مصرف إسلامي سحب استثمارات بـ60 مليون دولار من بنك لندني خوفا من التجميد

مؤتمر المعاملات الإسلامية في لندن يبرز في يومه الثاني أهمية تجاوز نتائج أحداث 11 سبتمبر ورئيس ميريل لينش يرى بارقة أمل

TT

لعل آخر ما يمكن للمؤسسات المالية الاسلامية توقعه في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر (ايلول) هو تدفق الاستثمارات على صناديقها، او تهافت المؤسسات المالية الغربية على التعامل معها. ويأتي هذا نتيجة التشهير الذي تعرضت له هذه المؤسسات وربط النشاطات المالية الاسلامية بتمويل النشاطات الارهابية.

ولا يخفي مدير المعاملات المالية الاسلامية في «ناتيكسيز ماتلز» التابعة لـ«ناتيكسيز بنك بوبيولير» اشرف ملكه، انه لمس هذا الشعور في جولته الأخيرة على دول الخليج وذكر ملكه الذي يشارك في اعمال مؤتمر المعاملات المالية الاسلامية الذي تنظمه «يوروماني» في لندن لـ«الشرق الأوسط» ان وفد شركته الذي كان في جولة تسويقية استقبل بالدهشة من قبل معظم ممثلي المصارف الاسلامية، نتيجة اعتقادهم ان احداث سبتمبر وما تبعها ستؤدي الى ابتعاد المؤسسات المالية الغربية عن كل شيء اسلامي.

واعترف ملكه ان كثيرا من البنوك الغربية قد خففت من نشاطاتها الاسلامية، خاصة بعد سحوبات كثيرة لاستثمارات مصارف اسلامية مع هذه البنوك. وكشف ملكه ان احد البنوك الاسلامية سحب استثمارات بقيمة تتراوح بين 50 و60 مليون دولار من أحد المصارف اللندنية، لكنه رفض تسمية أي من المصرفين. وعلق ملكه بأن معظم هذه السحوبات جاء نتيجة خوف المؤسسات المالية الاسلامية من اتهامات التورط بعمليات غسيل الأموال او التعرض لتجميد حساباتها نتيجة الشك بالتورط في تمويل نشاطات ارهابية.

من ناحية أخرى، تواصلت امس أعمال المؤتمر السنوي الأول الذي تنظمه مجموعة «يوروماني» عن المعاملات المالية الاسلامية، بهدف «تقييم نمو وتطور المصارف والاستثمارات الاسلامية عالمياً».

وقد تم التركيز في محاضرات امس على السبل التقنية المساعدة على تفعيل أداء المعاملات المالية الاسلامية في الأسواق العالمية من خلال المؤسسات المالية الاسلامية او المصارف «التقليدية» التي فتحت فروعاً للتعامل المالي الاسلامي.

افتتح أعمال يوم امس نائب رئيس ميريل لينش في لندن جون فوس لافتاً الى انه بالرغم من ان الأشهر الخمسة الماضية كانت الأكثر صعوبة في تاريخ علاقات العالم الاسلامي مع بقية العالم، فانه يرى بارقة أمل تتجسد في الاهتمام غير المسبوق بالاسلام في الغرب. وقال فوس «ها نحن اليوم ندرس كيف يمكن لغير المسلمين من أمثالنا لعب دور في تطوير اسواق المال الاسلامية».

واعتبر فوس ان الاطار «الابراهيمي» الجامع للديانات الثلاث يجعل مساهمة غير المسلمين في انجاح المعاملات المالية الاسلامية ممكناً، نتيجة التقارب بين القيم الأخلاقية في هذه الديانات.

وأضاف فوس ان ايمان الفكر المالي الاسلامي بمبادئ المساواة الاجتماعية والعدالة في توزيع الدخل والحض على الحفاظ على الحرية الشخصية في انتاج وتوزيع السلع والخدمات، ليس غريباً عن غير المسلمين من العاملين في القطاع المالي، مشيراً الى ان انتاج أدوات مالية تتطابق مع الشريعة الاسلامية ليس بالأمر الصعب «لأن العامل الأخلاقي كان دوماً أساسياً في استثمارات الكثيرين من البروتستانت بشكل جعل قواعده متطابقة مع قواعد الشريعة».

لكن فوس تساءل عن مدى الاستعداد لخلق تجانس بين قواعد التنظيم والمحاسبة في القطاعات المالية العالمية وقواعد المعاملات الاسلامية، لافتاً الى النقص في الملاءمة بين القوانين، واعتبر فوس ان ازمة BCCI في بداية التسعينات التي رد عليها بنك انجلترا حينها بعدم قدرته على تنظيم المصارف الاسلامية، خير دليل على هذ النقص.

وتحدث القاضي محمد تقي عثماني من معهد النظم المصرفية والتأمينية الاسلامية في باكستان عن القضايا الأخلاقية والعملية الناتجة عن فتح «شبابيك» اسلامية في البنوك التقليدية، ورفض عثماني الدعوى الى مقاطعة هذه البنوك بحجة ان نشاطات هذه البنوك في مجال المعاملات الاسلامية كانت بناء على اهداف تجارية بحتة وليس ايماناً بتحريم الفائدة. لكنه أكد على ضرورة حرص هذه البنوك على التأكد من «الاسلامية التامة» لهذه المعاملات.

وشدد عثماني على ان حماية المعاملات الاسلامية في البنوك التقليدية يمكن ان تتم من خلال الفصل التام بين الشباك الاسلامي والأجزاء الأخرى من نشاطات المصرف، مؤكداً على ان المال المستخدم في الشباك الاسلامي يجب ألا يكون نتاج معاملات أخرى تضمنت استخدام الفائدة.

واعتبر عثماني ان الخوف على المصارف الاسلامية من المصارف التقليدية الكبرى ذات المعاملات الاسلامية أمر غير مبرر لأن «الهدف الأساسي هو تطوير المعاملات المالية الاسلامية، والمنافسة ستؤدي الى تحسين أداء السوق المالي الاسلامي».