الأسواق لا تكترث كثيرا باندماج «هوليت باكارد» و«كومباك»

TT

اندماج شركتي «هوليت باكارد» و«كومباك» امس الأول كان حدثا بارزا في عالمي المال والتكنولوجيا على السواء، غير ان محللي «وول ستريت» ومراقبين آخرين يرون انه لم تكن هناك حاجة في الاساس لاندماج الشركتين. وطبقا للاتفاق الذي توصل له الطرفان، فإن عائداته السنوية ستصل الى 87.4 بليون دولار اميركي سنويا، الا ان المستثمرين يعتقدون ان اندماج شركتين ضعيفتين في مجال تكنولوجيا الكومبيوتر لا يعني بالضرورة ظهور عملاق جديد. فعلى الرغم من ان قيمة الاندماج وصلت الى 26 بليون دولار عند ابرام الاتفاق، فإن قيمته قدرت عند الاغلاق يوم اول من امس بحوالي 21 بليون دولار.

ويرى المحللون ان الشركتين تواجهان مجموعة من التحديات الكبيرة، اذ ان الاندماج بينهما جاء في وقت يشهد اسوأ حالة بطء في قطاع التكنولوجيا لأول مرة منذ عشر سنوات تقريبا. وفي نفس الوقت، ليس هناك ما يهدد عمل الشركات المنافسة مثل «آي بي ام» «اي. دي. اس» و«ديل كومبيوترز» في مجال اجهزة الكومبيوتر الشخصي والخدمات الاستشارية. علاوة على ذلك لم يعرف عن شركة «هوليت باركارد» او «كومباك» أي براعة في أي عمليات اندماج سابقة.

والمثير للاهتمام ان اسهم شركة «ديل كومبيوترز» العملاقة زادت بنسبة 4 في المائة، فيما ارتفعت اسهم «آي. بي. ام» 1.5 في المائة. ومن المتوقع استكمال الاندماج خلال النصف الاول من العام المقبل، ومن المنتظر ان يتسلم مساهمو «كومباك» 0.6325 من الاسهم الجديدة لـ«هوليت باكارد». تقرر كذلك ان تظل المديرة التنفيذية لـ«هوليت باكارد»، كارلي فيورينا (46 عاما)، في نفس المنصب في الشركة الجديدة، اما مايكل كابيلاس (46 عاما)، المدير التنفيذي السابق لـ«كومباك»، فسيصبح رئيسا للشركة الجديدة.

من المتوقع ان تنجح الشركة الجديدة بعد الاندماج في توفير نفقات ربما تصل الى 2.5 بليون دولار بنهاية منتصف السنة المالية 2004، علما بأنه ستجري عملية تسريح للعاملين ستشمل 15000 شخص، أي 10 في المائة من القوة العاملة بكاملها.

رغم هذه الشكوك والتحفظات حول مستقبل اندماج «كومباك» و«هوليت باكارد»، فإن المديرة فيورينا اكدت خلال لقاء هاتفي اجرته معها «يو اس اي توداي» ان اندماج الشركتين سيمكنهما من تحدي ومنافسة «آي. بي. ام». وقال عدد من المراقبين ان القلق الذي يساورهم ناتج عن ان الاندماج حدث من منطلق ضعف وليس قوة، اذ حدث في الوقت الذي اتجهت فيه الشركتان الى خفض تكاليف الانتاج وتسريح العاملين مع شروعهما في البحث عن استراتيجية جديدة للكسب. كما يعتقد محللون آخرون ان خبرة الطرفين في مجالات شراء الشركات والاندماجات ليست كافية، كما يرون كذلك انه في حالة الاوضاع الاقتصادية الراهنة من السهل على شركات مثل «آي. بي. ام» السيطرة على الزبائن. وحذر محللون من احتمال ان تقل ارباح الشركة الجديدة الى مستوى يقل عما كان من المحتمل ان تحققه كل شركة بمفردها قبل الاندماج.

ومما يعقد عملية السيطرة هو ان الشركتين لديهما العديد من المنتجات المشتركة. فثلث عائدات «هوليت باكارد» تأتي من بيع اجهزة الكومبيوتر الشخصية واجهزة الخادم، بينما نصف عائدات «كومباك» من بيع نفس النوعية من الاجهزة.

