مصر: تداعيات صرف الدولار ترفع أسعار السيارات بنحو 8 في المائة وسط دعوات بوقف الاستيراد لمدة عامين

TT

تسود سوق السيارات المصرية حالة من التوتر والترقب على ضوء تداعيات سعر صرف الدولار الجديد خاصة ان صناعة السيارات المصرية تعتمد على المكونات الأجنبية المستوردة بنسبة 60 بالمائة على الأقل، علاوة على أن أسعار السيارات المستوردة تتأثر بزيادة سعر الصرف وارتفاع قيمة الدولار الجمركي، وحسبما يتوقع العديد من منتجي ومستوردي وكذلك تجار السيارات فإن الأسعار ستزاد بنسب تتراوح بين 4 و8 بالمائة على مختلف أنواع السيارات المستوردة أو المنتجة محلياً بسبب قرارات أسعار الصرف الأخيرة وارتفاع قيمة الدولار الجمركي، كما أكد البعض أن كافة المشتغلين بسوق السيارات رفعوا بالفعل أسعار السيارات حتى الموجودة في الأسواق قبل صدور القرارات الأخيرة لسعر صرف الدولار، وان معظم مصانع السيارات بدأت مراجعة تكاليف الانتاج على ضوء الزيادة المتوقعة في التكلفة الاستيرادية، فضلا عن ترشيد الانتاج الى الحدود الدنيا وممارسة الضغوط على الموردين الأجانب لخفض الأسعار خاصة على سيارات الركوب التي تعتمد في تصنيعها على نسبة كبيرة من المكون الأجنبي المستورد، الى ذلك أكد خبراء ان ارتفاع الأسعار لن يقتصر على السيارات الجديدة المصنعة محلياً أو المستوردة وإنما سيمتد الى سوق المستعمل التي بدأت تظهر فيه عمليات حرق أسعار تحسباً لأية مفاجآت غير متوقعة، واجمع منتجو وموزعو ومستوردو السيارات في مصر على ان المرحلة المقبلة ستشهد تراجعاً في المبيعات وانخفاضاً في معدلات التشغيل بالمصانع المحلية والاستيراد من الخارج، وبالتالي زيادة في الأسعار الأمر الذي سيؤدي الى انخفاض الطلب على السيارات بصفة عامة.

وتوقع أمين عام شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية المهندس صلاح الحضري ان تؤدي الأوضاع الراهنة الى خفض معدلات تشغيل المصانع الوطنية لانتاج السيارات الى أقل من 40 بالمائة خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية واستمرار التذبذب في سوق صرف العملات الأجنبية وتراجع معدلات الطلب على شراء السيارات، وانخفاض معدلات الانتاج والاستيراد معاً نتيجة الزيادة المستمرة في الأعباء الانتاجية والاستيرادية، وأشار الى ان خبراء صناعة السيارات كانوا يأملون أن يشهد العام الحالي تعويضاً عن حجم الانخفاض في انتاج ومبيعات السيارات خلال العام الماضي، إلا ان حالة الغموض والترقب وعدم الاستقرار المتواصلة قضت على هذه الآمال خاصة في ظل زيادة فاتورة واردات مستلزمات الانتاج نتيجة لتعافي العملات الوطنية في دول جنوب شرق آسيا في الوقت الذي تراجعت فيه قيمة الجنيه المصري بنحو 35 بالمائة مما أدى لمضاعفة الصعوبات التي تواجه المنتجين في انعاش سوق السيارات والبقاء على معدلات أسعاره التي كانت سائدة في السنوات الماضية وشجعت على زيادة مبيعات السيارات الجديدة وكذا خفض الأسعار في بورصة السيارات المستعملة.

ويرى عبد الفتاح رجب أحد كبار مستوردي السيارات ان سعر الصرف الجديد وضع مستوردي السيارات في مأزق جديد سيؤثر حتماً على معدلات الاستيراد والبيع خلال الفترة المقبلة لاسيما أن السعر الرسمي الجديد للدولار سيكون مصحوباً بسعر رسمي آخر جديد للدولار الجمركي الأمر الذي يضاعف الأعباء، وبالتالي ينعكس على زيادة الأسعار، مؤكداً ان الأجواء الحالية باتت غير مشجعة للاستيراد وستفقد السوق حالة المنافسة بين المستورد والمنتج المحلي التي كانت تصب في مصلحة المستهلك، كما انها ستجعل العديد من شركات السيارات العالمية تعيد النظر في حجم تعاملاتها داخل السوق المصري.

وأكد المهندس أيمن أبو العزم تاجر سيارات مستعملة ان الارتفاع المتوقع في أسعار السيارات الجديدة والمستوردة سيؤدي الى ارتفاع السيارات المستعملة نظراً لارتباط السوقين ببعضهما البعض، مشيراً الى ان الأشهر الماضية شهدت ارتفاع أسعار موديلات التسعينيات بما يتراوح من ألفين و5 آلاف جنيه نتيجة تراجع الانتاج المحلي وانخفاض الاستيراد وارتفاع الأسعار، متوقعاً أن تسبب التعريفة الجمركية الحالية للسيارات واستمرار زيادة الدولار والتمسك بفرض ضريبة المبيعات على السيارات الى مزيد من الآثار السلبية على سوق السيارات المصرية بصفة عامة وكذلك على الأسواق المرتبطة بها.

واستبعدت رابطة منتجي السيارات المصرية تأثر مبيعات السيارات ذات السعة الكبيرة التي تبدأ من 1600 سي. سي فما أكثر، موضحة ان فئة المشترين لهذه النوعية قادرة على التعامل مع الزيادة فيما توقعت تراجعاً حاداً في مبيعات السيارات ذات السعة الأقل خاصة 1000 سي. سي حيث لن تستطيع شريحة الراغبين في اقتناء هذه النوعية من السيارات تحمل أعباء الزيادة المنتظرة في أسعارها، كما توقعت الرابطة استمرار انخفاض الانتاج المحلي من سيارات الركوب خلال العام الماضي بعد تراجعه من 45 ألف سيارة عام 1999 الى 38 ألف سيارة العام الماضي، محذرة من خطورة هذا التراجع على معدلات التشغيل في المصانع الوطنية التي تتجاوز استثماراتها نحو 9 مليارات جنيه، وشددت الرابطة في مذكرة عاجلة رفعتها لمجلس الوزراء على أن الأوضاع الحالية في سوق السيارات تتطلب تخفيف الأعباء عن كاهل المنتجين المحليين والتوقف عن استيراد بعض النوعيات من السيارات لمدة عامين للحفاظ على الانتاج المحلي وترشيد انفاق النقد الاجنبي.