موظف لدى «آي بي أم» يوفر مليارات الدولارات للشركة من خلال اعتماد نظام الخدمة الإلكترونية والتكنولوجيا في التسويق

TT

من الشائع هنا ان حسن الطالع سيلازمك اذا ما دخلت مطعما لتناول العشاء ووجدت نادل المطعم يتناول طعامه في المقاعد الخلفية للمطعم. وهذا ما تحاوله شركة «آي بي أم» العملاقة في الاستفادة من هذه الفكرة، فبالرغم من أنها تقوم بتصنيع الاجهزة الكبيرة اضافة الى الرقائق الالكترونية، وبالرغم من كونها لا تصنع فطائر الخبز ولا البيتزا لكنها قد تقوم بأكل ما تصنعه بيدها توفيرا للمال.

ذلك هو هذا ما يخبرنا به فيليب اس ثومبسون كبير المديرين في قسم المعلومات بشركة «آي بي ام» الذي يقوم بتجربة منتوجين في «مطبخ الشركة الصناعي». وفيما اذا كان يدخل تحسينا على استخدامات الانترنت أو يطور تكنيكا يمكن المستهلكين من ادخال خدمة التحادث عبر مواقع الانترنت فكل ما يقوم به هو محاولة انضاج طبخة جديدة توفر الكثير من المال لشركة «آي بي أم».

وما نعنيه بهذا المطبخ هو ليس الطهو بحد ذاته بل تغيير طريقة العمل بما يوفر للشركة وقتا اكثر وبالتالي وفرا ماليا.

وينظر الكثير من الشركات الى قسم تكنولوجيا المعلومات على انه قطعة مالية للشركة، الا ان ثومبسون ينظر اليه من زاوية اخرى معتبرا اياه اشبه بوكيل مهمته تقليل التكلفة، ولهذا استحق لقب آخر في الشركة هو نائب الرئيس لتطوير الانتاج.

استطاعت «آي بي ام» للفترة ما بين بداية عام 1998 والربع الثالث من هذا العام ان تقلل الكلفة بمقدار 5.7 مليار دولار وذلك باعتمادها الانترنت في خدمة زبائنها وتدريبهم وتدريب موظفيها ايضا. حيث كما يقول ثومبسون «نجحت فكرة التوفير الى درجة مذهلة وخلقت استخدامات اوسع للتكنولوجيا، فقد مكنتنا من تحقيق 3 الى 4 دولارات من استثمار دولار واحد فقط».

ويقول هاريس ميلر رئيس جمعية تكنولوجيا المعلومات التي مقرها في آرلنغتون لقد غدت بعيدة تلك الايام التي تعد فيها التكنولوجيا وسيلة لاصدار قوائم الرواتب والاعمال الخلفية في المكاتب.

ويضيف ميلر «اصبح العديد من الشركات يعتبر معداته الرقمية المتطورة مهمة وحساسة في عمل الشركة كما هي مهمة معداتها واصولها الاعتيادية واصبح من الضروري لدور الرئيس التنفيذي للأقسام الرقمية الحديثة ان يتميز بأهميته كما هو دور الرئيس التنفيذي للاقسام التقنية الاخرى». مضيفا «ولم يعد مقبولا ان يكون هؤلاء المديرون يعيشون بالطريقة القديمة او يتخذون لهم مقعدا وراء الرئيس التنفيذي الفعلي كنواب للرئيس».

وبالرغم من ان ثومبسون يتصدر القمة في مثل هذا الدور في مجالات الكومبيوتر الا انه وكما يقول هو نفسه ان عمله اقرب لادارة الاعمال منه الى العمل التقني، وقد يكون مفرحا لزبائنه ان يقنعهم بجدوى اعتماد نسخة مطورة من ذلك البرنامج او غيره الا ان الاساسي هنا هو أن شركة «آي بي أم» قد حققت اهدافها بالنسبة له.

وما يتطلبه مثل ذلك العمل حقا هو ايجاد التوازن المطلوب بين الجانب التقني والجانب الفني في تسويق المنتوج بشكل لا يجعلك تسوق بضاعة تقنية لمجرد انك تريد ان تسوقها بل عليك ان تحقق لدى المستهلك الاقتناع من جدوى استخدامها العملي اذا كانت فعلا بضاعة جيدة ومفيدة.

