بوادر استقرار الاقتصاد الأميركي تشير إلى قرب الخروج من دورة التباطؤ

TT

واشنطن ـ أ.ف.ب: من المتوقع اعلان حال الانكماش رسميا في الولايات المتحدة هذا الاسبوع، غير ان الاقتصاد الاول في العالم بدأ يسجل بوادر استقرار تشير الى ان نهاية النفق المظلم قد تكون قريبة نسبيا. وسيعلن المكتب الوطني للابحاث الاقتصادية وهو معهد خاص مكلف تسجيل الدورات الاقتصادية الاميركية رسميا خلال الايام المقبلة ان الاقتصاد الاميركي دخل مرحلة انكماش للمرة الاولى منذ عشر سنوات، ولن يفاجئ هذا الاعلان أحدا. فجميع الخبراء يتحدثون منذ اشهر عن انكماش اقتصادي، بعد ان بدأ اجمالي الناتج الداخلي في التراجع خلال الصيف (-0.4% خلال الفصل الثالث على اساس سنوي). الا ان المكتب الوطني للابحاث الاقتصادية يعتزم تحديد بداية الانكماش في مارس (اذار) الماضي، قبل اشهر من اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) في نيويورك وواشنطن، وفق معلومات اوردتها الصحف خلال عطلة نهاية الاسبوع. وقد يبدو الامر غريبا الى حد ما، لان الاقتصاد الاميركي استمر في تسجيل نمو ايجابي طفيف خلال الربيع مع زيادة بمعدل 0.3% في اجمالي الناتج الداخلي خلال الفصل الثاني (+1.3% خلال الفصل الاول).

غير ان خبراء الاقتصاد في المعهد لا يعتمدون التحديد «التقليدي» للانكماش اي فصلين متتاليين من النمو السلبي، بل يأخذون بعين الاعتبار اربعة مؤشرات شهرية غير اجمالي الناتج الداخلي، وهي الوظائف والانتاج الصناعي والحركة التجارية (بالجملة والمفرق) ودخل العائلات. وسيصدر «الحكم» الرسمي عن المعهد في وقت تعكس الاحصاءات الاقتصادية تحسنا واضحا.

من جهته، توقع وزير الخزانة الاميركي بول اونيل الاحد ان يشهد الاقتصاد الاميركي انتعاشا في مطلع العام المقبل، وقال اونيل خلال مقابلة اجرتها معه شبكة اي.بي.سي. «سنشهد انتعاشا اقتصاديا في مطلع العام المقبل». واوضح «اننا في ظروف مؤاتية لانتعاش» اقتصادي، ولا سيما بسبب تحسن العديد من المؤشرات، مثل زيادة حركة البيع بالمفرق او ارتفاع اسعار البورصة.

غير ان اونيل دعا الكونغرس من جديد الى اعتماد برنامج انعاش اقتصادي يقوم على خفض الضرائب بناء على اقتراح الرئيس جورج بوش. وهذه الخطة متوقفة حاليا في مجلس الشيوخ بسبب خلافات كبيرة في وجهات النظر بين الجمهوريين والديمقراطيين. وقد سجلت حركة البيع بالمفرق وهي من افضل المؤشرات عن نفقات الاستهلاك التي تمثل ثلثي النشاط الاقتصادي الاميركي خلال اكتوبر (تشرين الاول) تقدما قياسيا (+1.7%) بعد ان هبطت في سبتمبر في اعقاب الاعتداءات، غير ان سقوط نظام طالبان في افغانستان والهدوء الذي خيم على جبهة مرض الجمرة الخبيثة اعادا قدرا من التفاؤل الى نفوس الاميركيين حسب ما اشار الارتفاع الجديد في مؤشر ثقة المستهلكين الصادر عن جامعة ميتشيغان الاربعاء.

وهرع الاميركيون الى المتاجر خلال عطلة عيد الشكر التي تعلن بداية موسم مشتريات نهاية السنة، الا انه لا يزال من المبكر معرفة ما اذا كانت قد نتجت عن هذا الاقبال على الشراء نفقات كبيرة، غير ان بعض المحللين يتوقعون مبيعات افضل مما كان منتظرا خلال عيد الميلاد، بفضل التنزيلات الاستثنائية التي تقدم هذه السنة. وقد اعلنت متاجر «وول مارت»، المجموعة الاميركية الاولى لتسويق المنتجات والمعروفة بكسرها للاسعار، عن مبيعات قياسية يوم الجمعة بلغت اكثر من 25،1 مليار دولار خلال يوم واحد. وقال ستيفن سليفر رئيس قسم الدراسات الاقتصادية في شركة ليمان بروذرز للاستثمار ان «فرص انحسار الانكماش بسرعة تزايدت خلال الاسابيع الاخيرة، لكننا لا نزال نعتقد ان الانتعاش الاقتصادي سيتطلب رغم كل شيء بضعة اشهر».

واكد بروس ستاينبرغ الخبير الاقتصادي في «ميريل لينش» «اننا نتوقع انتعاشا اقتصاديا خلال الربيع»، اذ ان الزيادة المتوقعة في نسبة البطالة ستواصل خفض نفقات الاستهلاك حتى الربيع. واذا كانت غالبية الخبراء يتحدثون عن استمرار تراجع النشاط الاقتصادي حتى الفصل الاول من عام 2002، غير ان بعضهم يبدو اكثر تفاؤلا ويراهن على العودة الى النمو الايجابي منذ مطلع العام المقبل. ومع انهيار اسعار النفط واستئناف الشركات انتاجها لاعادة تشكيل مخزونها الذي يسجل تراجعا منذ اشهر عدة، فمن المتوقع ان يزداد اجمالي الناتج الداخلي الاميركي بمعدل 2% خلال الفصل الاول من عام 2002، حسب توقعات شركة ماكروايكونوميكال ادفايزرز للتوقعات الاقتصادية.