محطة «كهرباء دابول» في الهند.. مشروع استنزف أموال «إنرون»

TT

دابول ـ الهند ـ رويترز: على ساحل بحر العرب جنوب بومباي يرقد مشروع ضخم شيدته شركة الطاقة الاميركية العملاقة المفلسة «انرون».

ويخيم السكون حاليا على محطة كهرباء دابول التي تكلفت 2.9 مليار دولار والرصيف المجاور لتفريغ وتخزين الغاز الطبيعي المسال منذ يونيو (حزيران) حين اغلقت المحطة وتوقف البناء بعد ان عجز عميلها الوحيد عن سداد الفواتير بينما كان المشروع على وشك الاكتمال.

وأدى الخلاف الناتج الى سيل من الدعاوى القضائية المتبادلة وتحطمت الامال العريضة التي علقتها انرون على المشروع وبدأت البحث باستماتة عن مشتر.

وقال ابهاي مهتا مؤلف كتاب «لعبة الطاقة» الذي صدر عام 1999 وتوقع فشل المشروع ان كل من شارك في المحطة سيكون عليه تحمل جزء من الخسارة لانقاذ المشروع من خلال شطب للديون ووسائل اخرى.

واعرب مهتا عن اعتقاده بأن المشروع ربما لا يمكن بيعه الى ان تتفق انرون وشركاؤها على شطب ما يقدر بنحو مليار دولار من الديون.

وكانت شركة دابول للطاقة وهي فرع لشركة انرون تتولى تشغيل المحطة قد اوقفت التشغيل بعد ان عجز العميل الوحيد وهو هيئة مرافق حكومية تكاد تكون مفلسة عن سداد 240 مليون دولار مقابل الكهرباء من المرحلة الاولى وقدرتها 740 ميجاوات التي بدأت العمل في مايو (أيار) وكان من المقرر ان تبدأ المرحلة الثانية وقدرتها 1444 ميجا وات التشغيل في يونيو (حزيران).

وتمتلك انرون التي طلبت حمايتها من الدائنين بموجب البند 11 من قانون افلاس الشركات الاميركي 65 في المائة من مشروع دابول.

وتمتلك كل من «جنرال الكتريك» وشركة البناء «بكتل» عشرة في المائة من المشروع بينما تمتلك هيئة الكهرباء في ولاية مهاراشترا «ام.اس.اي.بي» 15 في المائة.

وبعد يومين من المحادثات في سنغافورة اتفقت شركة دابول ودائنوها من الاجانب والهنود واثنان من المشترين المحتملين يوم 14 ديسمبر (كانون الاول) على عملية لبث الحياة مجدداً في مشروع المحطة.

ويقول مصرفيون ان شركة الكهرباء الهندية الخاصة «بي.اس.اي.اس» وشركة الطاقة تاتا ستدرسان ماليات المشروع ودفاتره على مدى الشهرين المقبلين.

وقال ب.ب. فورا رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في بنك الهند للتنمية الصناعية احد كبار المقرضين للمشروع «وافقت شركتان على دراسة المشروع بالاهتمام اللازم وتقديم عروضهما النهائية خلال 60 يوما». وافادت الصحف الهندية ان «انرون» التي كانت مسيطرة على سوق الطاقة العالمية قبل ان تهتز ثقة المستثمرين بها بعد سلسلة من الصفقات المالية غير واضحة الجدوى تريد 2.1 مليار دولار مقابل حصة الشريك الاجنبي لكن الشركات الهندية لم تبد استعدادا سوى لدفع ما يقل عن نصف هذا المبلغ.

وحذر مهتا من ان المتقدمين بعروض الشراء ربما ينتهي بهم الامر الى عرض مبالغ اقل لان هيئة «ام.اس.اي.بي» رفضت احد مطالبهم الاساسية بان يكون لهم الحق في منطقة توزيع مقصورة عليهم.

ويتفق الجميع على ان اهم خطوة هي خفض تكلفة الكهرباء التي ينتجها مشروع دابول. ومنذ بدأ تشغيل المرحلة الاولى دفعت «ام.اس.اي.بي» ما بين4.4 الى 6.26 روبية (09ر0 الى 56ر0 دولار) مقابل الوحدة مما يجعلها من اغلى اسعار الكهرباء في العالم.

ويزيد ارخص سعر بمقدار ستة اضعاف على السعر الرخيص للوحدة من المحطات الكهرومائية الاقدم والبالغ 7.0 روبية.

ويلزم الاتفاق مع انرون هيئة «ام.اس.اي.بي» بشراء متوسط 6.21 ساعة يوميا من الانتاج اي حوالي 90 في المائة من طاقة المحطة سواء كانت الهيئة تحتاج للكهرباء ام لا.

وتزيد طاقة توليد الكهرباء في ولاية مهاراشترا عن اكبر طلب تم تسجيله مما يعني ان الحاجة للكهرباء من محطة دابول ستكون عارضة لمجرد الوفاء بالطلب وقت اغلاق المحطات الاخرى للصيانة او لتعطلها.

وفي حالة بدء تشغيل المرحلة الثانية كانت «ام.اس.اي.بي» ستدفع 56.1 مليار دولار على الاقل سنويا او 73 في المائة من ايراداتها العام الماضي والتي بلغت 13.2 مليار دولار مقابل كهرباء يمكن ان تشتريها من مصدر اخر بسعر ارخص كثيرا.

وقد توقفت محطة دابول الواقعة على مسافة 250 كيلومترا من بومباي عن العمل الان وبات هواء البحر المحمل بالملح يهدد بنخر اساسات مداخنها الست العملاقة.

ويرجع هذا جزئيا الى ان الظروف الاقتصادية اختلفت كثيرا عما كان متوقعا حين تفاوضت «انرون» عام 1995 على الصفقة التي ما زالت تمثل اكبر استثمار اجنبي في الهند.

وكان من المتوقع ان تحتاج ولاية مهاراشترا كل الكهرباء التي تنتجها محطة دابول بل واكثر منها باعتبار انها من اكثر الولايات الصناعية في الهند.

وقد نما الاقتصاد الهندي بأكثر من سبعة في المائة على مدى ثلاث سنوات متعاقبة في اواخر التسعينات لكن النمو تباطأ باطراد وخاصة في مهاراشترا.