الدول الأفريقية تسعى لفرض شروطها لدورة تجارية جديدة خلال اجتماع الدوحة

مصر تؤيد المبادئ الأساسية لمنظمة التجارة العالمية لكنها تخشى عواقب تطبيقها

TT

نيروبي ـ القاهرة ـ ا.ف.ب: تعتزم الدول الافريقية ان تتفاوض بكل ما لديها من قوة في الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في الدوحة لفرض شروط ملائمة للاكثر فقرا قبل بدء دورة جديدة من المفاوضات التجارية.

وقال الرئيس التنزاني بنيامين مكابا في خطاب الى الامة مؤخرا ان «قواعد الاقتصاد والتجارة العالمية انتهت دائما حتى الآن بجعل الدول الفقيرة اكثر فقرا والغنية اكثر ثراء».

واضاف ان «الدول الاقل تطورا سترفض مشروع اي دورة جديدة من المفاوضات يمكن ان تؤدي الى ادامة استغلالها وتحكم عليها بالبقاء في دائرة الفقر المفرغة».

من جهته قال وزير الاقتصاد في جزر موريشيوس جايان كوتاري لوكالة فرانس برس ان «اي طرح يهدف الى تحرير اكبر للتجارة الدولية يفترض مسبقا تحسين القدرة الانتاجية للدول النامية».

ولم تتمكن القارة السوداء التي تضم 34 من الدول الـ49 الاكثر فقرا في العالم، حتى الآن من تطبيق اجراءات جولة الاوروغواي. وقال الاقتصادي الكاميروني دومينيك نجينكوي الذي يعمل في معهد البحث الاقتصادي في افريقيا ان «الدول (الافريقية) لا تطالب بدورة جديدة».

واضاف ان «هناك بنودا في كل اتفاق لا تملك حكومة حسنة النية القدرات البشرية والمالية والمؤسساتية على تطبيقها»، سواء كان الامر يتعلق بالملكية الفكرية او بالجمارك.

وتابع ان الدول الافريقية المقتنعة بان منظمة التجارة العالمية تطلب منها اكثر من امكانياتها والدول الغنية لم تساعدها بشكل كاف، اصبحت مصممة على ان «لا تعطي الا بمقابل».

وقد استعد وزراء التجارة هذه المرة للقاء الدوحة الذي سيحضرونه بملفات كاملة ومقترحات عديدة. وفي لقاء عقدوه اخيرا في ابوجا (نيجيريا)، لم يتمكنوا من الاتفاق على مدى ضرورة بدء او عدم بدء دورة جديدة، لكنهم اعتمدوا برنامجا مشتركا يتضمن الحدود الدنيا.

فهم يرفضون رفضا قاطعا التطرق في اطار منظمة التجارة العالمية الى مسائل مرتبطة بالبيئة او بشروط العمل خوفا من فرض التزامات جديدة عليهم لا يستطيعون تجاوزها لصادراتهم.

وقد عبر معلق كيني في صحيفة مؤخرا عن قلقه من حظر الشاي والقهوة الكينية اللذين يشكلان المصدر الرئيسي للقطع في البلاد، في الاسواق الاوروبية بسبب مشاركة اطفال في حصادها.

ومن بين شروطها المسبقة، تطالب افريقيا باصلاح نظام اتخاذ القرار في منظمة التجارة العالمية معتبرة ان الدول الغنية تفرض وجهات نظرها فيها.

كما تريد عدم تحويل انظمة حماية النباتات الطبية في الدول المتطورة الى «انظمة حماية غير مباشرة».

وتأمل القارة الافريقية ايضا في اعادة فتح ملفات تحسين نظام للتعامل مخصص للدول الاكثر فقرا في التجارة العالمية واعادة النظر في الاتفاق المتعلق بحقوق الملكية الفكرية ليسمح للدول بالحصول على الادوية الاساسية رغم براءات شركات انتاج الادوية.

وفي الشق الزراعي في حال تم اطلاق دورة جديدة، تعتزم افريقيا الدعوة الى تأمين دخول افضل لمنتجاتها الى الدول الغنية عن طريق خفض الدعم وبرامج مساعدة افضل.

من جهة اخرى، تقر مصر التي انضمت قبل ست سنوات الى منظمة التجارة العالمية بالمبادئ الاساسية التي تستند اليها لكنها تخشى عواقب تطبيق الاتفاقات المنظمة للمبادلات العالمية وتلوم الدول الصناعية على عدم احترام تعهداتها.

ويقول احمد غنيم، مستشار شؤون التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد ان «مصر، كباقي الدول النامية، تعارض تطبيق معظم بنود اتفاقات منظمة التجارة العالمية لانها تعتبرها ضارة بمصالحها في حين ان الدول الصناعية لم تف بتعهداتها».

وامام مصر حتى العام 2005 لتطبيق بنود الاتفاقات المبرمة في اطار منظمة التجارة العالمية والتي تختلف مهل السماح الخاصة بها باختلاف القطاعات.

ويقول غنيم شارحا موقف مصر التي تنتج القطن ومنسوجات اخرى «كان على الدول الاعضاء ان تخفض الرسوم الجمركية على 26% من المنسوجات المستوردة بحلول 2001.

ولكن في الواقع فان الولايات المتحدة لم تفعل ذلك سوى على 7،1% من هذه الواردات، والاتحاد الاوروبي 6% وكندا 9.8 %».

ويتخذ المصريون الموقف نفسه من الحقوق التجارية للملكية الفكرية. وتقول منى الجرف، استاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، ان القواعد التي تفرضها منظمة التجارة العالمية على مصر تعيق نمو هذه الدولة المستوردة للتكنولوجيا.

وتدعم الحكومة المصرية على سبيل المثال المنتجات الصيدلانية بهدف ابقاء اسعار الادوية في متناول الجميع.

ولكن احترام اتفاق الحقوق التجارية للملكية الفكرية يمنعها من انتاج مئات من الادوية، لا سيما الادوية البديلة، مما يعني ان على المستهلك ان يشتري الادوية المستوردة بعشرة اضعاف بديلاتها المنتجة محليا.

كما ترفض مصر البنود الاجتماعية المتعلقة بمكافحة عمل الاطفال بشكل خاص.

ويقول جودت عبد الخالق الخبير الاقتصادي في جامعة القاهرة، ان «الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الاوروبي تريد منع استيراد اي منتج يعمل اطفال في تصنيعه».

ويضيف «المبدأ جميل، ولكن ينبغي اخذ الوقائع الاقتصادية والاجتماعية التي تبرر عمل الاطفال لمساعدة اسرهم في الاعتبار».

وفي بلد يعد 66.5 مليون نسمة وحيث قرابة 45% من السكان دون 15 عاما، يعمل اكثر من مليوني طفل بين السادسة والثانية عشرة، وفق الارقام الرسمية.

لكن منظمة العمل الدولية تؤكد عدم وجود ارقام دقيقة بهذا الشأن وتحث مصر على منع تشغيل الاطفال الذين يعملون خصوصا في جني القطن وفي المدابغ والمسابك وفي تجارة التجزئة وكخدم في المنازل.

ويقول عبد الخالق انه «من غير الموفق ان يتم ربط التجارة بالبيئة». ويعطي مثالا استخدام المبيدات في حقول القطن في بلد نام كمصر هي التاسعة المنتجة للقطن عالميا.