في العالم العربي.

وتشير تقديرات غير رسمية الى انه على الرغم من ان القطاع الخاص كان سباقا في توظيف النساء، الا ان معدل النمو في عدد العاملات في المؤسسات الحكومية في السنوات القليلة الماضية كان اعلى من معدل النمو المسجل في القطاع الخاص، مع شروع مختلف المؤسسات والدوائر الحكومية في تنفيذ برامج تستهدف استيعاب أعداد متزايدة من المواطنات، في اطار توجه حكومي يعطي العاملين الذكور والاناث فرصا عادلة للمنافسة على الوظائف المتاحة.

وعلى الرغم من تباين نسبة عدد النساء العاملات في الدوائر الحكومية المختلفة، الا انها باتت تقترب من تلك السائدة في القطاع الخاص، حيث ارتفع عدد المواطنات في بلدية دبي مثلا الى اكثر من 450 سيدة يمثلن نحو 30% من اجمالي القوة العاملة في البلدية، التي تتمتع بالفعل بأحد اعلى معدلات توطين الوظائف (عند استثناء الوظائف الدنيا والعمالة غير الماهرة)، بينما سجلت العديد من الدوائر الحكومية الاخرى نموا ملحوظا في أعداد الموظفات.

وقد عبر قيام دائرة الاراضي والاملاك في دبي بتوظيف عدد من المواطنات في العام الماضي، عن التحول النوعي الذي تشهده قوة العمل في الامارة، على اعتبار انها كانت المرة الاولى التي يتم فيها توظيف سيدات في الدائرة منذ تأسيسها قبل اكثر من 40 عاما، في ما وصف آنذاك بانه اقتحام المرأة العاملة المحلية لآخر معاقل الرجال.

ويتوقع مسؤولون في الامارة ان يستمر النمو القوي في أعداد العاملات، وخاصة من مواطنات دولة الامارات، خلال السنوات القليلة المقبلة، وذلك مع التحاق اعداد كبيرة من المواطنات للعمل في مؤسسات القطاع الخاص كنتيجة لتشبع الدوائر الحكومية من جهة، ورغبة الكثيرات في دخول قطاعات عمل غير تقليدية تتمتع بآفاق نمو مهني كبيرة، منها قطاعا البنوك والخدمات.

ويشير المسؤولون الى انه على الرغم من ان القطاع الخاص مرشح لاستيعاب الجزء الاكبر من الداخلات الجديدات الى سوق العمل في السنوات المقبلة، فان قطاعات غير تقليدية ضمن المؤسسات الحكومية بدأت بالفعل تستقطب اعدادا من العاملات، ومن الامثلة على ذلك مشاركة 4 فتيات في المنافسة على وظيفة مدير محطة للوقود كانت قد اعلنت عنها شركة ايبكو، على الرغم من ان الاعلان الخاص بالوظيفة اشترط ان يكون المتقدمون من الذكور، بالنظر الى طبيعة الوظيفة نفسها، والتي تتطلب العمل ضمن الموقع لساعات طويلة وادارة فريق عمل مكون من 22 شخصا، وقد قرر مجلس ادارة الشركة بالفعل اعطاء الفرصة للسيدات الاربع بعد تعريفهن بطبيعة العمل، وقد تمكنت احداهن في النهاية من اقتناص الوظيفة من القائمة الطويلة للمرشحين وغالبيتهم من الرجال، لتصبح بذلك اول مديرة لمحطة وقود في منطقة الخليج العربي.

الى جانب ذلك يعد القطاع المصرفي احد اكثر القطاعات (خارج القطاع الحكومي) استقطابا للعاملات، وخاصة من المواطنات، مع سعي المصارف المحلية والاجنبية لزيادة معدلات التوطين تماشيا مع التوجهات الحكومية الرامية لرفع نسبة التوطين ضمن القطاع المصرفي، اذ اصبحت المصارف العاملة في دبي تضم اليوم مديرات فروع واقسام وموظفات.

ويساهم نظام العمل الصباحي في القطاع المصرفي في تعزيز جاذبيته بالنسبة لقطاع واسع من المواطنات، حيث يشكل نظام العمل بدوامين صباحي ومسائي عقبة رئيسية امام الكثيرات، وخاصة اذا كن متزوجات ولديهن اطفال. ورغم ذلك فمن الملاحظ ان مؤسسات عديدة يمتد فيها الدوام طيلة النهار باتت تجتذب اعدادا متنامية من الموظفات في مؤشر على قبول المرأة لمواجهة تحدي الوظيفة مهما كان موقعها.

يذكر ان الداخلات الجدد الى قطاع العمل يستفدن في هذا المجال من الدورات والبرامج التدريبية التي تنفذها المؤسسات المعنية لتأهيل الموظفين المستجدين، لتعريفهم بمختلف جوانب العمل وتعزيز كفاءتهم المهنية.

ولا يستبعد مسؤولون في الامارة التي رسخت مكانتها كمركز اقليمي للتجارة والاعمال في منطقة الشرق الاوسط، ان يستمر النمو في أعداد العاملات ضمن قوة العمل في المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء، بحيث تقترب في بعض القطاعات، من المعدلات السائدة في الدول الصناعية.