المعرض الدولي للسياحة في كولون يروج لعطلات صحية قصيرة كحل مؤقت لأزمة القطاع العالمية

TT

يقول الالمان، وهم «أبطال السياحة في العالم»، ان رائحة مكاتب السياحة وملصقاتها تجتذب السائح للموسم السياحي القادم، الا انهم لم يتصوروا ان يحقق لهم أحد هذه الأمنية على ارض الواقع. فوكالة رويال كاريبيان حولت هذا المثل الى حقيقة في المعرض الدولي للسياحة ـ 2001 في كولون الذي انعقد خلال الفترة من 30/11 ـ 2/12، بهدف اصطياد السائح الالماني من أنفه، واستخدمت الوكالة في جناحها جهازا لاطلاق روائح البحر والنباتات الكاريبية والديكورات والملصقات والشرائح لتحقيق هذه «المعايشة».

وشاركت 1000 شركة من 65 بلدا في معرض هذا العام (80 شركة أكثر من العام الماضي) رغم الأوضاع الاستثنائية التي يعيشها قطاع السياحة والنقل الجوي على المستوى العالمي منذ عمليات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي التي استهدفت مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاغون في واشنطن. وعبرت ادارة المعرض عن سرورها بنتيجة استفتاء اجرته بين المشاركين والزوار قيم خلاله 80% من الحضور مستوى المعرض بين الجيد والجيد جدا.

ان سر نجاح معرض السياحة الدولي في كولون، رغم تفوق معرض برلين عليه من ناحية الحجم، حسب رأي ادارة المعرض هو منحى المعرض «لخلق أجواء المعايشة للسياحة والأفكار المبتكرة المقدمة كل مرة. والحقيقة هي ان هذه «المعايشة» تجتذب مئات الآلاف من الزوار الباحثين عن المتعة والعروض الجيدة وسحبات اليانصيب ومسابقات الأسئلة التي تقيمها الشركات المختلفة التي تكفل الفوز باحدى «اللقطات» بدون عبء كبير.

* نداء الجبال

* وفي اطار بحثها عن الجديد فقد خصصت ادارة المعرض هذا العام قاعتين ضخمتين لمعرض «الاجازة في الجبال» الذي يشجع الهاربين من ضجيج المدن والكارنفالات وتوتر العمل الوظيفي على اللجوء الى المناطق الوعرة لممارسة رياضة التسلق او التزلج او التجوال او مجرد «السبوت» في الجبال. واقامت المانيا والنمسا وايطاليا وسويسرا (بلدان الألب) في القاعة رقم 8 جدارا عاليا للتسلق اجتذب مئات الزوار من هواة التسلق في مسابقة كبيرة. كما اقيم شريط جليدي لتحقيق امنية البعض في معايشة التزلج والتمتع بالتزلج على الجيد داخل القاعات. هذا اضافة الى المطاعم والمقاهي التي تستنسخ مطاعم مدن جبال الألب وتقدم وجباتها.

من ناحية المشاركة العربية فقد اتاح جناحا تونس والمغرب الفرصة للزوار الالمان والدوليين للتمتع بمشاهدة عروض حية وعرض للرقص الشرقي اضافة الى توزيع القهوة العربية.

وتعتبر «الاجازة في الجبال» وتشجيع السياحة الداخلية و«السياحة البديلة» والسياحة الصحية» و«عطلة نهاية الاسبوع الصحية» البدائل المؤقتة للسياحة البعيدة التي شهدت هبوطا واضحا في الاشهر الثلاثة الماضية. اذ تتجه العديد من الشركات، بانتظار موسم الصيف القادم، الى تشجيع السياحة داخل بلدانها وخصوصا الى الحمامات الطبيعية والغابات الطبيعية المحمية والمناطق الجبلية. وسبق للشركات الالمانية ان اكتشف منبعا غريبا للسياحة حيث صارت تدعو الناس للتمتع بالماء الدافئ للبحيرات الصغيرة القريبة من المفاعلات النووية وهي سياحة صار لها جمهورها في المانيا.

وعلى هذا الاساس فقد شهد قطاع النقل السياحي البري والبحري تقدما على حساب النقل الجوي بسبب الخوف «المؤقت» من الطيران. وحسب مصادر ادارة المعرض فان السياحة البرية من وسط اوروبا الى شمال افريقيا في ازدهار، وتنتعش السياحة جزئيا في تونس والمغرب.

* تراجع المشاركة العربية

* الملاحظ ايضا هو اقتصار المشاركة العربية هذا العام على مصر وتونس والمغرب اضافة الى تمثيل بعض الدول العربية من خلال المكاتب الدولية الا ان اسماء لبنان والاردن وسورية وعمان والامارات وليبيا، اختفت من قائمة المشاركين رغم حضورها في المعارض السابقة. وهذا يعود الى الظروف الحالية الصعبة والى ارتفاع تكاليف المشاركة مقارنة بالمردودات المباشرة.

ويقول ابو السعود الصلاح مدير ديوان السياحة في تونس، ان تراجع السياحة في تونس يتراوح بين 20 ـ 30% والوضع في هذا الحال افضل مما في مصر وسورية والاردن. ويعود السبب الى الوضع السياسي المستقر في تونس واعتمادها اساسا على السياحة الصيفية. فهذا الموسم عادة هو موسم انخفاض عدد السواح الالمان الذين يرتفع عددهم في العام الى 1.3 مليون سائح.

وتجاوبا مع النزعات نحو السياحة البيئية والتجوال في الصحراء والجولات على الجمال والخيل والدراجات، شكلت تونس ادارة كاملة لتجهيز وتشجيع السياحة الطبيعية. كما بدأت «السياحة في الجبال» تنهض في تونس وخاصة في منطقة طبرق التي تشبه المناطق الجبلية الاوروبية في تضاريسها.

واشار الصلاح الى تنامي السياحة في تونس عبر النقل البري، وذكر ان أسعار العروض السياحية قد انخفضت بالفعل بسبب تراجع السياحة وبسبب المنافسة مع اسبانيا وتركيا واليونان.

ولأن السياحة في المغرب تشهد انخفاضا مماثلا فقد دأبت الحكومة على تشجيع السياحة الداخلية واجتذاب السياح العرب من الخليج. وذكر فيصل جوريو رئيس الجناح المغربي في المعرض ان المغرب يستقبل 3 ملايين سائح سنويا بينهم حوالي 250 الف الماني الا ان هذا العدد انخفض بنسب تتراوح بين 10 ـ 30% حسب الدول المصدرة للسياحة. وسبب هذا الانخفاض هو «الخوف من الطائرة وليس الخوف من المغرب» حسب تعبير جوريو لأن المغرب لا يعاني من توتر في أوضاعه الداخلية.

وتقود الدائرة السياحية في المغرب حاليا حملة اعلام واسعة في المانيا وبريطانيا في الصحافة والاعلام عموما للتعريف بالمغرب ومحاولة اجتذاب السواح للموسم القادم. وهناك في المغرب طلب شديد على السياحة الطبيعية من المانيا وهولندا وبلجيكا وقد استجاب المغرب في السنوات القديمة لهذه الطلبات وأعد الكثير من البنى الارتكازية الكفيلة باستيعابها =