ان سوق الكومبيوتر الشخصي في غاية القسوة. فمع وجود اجهزة كومبيوتر في نصف المنازل الاميركية، فإن نمو سوق الاجهزة اصبح ضعيفا. فلأول مرة من المتوقع انخفاض شحنات اجهزة الكومبيوتر للخارج هذا العام. ويضع الاندماج بين الشركتين، اللتين لم تحققا اية ارباح من بيع اجهزة الكومبيوتر، على اعلى قائمة سوق الكومبيوتر. الا ان المحللين يتوقعون ان تبقى شركة «ديل كومبيوترز» على قمة الشركات صانعة اجهزة الكومبيوتر ذات التكلفة الرخيصة. ويضيف المحللون ان توقيت الدمج يثير مشكلة بسبب ضعف سوق اجهزة الكومبيوتر الشخصية. ويحذر مارك سبكر المحلل الاقتصادي من ان توقيت الاندماج سيئ. فالاقتصاد المتباطئ والضعف في الانفاق في مجال التكنولوجيا وقضايا الاندماج ستؤثر على نمو الشركة الجديدة لمدة سنتين او ثلاث. بينما يشير جور ايلنغ من مصرف دويتشي ان البيئة الاقتصادية الضعيفة جعلت المستثمر اكثر انتقادا للاتفاق. ولكنه يقول ان عوائد مثل هذا الاندماج اذا تم بطريقة صحيحة، سيتعاظـم لان شركة «اتش اند بي» الجديدة ستبدو افضل عندما يتوقف انكماش سوق التكنولوجيا.

ويضيف المراقبون ان المنافسة قوية للغاية. ولذا فإن نجاح الاندماج يعتمد على ضرورة قيام كومباك واتش بي بالتطوير السريع لوحدات الخدمات بها، التي تساعد الشركات على ادارة شبكات التكنولوجيا، لان الشركات تحتاج الى اصلاحات واستشارات بغض النظر عن انخفاض معدلات النمو الاقتصادي.

الا ان الشركتين متخصصتان في الاصلاح، وهو واحد من اقل الخدمات ربحا. ويجب على الشركة الجديدة تقديم خدمات استشارية عالية المستوى مثل تلك التي تساعد الشركات على اعداد استراتيجيات تكنولوجية على المدى الطويل. الا ان هذا مجال تخصص شركة اي بي ام واكسل، والحصول على نصيب في هذا المجال من اصعب الامور.

ومن بين العوامل الاخرى التي ساهمت في عدم حماس اسواق الاوراق المالية هو ما يطلق عليه اسم عامل فيورينا. فمنذ حصولها على منصب المديرة التنفيذية لشركة «اتش بي» في عام 1999 كانت ردود فعل وول ستريت متباينة بخصوص خطتها لجعل «اتش بي» مكانا واحدا للخدمات واجهزة الكومبيوتر. الا ان عدم ظهور نتائج اخيرة جعلت البعض يتشكك في قدرتها على تحقيق التجانس بين «اتش بي» و«كومباك».

غير ان ضعف النمو الاقتصادي الذي اثر على قطاع التكنولوجيا ليس مسؤولية فيورينا. ولكنها ارتكبت بعض الاخطاء. فقد ذكر البعض انها كانت اكثر حماسا في تكهناتها. ففي العالم الماضي ذكرت ان عائدات «اتش بي» ستزيد بنسبة تتراوح بين 15 و 17 في المائة في العام الحالي. والآن؟ يتوقع المحللون ألا تحقق الشركة اية زيادة بل وربما تخسر.

وكانت فيورينا وكابيلاس قد التقى قبل 18 شهر خلال جلوسهما الى جوار بعضهم البعض في لقاء حول السياسة العامة في واشنطن. واكتشف المديران التنفيذيان الجديدان ـ حصلا على منصبيهما عام 1999 ـ ان الشركتين تشاركان في «رؤية والتزام موحد» بخصوص الإبداعات والعمل الاجتماعي وكيفية معاملة الناس على حد قولها.

وقد بدأت المفاوضات في منتصف شهر يونيو الماضي بمكالمة هاتفية الى كومباك لمناقشة تراخيص الملكية الذهنية. الا ان المحادثات غير الرسمية بين الاثنين تحولت الى كيف تتشابه منتجات وخطط الشركتين. ويقول كابيلا «وفجأة توصلنا الى شئ اكبر بسرعة».

وبالرغم من رد فعل وول ستريت السلبي فإن بعض المراقبين يرون بعض الامكانيات. فسيمكن للشركة الجديدة، مثل «اي بي ام»، من ان تقدم للمستهلك والشركات كل شيء من اجهزة الكومبيوتر الرخيصة الى الخدمات المتقدمة.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»