سياسة صندوق النقد في الأرجنتين تشابه تعامله الخاطئ مع الأزمة الآسيوية

TT

اثارت الازمة المالية التي ضربت الارجنتين اخيرا موجة من النقد لسياسة صندوق النقد الدولي IMF هي الاولى منذ الازمة الاسيوية في عامي 1997 ـ 98 والتي اعترف الصندوق بمبرارتها في النهاية.

مرة اخرى نجد ان صعوبة الشروط التي فرضها صندوق النقد لمنح قروض الكفالة، والتي تمثلت في التقشف المالي والتشديد في السياسة النقدية، هي في مقدمة السياسات المثيرة لموجة النقد. يضاف في حالة الارجنتين الانتقاد الموجه للصندوق بسبب فشله في وقف الادانة بعد ان اصبح واضحا ان تخلف الارجنتين عن دفع الديون المستحقة وتخفيض العملة نتيجتان حتميتان.

ويقول ستيف برايس ـ الاقتصادي في ستاندرد تشارترد بنك ـ ان «المفتاح للمشكلة الاساسية يكمن في النمو الاقتصادي وقد ادرك صندوق النقد ذلك بعد فوات الاوان». ويفترض برايس ان وراء ازمة الارجنتين تشابك عوامل قوية تمثلت في سياسة التقشف المالي والتشدد النقدي الذي فرضته حركة تدفق رؤوس الاموال الى الخارج، بالاضافة الى نظام سعر صرف صارم، في الوقت الذي كانت الارجنتين تحاول ان تتخلص من عبء الدين، وهذا ـ بالنسبة لبرايس ـ امر لا يمكن تحقيقه.

ويعلق اندرو فريرز ـ الاقتصادي في BNP Paribas ان «وجود عجز في مالية الدولة والحساب الجاري، وتمويلهما من خلال تدفقات خارجية، وتراكم الديون الخارجية الضخمة التي تحتم دفع خدمة ديون باهظة بالاضافة الى تثبيت سعر الصرف، تشكل مجموعة عوامل قاتلة. «للاقتصاد الارجنتيني خلال الازمة الاسيوية في نهاية سنة 1997 كانت المبالغة في التشدد المالي والنقدي في تايلاند، كوريا واندونيسيا السبب الرئيسي للنقد التي تعرضت له سياسة صندوق النقد الدولي. وقد رد مدير قسم اسيا ـ المحيط الهادئ في الصندوق كينو سيتو بان سياسة صندوق النقد تتعرض دائما للنقد «غير اننا اخذنا بعين الاعتبار امكانية تحقيق نتائج افضل، خصوصا في مجال السياسة المالية».

وقال سيتو ان الصندوق قلل من امكانية حصول ركود اقتصادي نتيجة القيود التي فرضها لمنح قروض الكفالة للدول التي اصابتها الازمة «في البداية فرضنا سياسة مالية متشددة، لكننا غيرنا طريقة عملنا عندما لزم الامر». اضاف سيتو.

وقد تلخصت استراتيجية صندوق النقد في العمل لخلق استقرار في اسواق صرف العملة عن طريق تنظيم برامج قروض ضخمة. فحصلت كوريا على اكبر قرض في تاريخ صندوق النقد وصل الى 58 مليار دولار اميركي. بعد ذلك، قرر الصندوق فرض سياسات نقدية متشددة بهدف خلق استقرار في قيمة العملة، كما فرض تشديدات مالية قاسية. ويعترف سيتو بان الصندوق ادرك لاحقا «ان بعض الدعم على صعيد الطلب كان ضروريا» غير ان هذا الادراك كان بطيئا في نظر المنتقدين.

غير انه بامكان صندوق النقد ان ينظر ببعض الرضى الى نتائج تجربته في كوريا وتايلاند. فقد نجحت كوريا في 23 اغسطس (آب) 2001 في اتمام كل ديونها المستحقة لصندوق النقد ضمن برنامج ستاند باي كريديت 1997.

اما تايلاند فقد تمكنت من دفع معظم المستحقات. لكن تبقى مشكلة اندونيسيا اصعب، وقد نال صندوق النقد الكثير من الانتقاد بسبب طريقة تعامله مع المشكلة. ويعتقد محللون ان التشابه الاكبر هو بين حالة اندونيسيا وبين ما يحصل الان في الارجنتين. فما زالت اندونيسيا تعاني من عجز مالي يساوي 4 في المائة من الناتج المحلي، ويمول بمعظمه من تدفقات خارجية.

ويقول فريرز ان ديون اندونيسيا بلغت 133 مليار دولار عام 2001 ـ ما يوازي 89 في المائة من الناتج المحلي، مقابل 146 مليار دولار او 55 في المائة من الناتج المحلي في الارجنتين. غير ان الفارق بين الحالتين ـ كما رآه فريرز ـ هو ان خدمة الدين الخارجي في الارجنتين تبلغ 92 في المائة في حين ان النسبة في اندونيسيا تساوي 26 في المائة فقط.