مؤتمر لاهاي للتحكيم الدولي في المنازعات التجارية يدعو إلى إشراك قوانين الشريعة الإسلامية في سن قوانين التحكيم الدولي

TT

شدد المؤتمر الدولي المخصص «لتقوية العلاقات من خلال القانون الدولي مع اقطار العالم العربي والعالم الاسلامي» الذي انعقد امس في مقر محكمة العدل الدولية بلاهاي ونظمه الامير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود، رئيس الفريق السعودي للتحكيم والامين العام المساعد للاتحاد العربي للتحكيم الدولي بالتعاون مع المحكمة الدائمة للتحكيم الدولي على رمزية هذا الحدث الذي يأتي في ظروف خاصة ويبرهن للعالم بأسره ان العالمين العربي والاسلامي يسعيان بكل صدق الى الوئام الدولي والحوار بين الحضارات والاديان وليس التصادم بينها.

واكد الامير د. بندر بن سلمان بن محمد ال سعود امام فعاليات المؤتمر التي جاءت من جميع انحاء العالم بكل قوة «ان الاسلام والعرب ينبذون الارهاب بجميع اشكاله فهم لا يرضونه لانفسهم ولا لغيرهم». كما اوضح الامير الدكتور بندر بن سلمان ايضا ان العالمين العربي والاسلامي ليسا في حرب مع الغرب او الاديان السماوية الاخرى قائلا «اذا كان القانون الدولي مقسماً الى قانون في وقت السلم وقانون في وقت الحرب فان كان قانون الحرب في الاسلام يحرم قتل الابرياء والاطفال والنساء والشيوخ بل ويتعدى ذلك الى تحريم قتل الحيوانات وقطع الاشجار والفساد في الارض بجميع اشكاله، فاذا كان هذا هو القانون في الاسلام وقت الحرب فكيف يكون وقت السلم». من جانبه اكد تجاكو فاندن هاوت الامين العام للمحكمة الدائمة للتحكيم ان المشاركة العربية والاسلامية القوية في مؤتمر لاهاي تترجم بكل وضوح عدم وجود اي علاقة بين الارهاب والعرب والمسلمين الذين تعاطفوا بصدق مع ضحايا العمليات الارهابية التي استهدفت نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر (ايلول) الماضي.

وركزت اوراق عمل المؤتمر حول سبل تقوية العلاقات من خلال القانون الدولي بين المجموعة الدولية والاقطار في العالمين العربي والاسلامي وخاصة في مجالات الاستثمار الاجنبية والتجارة الالكترونية وداخل منظمة التجارة العالمية واليات حسم المنازعات على ضرورة تفهم الجانب الغربي للقوانين الاسلامية التي تهتم بالنشاط الاقتصادي. واكد تجاكو فاندن هاوت ان تفهم ومعرفة القوانين الاسلامية التي ليست متضاربة او متنافرة مع القوانين الدولية هي اساس سليم لتقدم التعاون الاقتصادي والتجاري مع البلدان العربية والاسلامية.

من جانبه دعا رئيس محكمة العدل الدولية الفرنسي غيلبرت غيوم الى اشراك القانونيين الاسلاميين وكذلك الشريعة الاسلامية في سن قوانين دولية جديدة تحكم التبادل التجاري الدولي وتساهم في فض المنازعات بين الاطراف التجارية والاقتصادية العالمية. كما كشف رئيس محكمة العدل الدولية النقاب عن مبادرة انتهى من عرضها على الامم المتحدة دعا فيها الى اشراك محكمة العدل الدولية في لاهاي في الاسهام في حل المنازعات التجارية المستعصية بين الدول كما سبق لها ان سوت خلافا تجاريا بين مؤسستين واحدة اميركية والاخرى ايطالية تعذر على حكومتيهما التوصل الى حل بشأنها فأوكلتا الامر الى محكمة لاهاي.

من جانبه ركز الوفد السعودي على ضرورة متابعة الحوار مع الاطراف الدولية في مجال ممارسة التحكيم الدولي واثراء هذا القطاع بالافكار التي تقرب وجهات النظر بين الغرب والعالم العربي والاسلامي، وقدم الامير د. بندر بن سلمان بن محمد آل سعود خبرة بلاده في ذلك المجال خاصة كما قال «ان المملكة العربية السعودية عرفت التحكيم منذ القدم. وخصوصا في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه حيث وضع شرط التحكيم في اتفاقياتها الدولية والتجارية قبل توحيد المملكة العربية السعودية في عام 1932 ووضع القوانين المنظمة لها وكان اخرها في عام 1983 وعليه انضمت المملكة لاتفاقية نيويورك عام 1993 وكذلك انضمامها لاتفاقية لاهاي عام 2001.

وبشأن اشكالية التجارة الالكترونية عبر الانترنت والتي لا تعرف حدودا اعتبر المؤتمر ان منظمة التجارة العالمية معدة بشكل جيد لتولي ادارة تلك التجارة واخضاعها لنفس التعريفات والجمارك المفروضة على المنتوجات الاخرى. كما اكد الخبراء في مجال التحكيم الدولي امس في لاهاي ضرورة ايجاد قاعدة قانونية دولية يشارك الفقه الاسلامي في صياغتها وسنها لضمان حماية التجارة الالكترونية المتصاعدة وضمان حقوق الملكية الفكرية وحقوق الطبع (للكتب والبرامج الحاسوبية والموسيقى وغيرها التي تنقل بواسطة الانترنت التي اصبح يستعملها الان اكثر من 100 مليون نسمة في العالم).

واحتلت ايضا قضايا القوانين الدولية التي يرجى منها الاهتمام بالاستثمار الاجنبي وحسم المنازعات فيه حصة الاسد في اعمال مؤتمر لاهاي لتقوية العلاقات التجارية بين المجموعات الغربية والدولية مع العالمين العربي والاسلامي حيث اكد امين عام المحكمة الدائمة للتحكيم تجاكو فاندن هوت بقوة امام الخبراء من القارات الخمس اهمية البدء في التنسيق مع مراكز التحكيم العربية والاسلامية الاقليمية مثل مركز التحكيم الاقليمي ـ الذي مقره في طهران ـ واشراك تلك المراكز في التحكيم الدولي وجهود فض المنازعات.

من جانبه ذكر الامير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود رئيس فريق التحكيم السعودي بان عملية تذليل العقبات امام المستثمرين الاجانب في جميع الدول يجب ان يقابلها جهد من المستثمر الاجنبي في افادة تلك الدول بنقل التكنولوجيا وتوطينها في بلدانها الى جانب تدريب القوى العاملة على تلك التكنولوجيا لكي يعم النفع للجميع، واكد ان المملكة العربية السعودية اصدرت في عام 2000 نظام الاستثمار الاجنبي، كما انشئت هيئة عامة للاستثمار اهمها الاستثمارات في الطاقة حيث يصل اجمالي الاستثمارات المتوقعة خلال العشر سنوات المقبلة 500 مليار دولار.