خبير قانوني: بريطانيا لم تفعل سوى القليل في مجال مكافحة غسيل الأموال

TT

شكك خبير قانوني في امكانية تتبع ورصد الاموال التي يستخدمها الارهابيون في عملياتهم التجارية والقانونية. ودلل البروفيسور باري رايدر مدير المعهد العالي للدراسات القانونية بالارقام على ضآلة الاموال التي تم رصدها من قبل بريطانيا والولايات المتحدة، مقارنة بما هو موجود فعلا في ايدي تلك الجماعات. جاء ذلك في ندوة نظمتها جمعية الدراسات القانونية العليا في لندن اول من امس واشترك فيها الى جانبه كل من الباحثين في نفس المعهد د. كيرن اليكسندر وريتشارد اليكسندر.

وبدءاً اثار باري رايدر مسألة عدم امكانية تحديد حجم الاموال التي بيد الارهابيين، مشيراً الى حداثة تجربة التعامل مع هذا الموضوع، مقارنة مع تجربة التعامل مع جرائم الهرم الاسفل من الجريمة التي تشمل محاربة المخدرات والدعارة والجرائم العادية.

لكن في ما يتعلق بمتابعة المال الذي بحوزة الارهاب على نطاق عالمي ينبغي التعامل مع حقائق اوضحها البروفيسور رايد في محاضرته بالقول «الكثير من اموال اسامة بن لادن ليست اموالا قذرة بل يمكن اعتبارها اموالا سرية ومرحلة واموالا مستثمرة ولكن الثابت فيها انه لا يمكن السيطرة على حركتها، مضيفا «وهم يفضلون، اي الارهابيين اجمالا، استثمارها في مشاريع صغيرة لكي لا تثير الريبة».

وانتقد بريطانيا في تصريحها بانها لاتتعامل مع تلك الاموال بالقول «الحقيقة ان ما عملته بريطانيا بهذا الصدد ما زال ضئيلا جداً»، مضيفا «ان تلك الاموال تصب في نهاية المطاف في البلدان الغنية ضمن دورتها». وقال بالطبع عندما يجري التعامل مع اسماء واضحة فانه يجري تجميد تلك الاموال، كما حدث عندما جمدت بريطانيا حوالي 70 مليون جنيه من تلك الاموال لكن حجم الاموال يتعدى ذلك بكثير.

«ينبغي الاخذ بالاعتبار بان اميركا خسرت حربها مع المخدرات ونريد ان نراها كيف ستحسم معركتها مع الارهاب». واشار في مدخل آخر الى تطور مفهوم وممارسة العمليات البنكية غير المرئية والتي اطلق عليها «اندر جراوند بانكنك سيستم»، إلا ان اموال الارهاب تندرج تحت عدة مسميات وتكونها مصادر متعددة يدخل فيها العامل الاثني والديني والتقاليد والعادات والثقافة ومستوى تطور النظام المالي في البلد المعني مما يجعل من الصعب متابعتها وقد تطرق الى بعض الجهود السابقة والتي تمكنت من رصد حركة الاموال ضمن نطاق عدد من البلدان لكنها انتهت بعد ان دخلت في الدورة المالية لتلك البلدان.

وذكر امثلة من عدة دول مثل نظام الحوالات في الهند والفلبين و«نظام تشوب» في الصين واندونيسيا وغيرهما مدللا على تنوع عمليات تهريب الاموال وتحويلها، ففي الهند يجري التعامل مع كميات قليلة من الاموال ضمن عمليات تحويل تتم عبر وكلاء غير رسميين تدخل ضمن التبرعات والمساعدات للحركات الارهابية، فيما يجري في الفلبين عادة استثمارها قبل وصولها الى المصدر النهائي من خلال مشاريع صغيرة.

وتطرق في مدخل آخر الى التوجه لاصدار قوانين لمكافحة الارهاب بالقول «ان مجرد التوجه لاصدار القوانين سيؤدي الى تدوير هذه الاموال وغسيلها لكي يتم تفويت فرصة رصدها لكنه قال ان هذا يعكس القلق المتزايد لدى العالم لمكافحة تلك الاموال».

واوضح عدة امثلة لمدى الفارق بين الاموال التي تعلن عنها الحكومات ومدى التناقضات في البيانات الرسمية في تحديدها. فقد اعلنت وزارة الداخلية مبلغ 500 مليون جنيه كأموال قذرة لكننا نجدها في مناسبة اخرى تعلن رقما مطاطا يتراوح بين 500 مليون جنيه و9 مليارات جنيه سنويا، فيما يعلن عام 1995 احد المسؤولين الكبار في جهاز «ام آي6» البريطاني الخاص بالعمليات الاستخبارية الخارجية ان حجم غسيل الاموال الذي تم عبر لندن بلغ 200 مليار جنيه، فيما لم يتجاوز حجم الاموال التي تم رصدها فعلا في عشر سنوات 4.4 مليون جنيه، وهو رقم يثير السخرية، مضيفا ان من بين 7 آلاف جريمة مثبتة بهذا الخصوص جرى استحصال اموال ما نسبته 17.8 في المائة منها وهي جرائم مثبتة. مؤكدا اننا لا نعرف بالفعل حجم غسيل الاموال واموال الجماعات الارهابية في العالم.

بعد ذلك تطرق كيرن اليكسندر الى التشريعات القانونية المنتظرة لمكافحة الارهاب في الولايات المتحدة، وقال انها تدور حول استراتيجية السيطرة على الاموال التي تدخل البنوك ومحاولة تفعيل التعاون الدولي من اجل السيطرة عليها من خلال عمليات التجميد وذلك من خلال تطوير القانون المدني في القطاع البنكي.

ولكن مداخلته تعرضت الى اسئلة عديدة حول مدى مشروعية اجراءات متابعة اموال المودعين وكذلك اموال الجمعيات الخيرية وفي ما اذا كان ذلك سيؤدي الى كسر اجراءات الثقة التي تمنحها البنوك لعملائها. كما اتفق مع ما طرحته عليه «الشرق الأوسط» من مسألة ضرورة تعريف عالمي دقيق للارهاب لا يقوم على اساس الانتقائية المستندة لتغير المواقف السياسية للدولة وذلك حينما قال بانه من الضروري ان يكون القانون دوليا وملزما للجميع.

وعقب ريتشارد اليكسندر عن مدى الالتزام الدولي في قضايا حقوق الانسان وذلك ضمن المسعى الدولي لاقرار قوانين مكافحة الارهاب لكنه اقر بضبابية الموضوع وعدم وضوح وجهته في العديد من البلدان.