ويتلخص الأسلوب الذي اتبعته شركة «آي بي أم» لتسويق بضاعتها، بان يستعرض ثومبسون للزبائن كيف اعادت شركة «آي بي أم» تنظيم وتحديث نفسها تكنولوجيا بحيث تتلائم ومتطلبات التجارة الالكترونية، وبشكل يستطيع الزبون ادراك انه امام شركة عملاقة استطاعت ان تستوعب التطورات التكنولوجية وتسير عملها بالرغم من حجمها العالمي وعملياتها المعقدة.

وعن انطباعات الآخرين عن نوعية عمل الشركة يقول باري فروو مدير مركز الدراسات العليا في مدرسة الخريجين بنافيل في مونتري بكاليفورنيا «ان مجرد النظر لعدد الموظفين في شركة «آي بي أم» والذي يبلغ 320 ألف موظف حول العالم، يوضح حجم العمل الفني الهائل الذي ادخلته الشركة في عملها» مضيفا «انهم يدركون ما قاموا به من عمل جبار».

ويكفي مثالا النموذج الذي طبقته «آي بي أم» في ادخال التكنولوجيا الحديثة للبحرية الأميركية التي تمتلك 400 ألف رجل عامل و700 الف رجل احتياط حيث قام ثومبسون باستدعاء كبار الضباط واقنعهم بضرورة التغيير حيث اخذوا نموذجا من برنامج لوتس الذي تعتمده «آي بي أم» ومن خلال عمل رجال ثومبسون تم تدريب رجال البحرية بطريقة «التعليم عن بعد» عبر تصميم رقائق الكترونية تفي بحاجة زبائنهم الجدد وتم تنفيذ ذلك في مصانع جهزت المنتوج وبوشر باستخدامه من قبل البحرية في يناير (كانون الثاني) عام 2000 وتم اعتماده من مجموعة قتالية لديها عشر سفن تم في اليوم الاول فقط تسجيل 1800 مكالمة عبر الاجهزة الحديثة. وفي ما بعد تم اعتماد نفس البرنامج من 12 مجموعة قتالية مشابهة في البحرية الأميركية.

وبالرغم من تباطؤ الاقتصاد العالمي فان فروو يقول ان شركة «آي بي أم» تعمل بفعالية عالية يؤكد ذلك حقيقة انه في العام الماضي فقط وصل الى أميركا 700 زبون للالتقاء بثومبسون وفريقه للتعرف على اسلوبه في العمل او شراء منتوجه.

وللتدليل على اعتماد «آي بي أم» على التكنولوجيا فهي تشتري 98 في المائة من محتاجاتها عبر الانترنت من خلال 31 ألف مجهز لمختلف البضائع التي تحتاجها سواء للتصنيع او للمكاتب.

وخلال الربع الثالث المنتهي في 30 سبتمبر (أيلول) اشترت «آي بي أم» بما قيمته 30 مليار دولار بضائع عبر الانترنت بزيادة بلغت 19 في المائة عما اشترته العام السابق. وقد بلغ ما وفرته هذا العام عبر تدريب موظفيها على استخدامات الانترنت 284 مليون دولار.

وباعت «آي بي أم» بما قيمته 18.7 مليار دولار بضائع عبر «آي بي أم» دوت كوم خلال الاشهر التسعة الاولى من العام لتبلغ الزيادة عن العام الماضي في المبيعات حوالى 30 في المائة.

ويقول ثومبسون ان الكلفة عبر استخدام الانترنت تقل بمقدار 80 في المائة عن عمليات البيع وجها لوجه مع الزبون وبالاخص عندما يكون المطلوب بضائع زهيدة الثمن. وقد زار مواقع «آي بي ام» خلال التسعة اشهر الاولى من هذا العام 83 مليون مستخدم موفرين للشركة 1.2 مليار دولار فيما لو زارو الشركة وجها لوجه، وليس هذا فحسب فالشركة وفرت 265 مليون دولار من تدريب موظفيها عبر الانترنت ايضا.

* خدمة «يو. إس. إيه. تودي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»