النعيمي: نتجه لكارثة ستلحق الخسارة بالجميع و«أوبك» لم تعد قادرة على السيطرة على سوق النفط

أسعار النفط تتهاوى بعد فشل المنظمة في إقناع المنتجين المستقلين بتخفيض الإنتاج وخسائر برميل برنت اقتربت من تسعة دولارات منذ هجمات 11 سبتمبر

TT

حذر وزير البترول السعودي علي بن ابراهيم النعيمي من كوارث ستلحق بجميع الدول المنتجة للنفط من داخل اوبك او خارجها ما لم تقدم روسيا اسهاما ملموسا في تخفيضات الانتاج لتصحيح وضع اسعار النفط.

ونفى النعيمي الذي تعتبر بلاده أكبر منتج للنفط في العالم ان تكون استراتيجية «اوبك» كما يصفها المحللون بانها تدخل حرب اسعار، وقال للصحافيين امس في العاصمة النمساوية «هذه ليست حرب اسعار ولا سعي وراء حصة من السوق. لو انها كانت حرب اسعار او استراتيجية لتأمين نصيبنا من السوق لما ابقت السعودية ثلاثة ملايين برميل يوميا من الطاقة الفائضة بغير استخدام». واضاف النعيمي «نحن في ازمة ونحتاج للمساعدة. وهذا نداء جاد».

وقال ان التباطؤ الاقتصادي العالمي الذي اضر اسعار النفط يعني انه لم يعد بوسع اوبك ادارة سوق النفط المتقلبة بمفردها.

وبلغ سعر برنت خام القياس العالمي اليوم 18.75 دولار للبرميل لتصل بذلك خسائره الى 8.70 دولار او 30 في المائة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الماضي على الولايات المتحدة.

وشدد الوزير النعيمي على ان اوبك لن تخفض الانتاج «اطلاقا» ما لم تقدم روسيا اسهاما ملموسا في تخفيضات الانتاج.

وجاء التحذير بعد يوم من عرض اوبك خفض الانتاج بواقع 1.5 مليون برميل يوميا اعتبارا من اول يناير (كانون الثاني) شريطة ان يقلص المنتجون المستقلون انتاجهم باجمالي 500 الف برميل يوميا.

وقال النعيمي للصحافيين «اننا نوجه النداء بشكل خاص لروسيا من اجل تجنب دروس الماضي». وكان يشير الى انهيار اسعار النفط في عامي 1986 و.1998 وردا على سؤال عن امكانية بدء تنفيذ الخفض المؤجل في انتاج اوبك بواقع 1.5 مليون برميل في الاول من يناير حتى بغير تعهد روسي بخفض اكبر في الانتاج قال النعيمي «لن يحدث ذلك اطلاقا. وبذلك نخسر جميعا».

وقال الوزير في حديث مع الصحافيين «الخفض الروسي ضئيل ومخيب للآمال ونحن لا نتعامل معه جديا. لقد تقدمنا بطلب منطقي للغاية والموقف الروسي غير منطقي الى اقصى حد».

واضاف قائلا «هذه وسيلة لابلاغ كل المنتجين بان هذا المسار محفوف بالكوارث وسيؤدي بنا جميعا الى الخسارة».

ولم ينجح النعيمي في انتزاع اكثر من مساندة رمزية من روسيا في رحلته لموسكو قبيل اجتماع وزراء اوبك في فيينا اول من امس.

وعلى صعيد الاسعار، انخفضت اسعار النفط الخام الاميركي في سوق نيويورك نحو تسعة في المائة عندما قالت اوبك انها لن تخفض الانتاج من اجل دعم اسعار الطاقة التي تتعرض لضغوط بسبب تراجع الاقتصاد العالمي ما لم تتعاون دول اخرى من غير الاعضاء في المنظمة وعلى رأسها روسيا.

وهبط سعر النفط الخام تسليم ديسمبر (كانون الاول) 1.93 دولار الى 19.74 دولار للبرميل في المعاملات الالكترونية لبورصة نيويورك للسلع (نايمكس) بعد ان تراجع خلال جلسة التعاملات الى 19.55 دولار للبرميل وهو مستوى لم يسجله منذ يوليو (تموز) عام .1999 وبينما استمر الانخفاض في سوق لندن ليبلغ ذروته عندما وصل سعر خام برنت في عقود ديسمبر كانون الاول الى 17.70 دولار للبرميل وهو ادنى مستوى لسعر الخام في 28 شهرا، ذكرت وكالة انباء اوبك امس نقلا عن امانة منظمة اوبك ان سعر سلة خامات نفط اوبك السبعة انخفض اول من امس الى 18.09 دولار للبرميل من 19.23 دولار يوم الثلاثاء الماضي.

ولليوم الثامن والثلاثين على التوالي ظل سعر السلة أقل من الحد الادنى الذي تستهدفه أوبك وهو 22 دولارا للبرميل. كما اصدرت روسيا امس اشارات متباينة حول مسألة التخفيض، فحين قال رئيس شركة يوكوس ثاني اكبر منتج للنفط في روسيا انه من غير المنطقي للبلاد ان تخفض انتاج النفط بناء على طلب اوبك وان شركته لن تفعل ذلك الا بناء على اوامر حكومية، قالت شركة لوك اويل وهي اكبر منتج للنفط في روسيا ان البلاد قادرة من الناحية الفنية على خفض الانتاج بين 200 الف و300 الف برميل يوميا اذا قررت الحكومة مساعدة اوبك على دعم اسعار النفط.

وقال ليونيد فيدون نائب رئيس شركة لوك اويل لرويترز «رقم 200 الف الى 300 الف برميل يوميا (بالنسبة لروسيا) الذي ذكرته اوبك ممكن لكن يجب بحثه بين الحكومة والمنظمة».

وقال فيدون ان شركة لوك اويل مستعدة لدعم خفض اكبر وتحمل مسؤولية 24 في المائة من أي خفض بما يتكافأ مع حصتها في انتاج النفط الروسي.

وقال «نعتقد انه سيكون مربحا اكثر للشركات الروسية ان تساعد في اشاعة الاستقرار في اسعار النفط بدلا من زيادة الصادرات في وقت تنخفض فيه الاسعار». وشركة لوك اويل التي كان انتاجها مستقرا خلال السنوات القليلة الماضية من بين شركات النفط الروسية القليلة التي تؤيد اجراء خفض أكبر في الانتاج.

وفي مدريد، قال ميخائيل كاسيانوف رئيس الوزراء الروسي امس ان روسيا لن تفكر في اجراء خفض كبير في انتاج النفط رغم ان من الممكن اجراء تخفيضات صغيرة في الانتاج.

وقال كاسيانوف في مؤتمر صحافي بعد محادثات مع نظيره الاسباني «لن نخفض انتاجنا في أي وقت من الاوقات على نطاق كبير. فهذا مستحيل. ربما يمكننا خفض بعض الانتاج لفترة من الوقت لتحقيق سعر عادل».

ولم يحدد كاسيانوف الكمية التي يمكن لروسيا ان تخفضها من انتاجها النفطي لكنه قال ان روسيا ترى ان سعر 25 دولارا للبرميل سعر عادل وانها ستعمل على الوصول اليه.

وقد اعلنت الحكومة المكسيكية مساء اول من امس انها ستخفض صادراتها من النفط بمعدل 100 الف برميل يوميا اعتبارا من اول يناير عام 2002 «طالما استمرت منظمة اوبك في خفض انتاجها مع بقية المنتجين».

وقال بيان اصدرته وزارة النفط المكسيكية ان «المكسيك (وهي ليست عضوا في اوبك) ترى ان استقرار اسعار النفط لا يتحقق الا ببذل جهود مشتركة من قبل جميع البلدان المنتجة».

وفي اوسلو، قال وزير النفط والمناجم النرويجي اينار ستينسنايس امس ان النرويج مستعدة لخفض انتاج النفط اذا تطلب الامر لتفادي انهيار الاسعار.

وقال الوزير الذي يتعرض لضغوط من اوبك لتقليص الانتاج بهدف تدعيم الاسعار المتهاوية «اذا تطلب الامر فمن المؤكد ان النرويج ستضطلع بجانبها من المسؤولية عن استقرار اسعار النفط». ولم يصل الوزير الى حد تقديم اي تعهدات قاطعة.

واشار في تصريحاته لراديو ان.ار.كيه الى ان النرويج خفضت آخر مرة انتاجها البالغ 3.1 مليون برميل يوميا لمدة عامين منذ عام 1998 وذلك فقط عندما هوت اسعار النفط الى عشرة دولارات للبرميل.

وقال «الآن تقل الاسعار قليلا عن 20 دولارا للبرميل. لكننا نريد ان نستبق اي انهيار لأسعار النفط ومن المؤكد اننا سنعمل لتفادي ذلك». ولم يوضح ستينسنايس عند اي مستوى سعري قد تتدخل النرويج.

الى ذلك، قال الرئيس المقبل لاوبك ريلوانو لقمان ان الضغوط على اسعار النفط العالمية ستستمر حتى العام المقبل بسبب الاقتصاد العالمي الواهن.

وقال لقمان في مقابلة جرت معه اول من امس «في الوقت الحالي ومع كساد الاقتصاد العالمي وتدفق امدادات كبيرة من المنتجين خارج اوبك لا يمكن الا ان نشهد ضعف السوق». ويتولى لقمان رئاسة اوبك في الاول من يناير.

وذكر لقمان ان اوبك اجلت قرارها بخفض المعروض في السوق العالمية لانها ليست مستعدة لتقليص الانتاج في وقت تنخفض فيه الاسعار حتى يلتهم المنتجون الآخرون حصتها من السوق.

وقال «انهم يكسبون من حجم الانتاج ونحن نخسر في الحجم والسعر معا. ما المنطق في ان ننتج اقل ونكسب اقل».

واعرب لقمان عن ثقته في قبول روسيا ومنتجين آخرين من خارج اوبك لدعوة اوبك لخفض الانتاج.

وقال «لو كنت مكانهم لرأيت المبرر السليم للتعاون».

وقال علي رودريجيز الامين العام لمنظمة أوبك امس انه لا شيء يحد أسعار النفط في هبوطها اذا لم يسهم المنتجون المستقلون بتخفيضات كبيرة في الانتاج.

وقال رودريجيز انه بعد عامين من الارتفاع النسبي للاسعار فان أوبك يمكنها ان تتحمل فترة قصيرة انخفاض الاسعار بفضل مليارات الدولارات من احتياطيات النقد الاجنبي التي كونتها الدول الاعضاء.

وأوضح ان الوضع الحالي في سوق النفط العالمية أسوأ مما كان عليه عام 1998 عندما انخفضت الاسعار الى حوالي عشرة دولارات للبرميل وذلك بسبب الركود الاقتصادي العالمي.

وأضاف ان اسعار النفط قد تظل دون مستوى 22 دولارا للبرميل وهو الحد الادنى الذي تستهدفه المنظمة رسميا الى ان ينتهي الكساد.